انهرش مخنا كثيرا بحكاية الأموال المصرية الهربانة خارج الحدود التى تعود ملكيتها إلى إخواننا الفلول، ومع شديد الأسف كان سقف الأمانى عاليا فى وجود رئاسة ومجلس وزراء وبرلمان ومجلس شورى استولى عليه تيار الإخوان المسلمين، وتصورنا أن هؤلاء قادرون وجادون فى مسألة متابعة الأموال المصرية المهربة.. ولكن تبين أن إخواننا المسلمين كانوا بفضل الله خايبين فى كل الأمور فى السياسة والاقتصاد والمال والحكم والمصيبة أنهم أيضا خابوا فى أمور الدين.. المهم أن الأموال المهربة على ما يبدو سوف تضيع فى الكازوزه بفضل هذا الكسل الدولى الذى انتاب كل المسئولين وكل من تصدر لملف هذه الأموال، واليوم أسأل وأبحث وأتقصى أمر هذه الأموال فى عاصمة الضباب فإذا بى أجد نفسى مدهوشا أمام حقائق وقضايا وأمور بعضها فى حاجة إلى تفسير وبعضها فى حاجة إلى إعادة نظر وبعضها لابد وأن يدعونا إلى المطالبة بتحويل بعض المسئولين إلى محكمة شعبية أو ثورية من أجل وضع هؤلاء المسئولين عن الإهمال واللامبالاة على أعواد المشانق. فقد اكتشفت أن كل المحاولات المبذولة بل للدقة أغلبها كانت غير مجدية وغير جادة، بل عبثية وهذا هو ما أكد عليه بعض المسئولين فى اتحاد المصريين بالخارج وأضافوا أنهم أى إخواننا المسئولين قبل مجىء الإخوان استعانوا بمكاتب محاماة وشركات من بلاد الإنجليز وغيرها من أجل استعادة هذه الأموال، ولكن بعض هذه الشركات وجهت اللوم إلى الحكومة المصرية لعدم اتباع الإجراءات القانونية الواجب اتباعها لإتمام العمل، فهناك كما أفادت الشركة طرق قانونية لاستعادة هذه الأموال، ولكن مع الأسف الحكومة المصرية لا ترغب فيها.. وقد يسألنى أحدهم وما هى هذه الطرق.. فأقول يجب تقديم المستندات الدالة على أن هذه الأموال قد تمت سرقتها مع دليل اتهام لأشخاص بعينهم وثانيا تقديم براهين بأحكام نهائية نافذة ضد الأشخاص المذكورين، وثالثا وهو أمر شديد الأهمية إعلان المتهمين بهذه الأحكام لأنه بغير هذا الإعلان فلا قيمة للحكم من أساسه، ثم بعد ذلك إعلام الإنتربول.. وهناك أمور حساسة أيضا يجب مراعاتها فإذا كان هناك مسئول له صلات أو علاقات سياسية مع دول ومسئولين أجانب هنا لابد من لعب دور سياسى لدى هذه الدول لإقناعهم بالأمر ولدعم العمل القانونى، ولكن ومع شديد الأسف فإن العديد من الحكومات الأوروبية التى تم تهريب الأموال إليها قامت بالفعل بعمل تجميد لأرصدة بعينها، ولكن الشركات العالمية للمحاماة التى وكلتها الحكومة المصرية لمتابعة المسائل القانونية هذه الشركات أفادت بأنها لم تتلق أية مستندات قانونية يمكنها بها أداء عملها. وبالمناسبة هذه الشركات تعمل بمبدأ no win no ffesأى إذا خسرت القضية فلن تتقاضى مليما واحدا ذلك لانها تقوم باقتسام المبالغ المسروقة بعد ذلك مع الحكومة المصرية، ولكن مع الأسف الحكومة المصرية تغيرت خلال العامين الماضيين عدة مرات مما أدى إلى تغيير فى كل شىء، وفى كل مرة كانت هناك بدايات جديدة بمخصصات جديدة، وبالتالى فى كل مرة كنا نعود إلى نقطة الصفر وارتفعت التكلفة بشكل رهيب والمحصلة لا شىء حتى هذه اللحظة. السؤال الآن هل ضاعت الأموال المنهوبة ؟!
الإجابة بنعم كبيرة.. ولكن هناك أمل إلا إذا.. أول هام هنا هو تحديد جهة تتولى متابعة هذه الأموال وأن تتعاون هذه الجهة مع اتحاد المصريين فى بريطانيا ومع السفارة المصرية بشرط تغيير هذا السفير الذى يعود الفضل فى وجوده فى بريطانيا إلى نظام الحكم الأفشل فى تاريخ الإدارة المصرية حكم جماعة الإخوان المسلمين.. والتدخل لدى الحكومات الأوروبية من أجل إعادة تجميد الأموال المهربة والعمل بجدية فى المحاكم المصرية لإثبات عدم أحقية هؤلاء الحرامية فى الأموال التى هربوها للخارج ثم إعلان هؤلاء بالأحكام النهائية.. ولنأخذ من الحكومة البريطانية مثلا نحتذى به.. فقد قامت الحكومة بحصر لأموال عائلة مبارك فى المملكة المتحدة، وكما يقول الأستاذ مصطفى رجب صاحب البيت المصرى فى بريطانيا أن الحكومة البريطانية اكتشفت وجود مجوهرات باهظة الثمن فى إحدى الجزر البريطانية التى لجأت لها دوما الأموال المهربة لعدم وجود ضرائب فيها.. المهم أنهم عملوا حصرا لهذه الثروة التى تقدر بملايين الجنيهات الأسترلينية كما يقول البعض فإن أسرة مبارك أكدت على أن هذه المجوهرات عبارة عن هدايا فى مناسبات بعينها من اسر عربية حاكمة وشخصيات ثرية.. ولكن تقرر تحصيل حق الدولة فى بريطانيا منهم باعتبار أن أسرة مبارك - كما يقول العارفون ببواطن الأمور هنا - أنهم جميعا حصلوا على الجنسية الإنجليزية !!
وبالطبع مصر لها نصيب فى هذه الثروات المهربة وأخشى ما أخشاه أن تكون وسط هذه المجوهرات بعض من مجوهرات الأسرة العلوية، ولكن هذا الأمر لن ينفيه أو يؤكده سوى جدية الإدارة المصرية الجديدة فى متابعة هذه الكنوز والثروات فى أماكن تواجدها !!
وبالمناسبة اتحاد المصريين فى بريطانيا كان أكثر جدية من الحكومة المصرية فى العمل على استعادة هذه الثروة فقد بلغ الأمر إلى مبنى البرلمان فى بريطانيا. فقد تم طرح عدة أسئلة فى البرلمان من خلال النائب (آندى سلوتر) عضو البرلمان عن دائرة ( همر سميث ) ممثلا للعديد من المصريين المقيمين فى دائرته وجاءت النتيجة بسرعة عن طريق سكرتير الخارجية لشئون الشرق الأوسط السيد ( أليستر برت ) وتم ذكر أرقام الأموال وبياناتها وتم عمل تجميد لبعض هذه الأرصدة والتى تعود ملكيتها لا أقول إلى نهابين أو حرامية، ولكن أقول إلى 19 شخصا هم فى دائرة الاتهام لم تصدر بشأنهم أية اتهامات أو أحكام.
ومن خلال القاعدة الشهيرة أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته، فهذه الشخصيات هى حبيب العادلى وزير الداخلية وزوجاته وأولاده وأحمد عز وزوجاته وأولاده ورشيد محمد رشيد وأقاربه ومحمد حسنى مبارك وزوجته ونجليها وقد أشارت بعض المعلومات الى أن يوسف بطرس غالى تم حصر ثروته فى بريطانيا فقط بستة ملايين جنيه استرلينى.
وهنا يجب أن تتحرك الجهات المصرية الرسمية من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه الأموال التى تعود ملكيتها إلى الشعب المصرى ولأنه لا يضيع حق وراءه مطالب فإننى أدعو السيد حازم الببلاوى والعزيز زياد بهاء الدين من أجل أخذ المسائل بشكل جدى وعدم التهاون فى هذه الأموال والمجوهرات الثمينة التى لا تقدر بثمن.