سيطرت حالة من الحزن والأسى على قرية المهدية مركز ههيا بمحافظة الشرقية، مسقط رأس الشهيد عبدالفتاح عبدالحميد محمد - 22 سنة، المجند بقطاع الأمن المركزى برفح والذى استشهد فى مجزرة رفح الثانية التى راح ضحيتها 25 مجندًا على أيدى مجموعات إرهابية متأثرًا بإصابته بطلق نارى فى المخ والكتف، توفى على أثرها فى الحال، وقد ودّع الآلاف جثمان الشهيد وسط زغاريد السيدات وتكبيرات الأهالى. وقد انهمرت دموع المشيعين وتعالت هتافاتهم المنددة بالجماعات الإرهابية والمطالبة بالقصاص لشهداء الوطن وحماة ترابه ومنها «لا إله إلا الله والإرهابى عدو الله»، «لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله»، «حسبنا الله ونعم الوكيل»، «إلى الجنة يا شهيد»، «يا شهيد ارتاح ارتاح واحنا نكمل الكفاح»، «الإخوان خونة وقتلة باعوا ولادنا للصهاينة» وغيرها. وخيم الحزن والأسى على أرجاء القرية التى اتشحت بالسواد.
وقد تعالت صرخات النساء وهتافات الشباب المطالبة بالقصاص للشهداء، وتعليق مرتكبى الحادث فى مشانق بالشوارع والميادين العامة ليكونوا عبرة لغيرهم، ومنعوا أى عضو من الإخوان من المشاركة فى تشييع الجثمان.
وقد أصيب والدا الشهيد بانهيار عصبى وحالة إغماء وبكاء هستيرى فور علمهما بالخبر المشئوم، ولم يستطيعا الذهاب للقاهرة لاستلام جثمانه وتولى ذلك بعض أفراد عائلته.
وأخذت الأم تهذى بكلمات غير مفهومة مرددة عبارات هزت القلوب المتحجرة، وتعالت صرخاتها حزنا على فلذة كبدها مرددة «قتلوك يا عبده قبل فرحك بأسبوع، استكتروا عليا أشوف زفتك لعروستك، وبدل البدلة لبست الكفن» ثم تنهار.
وقال فتحى مكاوى عم الشهيد: تلقينا إشارة من مركز ههيا للحضور للأهمية، وبذهابنا إلى المركز، أتى علينا كالصاعقة خبر وفاته، وقد قررنا أخذ العزاء فيه لحين تقديم منفذى العملية للمحاكمة الفورية والقصاص للشهداء.
وتابع: الشهيد كان العائل الوحيد لأسرته ووالده معاق وكانت آخر مكالمة معه حيث طالبهم بانتظاره حتى يعود بشهادة تأدية الخدمة العسكرية.
وناشد عم الشهيد رجال القوات المسلحة والشرطة الثأر للشهداء وملاحقة الإرهابيين فى كل مكان وإعادة الأمن لمصر.
وقال والد الشهيد العامل الزراعى الذى يعانى من مرض الشلل الرعاش، إنه أوسط أشقائه إلى جانب ثلاثة آخرين محمد الأخ الأكبر متزوج ومهدى 9 سنوات بالصف الثالث الابتدائى وأخت متزوجة، ويشهد له الجميع بالطيبة وحسن الخلق ومحبوب بين أقاربه و أبناء القرية.. وأكد والده،أنه كان ينتظر اليوم الذى يدخل عليه الشهيد بشهادة نهاية الخدمة لكى يزفه على ابنة خاله التى تمناها قلبه وأجل حفل زفافه لحين إنهاء خدمته العسكرية ويفرح بيه لأنه الوحيد الذى لم ينل حظه من التعليم مثل باقى أشقائه وخرج من المرحلة الابتدائية لمساعدته فى العمل ولكن إرادة الله أن يزفه إلى عروسته فى الجنة.
وطالب والده الفريق عبدالفتاح السيسى بالقصاص لابنه من القتلة الإرهابيين، مشيرا إلى أنه لن يرتاح إلا بعد القصاص لابنه.
وقال: إن فرحه كان محددا له بعد أيام، وأنه قد أعد عش الزوجية وأشرف على ترتيبه بنفسه، قبل سفره بساعات قليلة.
وقال شقيقه الأكبر محمد: إن الشهيد كان يشعر بأن مكروها سوف يلحق به، حيث كان حريصا على وداعهم جميعا قبل سفره، وأضاف: أخى الشهيد هو العائل الوحيد لأسرتنا، نظرًا لإصابة والدى ببتر فى يده وعدم قدرته على العمل، وكان يسعى دائمًا إلى العمل بالحقول الزراعية، حيث إنه أمى لا يقرأ ولا يكتب، وقد ودعنا قبل ذهابه لتسليم «المخلاة» وتلقينا بعدها اتصالا هاتفيا منه فى التاسعة صباحًا ليخبرنا أنه وصل إلى العريش وفى طريقه للمعسكر مع مجموعة من زملائه المقيمين بالإسماعيلية لينقطع الاتصال به، ثم علمنا أنه ضمن الجنود الذين استشهدوا.
كما أضاف شقيق الشهيد، إنه يحمّل وفاة شقيقه إلى قيادات جماعة الإخوان المسلمين، والرئيس المعزول مرسى، وأنه فى طريقه إلى رفع دعوى قضائية يتهمهم فيها بقتل شقيقه.
أما خطيبته وابنة خاله «نورا توفيق» 18 عاما فقد أصيبت بانهيار ولم يتوقف بكاؤها غير مصدقة ما حدث، وأنها لن يتم زفافها له.
وقالت «منهم لله القتلة.. لقد سرقوا فرحتى وخربوا بيتى، ربنا يخرب بيتهم وينتقم منهم»، ثم تنهار قائلة: لقد اتصل بى قبل الحادث بساعات قليلة وطلب منى ألا أفارقه أبدا، وهو لا يعلم أن القدر له بالمرصاد وأن رصاصات الجبناء سوف تخطفه منى.
وقد نشبت مشادات واشتباكات عنيفة بعد أن هاجم الأهالى قيادات الإخوان بمنازلهم وأضرموا النار بها واضطروهم للهروب، وأضرموا النيران بمقر حزب الحرية والعدالة وأربعة محلات وعدد من سيارات قيادات الإخوان، تعبيرا عن غضبهم لمقتل ابنهم بسبب تمسك الجماعة بالحكم على حساب دماء أبنائهم.
وكان اللواء سامح الكيلانى وعدد من القيادات موجودين بالعزاء قبل إشعال النيران بالمحلات بوقت بسيط لتقديم واجب العزاء، حيث طالبه أهالى القرية بالقصاص للشهيد. وعلى الفور تم الدفع بسيارتين من الحماية المدنية للسيطرة على الحريق. ونجحت الأجهزة الأمنية فى السيطرة على الاشتباكات التى تجددت مساء الثلاثاء، دون وقوع إصابات، حيث تم التفاوض معهم بمعرفة ضباط مركز ههيا. وأمر مدير الأمن بتواجد تشكيل للأمن المركزى لحين إنهاء الخصومة.