فى السبعينيات رفضت مرفت التلاوى طلب جيهان السادات، بأن تكون إحدى عضوات البرلمان، بعد أن خصصت 30 مقعدا للمرأة فى البرلمان. كانت مرفت ترى أن أمامها مهمة أكبر، وهى الوصول إلى منصب سفيرة، لتفتح الطريق أمام المصريات فى السلك الدبلوماسى، للوصول إلى نهايته.
وفى التسعينيات اختيرت وزيرة للشئون الاجتماعية فى حكومة الجنزورى، ثم أمينا عاما للمجلس القومى للمرأة فى عام 2000. وفى 2001 رأست اللجنة الاقتصادية والاجتماعية بالأممالمتحدة لغرب آسيا، لتعود ثانية فى 2011 رئيسة للمجلس القومى للمرأة.
وخلال حكم الإخوان المسلمين فى العام الماضى، واجهت التلاوى ضغوطا كثيرة، لوقف عمل المجلس وإلغاء دوره.
تفاصيل كثيرة كانت محور حديثنا معها..فى صباح الخير.
∎كيف مر عام حكم الإخوان المسلمين فى أروقة عمل المجلس؟
- الإخوان لم يكونوايحبون المجلس القومى للمرأة، ولا رئاسته ولا المجلس ذاته، وسيدات الإخوان كن يردن إلغاءه قبل الرجال، وتحويله إلى مجلس للأسرة، وحاولنا أن نقنعهم بوجود مجلس للأسرة والسكان ومجلس للأمومة والطفولة، يقوم بمهمة مجلس الأسرة، لكن دون جدوى. حاولنا أن نوضح لهم أن سوزان مبارك ليست صاحبة فكرة إنشاء المجلس، وأن إنشاءه كان استجابة لطلب الأممالمتحدة منذ عام 1975 بإنشاء كيانات وطنية للمرأة، وكان أول تطبيق لهذا المطلب فى مصر، هو إنشاء لجنة للمرأة بوزارة الشئون الاجتماعية فى أواخر السبعينيات.
ومن بين الضغوط التى مارسها الإخوان فى العام الماضى تقليل ميزانية المجلس مليونين ونصف المليون جنيه، من إجمالى 30 مليون جنيه، يذهب 60٪ منها للأجور، كما لم تصل إلى المجلس أى منح خارجية، لتطبيق أى مشروع من مشروعاته.
كنت أتعجب لماذا لا تساعدنا أى جهة غربية فى تطبيق مشروعاتنا، ولم أكن أعرف لماذا لا تتم دعوتى إلى أى احتفال بأى سفارة، فى حين كنت أدعى قبل لهذه الاحتفالات من قبل.
واكتشفنا الآن أنها كانت مؤامرة كبيرة، وأنهم كانوا متفقين مع الإخوان، لم يكونوا يريدون إثارة المشاكل مع الإخوان، أو سمعوا كلام البعض الذين كانوا يقولون أنهم سيلغون المجلس، فى حين أن الجميع يعرف أنه لا يمكنهم إلغاء المجلس، لأنه أنشىء بموجب اتفاقيات دولية.
∎كيف رأيت مبادرة الرئيس مرسى للمرأة؟
- كانت محاولة لإنشاء جهاز بديل للمجلس القومى للمرأة، من خلال مبادرة تجمع بين رئاسة الجمهورية، والمركز القومى للبحوث الاجتماعية الجنائية، والهيئة العامة للاستعلامات، ومركز البحوث الاجتماعية الذى يتبع وزارة الشئون الاجتماعية، ليس هيئة تضع سياسات أو تشريعات للمرأة، وإنما هو جهاز أنشىء من عام 9491 ليبحث فى قضية اجتماعية مثل أطفال الشوارع وغيرها من الجوانب الاجتماعية والقانونية، كما أن هيئة الاستعلامات، بعيدة أيضا عن العمل فى مجال المرأة.
الغريب أيضا ذلك التضارب الذى كان يحدث من نفس النظام فى مجال المرأة، ففى الوقت الذى كلفنا فيه رئيس الوزراء وقتها هشام قنديل، بوضع مشروع قانون لمواجهة التحرش الجنسى، سمعنا أنهم أيضا يضعون مشروعا لنفس القانون، وعرفنا أن القائمين على المبادرة أخذوا مشروعنا وادعوا أنه مشروعهم.
∎وكيف استمر العمل داخل المجلس رغم هذه الضغوط والتدخلات ؟
- المشكلة أننى كنت أواجه ضغوطا من خارج المجلس، فى نفس الوقت الذى كنت أواجه فيه مشاكل فى ترتيب المجلس من الداخل.
لم أكن أتوقع أن أترشح لمنصب رئيس المجلس بعد ثورة يناير، خاصة أننى خرجت من وزارة الجنزورى السابقة بخلافات معه، ورغم هذا اختارنى للمنصب، على اعتبار أنى أعلم الناس به ، لأننى كنت أول من تولى تأسيسه عند انشائه فى عام 2000 ولمدة عام كامل.
لم أفرح بهذه المسئولية، لأنها منعت عنى أن أكونفى مكان أفضل، ومنعتنى أن أكتب مذكراتى، وأن أشغل مكتبى الاستشارى، وأن أراعى أرضى التى ورثتها، وليس فى هذه المسئولية أى ميزة مادية، بالإضافة إلى أن قضية المرأة كلها مشاكل، ليس فقط منذ أيام سوزان مبارك، لكن من أيام جيهان السادات.
كانت المفاجأة غير السارة التى وجدتها عندما رأست المجلس فى 2011 هو وصول عدد موظفيه إلى 310 موظفا، بنفس الميزانية التى كان يعمل بها 60 موظفين فقط، عندما تركته فى 1002 ثلثهم معاونون خدمة وأمن وسائقون، أكثر من قدرة السيارات المتهالكة الموجودة بالمجلس، مما اعتبرته نوعا من قتل الأجهزة الناجحة .
فلم يحرص المسئولون عن المجلس على رفع مستوى علم وكفاءة الموظفين وصيانة المكان، ووصل الإهمال لحد أن سحبت أرض خصصت للمجلس من عام 2002 فى مدينة نصر، وعملت على استردادها، وستبنيها القوات المسلحة، بعد أن فقد المجلس مقره، فى أحد طوابق مبنى الاتحاد الاشتراكى، الذى أحترق خلال أحداث ثورة يناير.
كما حدث تراخ من المسئولين فى الترويج عن عمل المجلس، واعتمدوا على أن رئيسته هى زوجة الرئيس، فأصبح هناك عازل بين المجلس والشعب، وبالتالى بعد الصحفيون عنه ، وبعض الجمعيات الأهلية شعرت بعداء ضده.
∎لكننا تابعنا أيضا مشكلات فى تشكيل المجلس؟
- بعض أعضاء المجلس لم يكن لديهم الوقت الكافى للتواجد والعمل بالمجلس رغم أنهم شخصيات مشهود لها بالكفاءة، مثل د. محمد نور فرحات، وسمير مرقص، ود. صابر عرب.
وكان بعض الأعضاء الآخرين يفتقدون الخبرة فى مجال المرأة وليس لديهم تخصص يمكن أن يفيد العمل، وأغلب هؤلاء استغلوا عضويتهم للمجلس للظهور فى الفضائيات، والكتابة فى الصحف.
كما أننى طلبت من نهاد أبو القمصان أنها تتنحى عن الأمانة العامة للمجلس، لأن وجودها كان فيه تضارب مصالح، لأن لديها جمعية، ستحصل على دعم مالى من المجلس، لتنفيذ مشروعاته، مثل باقىالجمعيات .
ورغم كل هذا نجحنا بفضل التعاون مع شيخ الأزهر ومفتى الديار المصرية ووزير العدل، فى التصدى لمنع تغيير 4 قوانين كادت أن تلغى خلال العام الماضى، ومنها قانون حق الخلع، التى روجوا أنه السبب وراء تفكك الأسرة، وكان ردنا أن حالات الخلع سنويا لا تزيد علي 8 آلاف حالة، فى حين أن حالات الطلاق بالإرادة المنفردة، يبلغ 145 ألف حالة سنويا، حسب إحصائيات وزارة العدل لعام 2010.
كما تصدينا لمن كانوا يريدون تغيير سن الحضانة لأبناء الطلاق فى القانون، من 15 سنة إلى 7 سنوات، وكان هدفهم أن يحصل الزوج على شقة الحضانة، كما أرادوا خفض سن توثيق الزواج من 18 إلي 9 سنوات، رغم أن كل هذه القوانين وضعت وفقا للمذاهب الفقهية الأربعة.
كان خروجك من المجلس فى 2001 بعد 11 شهرا فقط من توليك تأسيسه مثارا للأقاويل، فماذا كانت الحقيقة؟ الخوف من النجاح أقلق البعض وقتها، ولم أتحمل الضغوط، فتركت المجلس، إلى العمل فى الأممالمتحدة.
الرئيس مبارك كان مترددا فى إنشاء المجلس، تنفيذا لمطالب الأممالمتحدة فى السبعينيات لإنشاء آلية وطنية للمرأة ، فى كل دولة ، تضع سياسات المرأة، فأنشأوا بدلا منه مجلس قومى للأمومة والطفولة، واعترضت وقتها فى منتصف الثمانينات، وقلت لزوجة الرئيس وقتها أن الأمومة أحد أدوار المرأة، وليست كل الأدوار، وطلبت الإبقاء على لجنة المرأة فى وزارة الشئون الاجتماعية، لكن بقيت هذه اللجنة بعيدة عن الاهتمام .
وعندما أنشىء المجلس فى يناير سنة 2000 وتوليت أمانته، استطعنا خلال 11 شهرا، أن ننظم 5 مؤتمرات كبيرة، فى 16 مارس نظمنا مؤتمرا قوميا حضره الرئيس مبارك وزوجته، و3000 شخص وأنشأنا منظمة المرأة العربية، كل هذا دون ميزانية محددة للمجلس، ولا سيارات ولا هواتف، كنا نعمل بإمكانياتنا ، نستعير مقاعد من مدير بنك الدلتا وقتها، على نجم ، الذى كان بالطابق الرابع من مبنى الاتحاد الاشتراكى .
وطلبت من سامى سعد رئيس شركة مرسيدس وقتها أن يرسل لنا سيارة، على أن ندفع ثمنها بعد أن تخصص لنا ميزاينة، وهكذا، واستطعنا أن نصدر عددا كبيرا من المطبوعات ، بعد أن نجح المركز فى جذب الكثير من المثقفين، لدرجة أن سفيرة السويد وقتها فى مصر، قالت لم أر هيئة حكومية نجحت هنا من قبل، وأصبحت حديث المدينة، مثلما حدث مع المجلس.
كما نجحت وقتها فى جلب منحة من عبد اللطيف الحمد رئيس الصندوق العربى للإنماء، لاستخراج 3 ملايين بطاقة رقم قومى، وقروض دوارة، للفقيرات فى الريف، وجلبت مليون دولار من أمريكا لإنشاء مركز مهارات المرأة بالمجلس، جمعت فى السنة الأولى 18 مليون جنيه، بخلاف الميزانية المخصصة للمجلس وقتها، وكانت 24 مليونا، فقد كان أغلب عمل المجلس قائما على المعونات الأجنبية أكثر من ميزانية الدولة.
∎ما رأيك فى تخصيص مستشار لرئيس الجمهورية للمرأة؟
- إن من الخطأ تخصيص مستشار للرئيس للمرأة فقط، وكان من الأولى أن يكون المستشار للقطاع الاجتماعى الثقافى كله، بما يشمل المرأة والطفل والمسنين والمعاقين والشئون الاجتماعية والثقافية.
مستشارة الرئيس للمرأة، الكاتبة سكينة فؤاد، شخصية محترمة ومفكرة، ودعوناها فى المجلس للاطلاع على ما لدى المجلس من معلومات وأبحاث ومطالب، وكان موقفها طيب للغاية، للتنسيق بين المجلس وبين الرئاسة، لضمان وصول صوت المرأة ورأيها للرئاسة.
قدم المجلس لمستشارة الرئيس ترشيحات المجلس لأسماء نسائية لمناصب محافظ ومساعد محافظ ورئيس حى ورئيس مدينة، كما أرسلنا ترشيحات من قبل للحقائب الوزارية، وأخذ بالفعل ببعض هذه الترشيحات، رغم التراجع عن تولية د. إيناس عبد الدايم حقيبة وزارة الثقافة وعن تولية وزيرة لحقيبة البحث العلمى، بسبب ضغوط حزب النور، وهو ما رفضه المجلس.
∎ما مطالب المجلس من لجنة تعديلالدستور المعطل بثورة يونيو؟
- بعدما رأيناه فى الفترة الماضية، نرفض تعديل الدستور المعطل الآن ، فلم يحقق شيئا للمرأة، بل استبعد الإشارة إلى الاتفاقيات الدولية ومنها إتفاقية منع الإتجار فى البشر، ونطالب بوضع دستور جديد، تكون له رؤية وهدف واضح، وهو أن تكون مصر دولة ديمقراطية مدنية حديثة، تقوم على المساواة، وعدم التفرقة بين المواطنين، واحترام الفرد وحريته.
وأرسلنا ترشيحاتنا إلى لجنة العشرة، بالأسماء التى يمكن أن تشارك فى لجنة صياغة الدستور، ولابد أن ينص فى الدستور على تخصيص حصة لا تقل عن ثلث مقاعد البرلمان، وفى قوائم الأحزاب فى الانتخابات ، وفى المجالس المحلية، لأن المرأة تشارك بنسبة لا تقل عن 49٪ فى كل مجالات الصحة والتعليم وغيرها من جذور أساسيات دولاب الدولة، ولا تنعكس هذه النسبة على وجودها فى المناصب القيادية، خاصة المناصب السياسية، ولا يختلف فى ذلك الأحزاب الليبرالية عن الأحزاب ذات التوجه الدينى.
∎كيف ترين المرحلة الانتقالية التى تمر بها مصر الآن؟
نحن مع المصالحة الوطنية، لكن مع محاسبة المتورطين فى العنف، وتقسيم أرض مصر والتخابر مع الأجانب، ونطالب بحل الأحزاب التى نشأت فى الفترة الأخيرة على أساس دينى، لأنها خلطت الدين بالسياسة، واستخدمت الدين أسوأ استخدام،
كما يرفض المجلس السماح لكل من يرغب فى زيارة الرئيس السابق محمد مرسى، بزيارته، خاصة الزائرين الأجانب لمصر، لأنه فى النهاية متهم وسجين، ولا يجوز السماح بزيارته إلا لممثلى الصليب الاحمر، «لماذا لم يطلب أحد منهم زيارة الرئيس الأسبق مبارك فى محبسه»؟
كما أطالب بأن يكون استقبال الضيوف الأجانب لمصر، وفقا للبروتوكول الرسمى، وليس أكثر، حتى يتسنى للمسئولين فى الدولة النظر فى الشئون الداخلية، لنتفادى أخطاء المرحلة الانتقالية السابقة، فعلى الوزارة الجديدة الاهتمام بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لتوفير فرص العمل وتشغيل المصانع المتوقفة، وتسهيل سير الحياة، ليشعر المواطن بالفرق بين الفترة السابقة، والحكومة الجديدة فى أسرع وقت.
∎ما هى أولويات عمل المجلس خلال المرحلة الحالية؟
- سيشكل المجلس لجنة لمراقبة الأحداث الداخلية خلال الفترة الانتقالية التى تمر بها مصر، لتكون بمثابة مرصد للأحداث، حتى لا يتكرر لنا ماحدث فى الماضى، وحتى لا تضيع أصوات النساء فى الانتخابات، وهى التى ارتفعت فى مظاهرات ثورة يوينو.
كما سنراقب كتابة الدستور، وسنستكمل وثيقة احتياجات المرأة، بالاتفاق مع شيخ الأزهر لتعديل وثيقة المرأة التى وضعت مسودتها، وسنعمل مع الأحزاب فى تدريب السيدات على خوض الانتخابات ومع الناخبات توعيتهم إزاى ينتخبوا صح، الإعداد للانتخابات، واعادة النظر فى كل القوانين التى لم نتمكن من تصحيحها لصالح المرأة، منذ 1929 وحتى الآن، لنطالب بتعديل ما يحتاج إلى تعديل منها.
كما سيشكل المجلس مرصدا إعلاميا، يرصد كل التجاوزات التى تشن ضد المرأة، سواء فى الدراما أو الإعلانات، أو غيرهما، لنتصدى لهذا الخطاب المضاد لمشاركة النساء، مع مراجعة المناهج الدراسية فى المدارس، للعمل على إعادة الأجزاء الخاصة بمسيرة المرأة، التى حذفت من بعض المناهج خلال الفترة السابقة