«يسقط يسقط حسنى مبارك»، «ارحل يا مبارك» إلى «إحنا أسفين ياريس».. هذا ما حدث بالفعل فى المحاكمة الأخيرة للرئيس السابق حسنى مبارك.. عندما دخل القفص داخل قاعة المحكمة بشكله الأنيق مرتديا ساعة ذهبية ويلوح بيديه الاثنتين لمؤيديه وكأنه يمر فى موكب جمهورى والابتسامة العريضة لا تفارق وجهه.. ولم يظهر عليه التوتر والقلق بل كان مطمئن القلب ومرتاح البال.. وكأنه يطمئن مؤيديه بأنه سيخرج قريبا.. وبعد هذه المحاكمة انقلب الموازين.. وازدادت شعبيته ونسى الناس 30 سنة عاشوها فى فقر وذل وقهر وظلم.. وتعاطف الناس معه.. وظهر ذلك من خلال اللافتات التى حملها الناس أمام المحكمة ومستشفى القوات المسلحة مكتوب عليها «فين أيامك يا مبارك» و«ارحمنا من حكم الإخوان» و«سامحنا ياريس».. وهذا ليس لأنه كان رئيسا صالحا وعادلا ويراعى حقوق البسطاء ولكن لأنناافتقدنا بعد الثورة الأمن والاستقرار الذى كان موجودا بصورة شكلية فى عهده .. فبعد أن أخلى سبيله فى قضية قتل المتظاهرين.. وتحسر أهالى الشهداء على أبنائهم .. السؤال الأهم الآن هو: ماذا لو خرج مبارك من السجن؟!.. تحدثت مع سياسيين ومجموعة من الناس كى أعرف آراءهم.
∎البلد مازال منهوبا ومسروقا..
فى البداية تقول منار على- ربة منزل-:
لن يفرق معى خروج مبارك أو عدم خروجه من السجن.. فالبلد مازال منهوبا ومسروقا.. وهو السبب فى ذلك.. مازلت أكن له كل الكراهية.. جوّع الشعب وجعله فقيرا.. أهان شبابه وجعله عاطلا وشرد مستقبله.. وجعله ذليلا .. وكان فى يده أنه يكسب حب وود الشعب فى آخر لحظة لكن جبروته وفرعنته هى من وضعته فى السجن.. وأنانيته وعدم تعيين نائب له هو ما وضعنا فى مأزق أمام الاختيار بين اثنين أسوأهما مر .. فهو أطاح بالبلد وبشعبها.. وتعامل معنا بعبارة «أنا ومن بعدى الطوفان» .. وبالفعل منذ تولى الإخوان المسلمون الحكم ونحن عايشين فى طوفان!.. لم يتغير أى شىء بل الحياه تسير إلى الأسوأ.. فالبلد خيم عليه الكآبة والحزن.. والإخوان يسيرون على نهج مبارك فى كل شىء.. يعملون لمصالحهم الشخصية.. فلا يوجد اختلاف بينهم.. فالاثنان وجهان لعملة واحدة.. لكن الفرق الضئيل بينهما هو أن فى عهده كان الأمن والاستقرار موجودين نوعا ما.. فما كنا نعانى منه فى عهده مازلنا نعانى منه فى عهد الإخوان.. فهذا الرجل بالنسبة لى مات حتى لو خرج من السجن.. فهو أغرق شعبا وبلدا بالكامل وأعطى الفرصة لأعدائنا للتدخل فى شئوننا الداخلية.. وهذا ما جعلنى لا أشارك فى أى انتخابات .. لأنه بعد تنحيه علمت أن هناك كارثة كبيرة ستأتى تطيح بالبلد وتقسم شعبها.. وما توقعته يتحقق الآن!
∎كان رجلا طيبا!
تركتها لأتحدث مع الحاجة أم فاروق - بائعة الخضار- ذات ال 71 عاما فوجدتها تقول: لو خرج مبارك من السجن أنا هرقص وأوزع شربات على الناس.. أصل الراجل ده كان طيب.. أنا نفسى أزوره فى المستشفى وأشوفه لو عايز فلوس أوحاجة.. وأقول له متزعلش.. أنا رحت له كتير بس هما رفضوا يدخلونى.. وعلى طول بدعى له أن ربنا يفك حبسه.. ده ربنا رحيم إزاى بقى إحنا بشر ومش رحمينه!.. أنا عايزه أقول للشباب بتوع الثورة إن ده رجل كبير واعتبروه زى أبوكم.. هو فى حد يعمل كده فى أبوه!.. هو مش ملاك ده بشر ومن حقه يغلط وإحنا نسامحه.. مش أحسن من البلطجية إللي بدقون إللى موجودين دلوقتى..
∎لو خرج سنقوم بثورة أخرى..
باسم خيرى- 25 سنة - محاسب يقول:
أكيد طبعا لو خرج مبارك من السجن سنقوم بثورة أخرى.. لأننا لم نقم بثورة كى نأتى بنفس النظام .. الذى حكم 30 سنة لم نر منه سوى 10 سنوات حكما عادلا و20 سنة ظلما وفقرا وذلا .. كما أننا لم نتنازل عن حق إخوتنا الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل خلع نظامفاسد بأكمله.. فقد أعطينا حسنى مبارك فرصة فى بداية الثورة، لكنه لم يستغلها كى يعدل قراراته ويراجع نفسه واستخف واستهزأ بنا.. حتى وجد نفسه فى السجن.. فمن الصعب خروجه.. وبالتالى لم أتعاطف معه لأنه لم يتعاطف معنا من البداية.. وتعامل معنا وكأننا أعداء الوطن وليس أبناء وطن
∎من المستحيل أن يعود للحكم أخرى
حسام محمد - طالب جامعى بكلية الهندسة- يقول:
انا أشفق على مبارك لأنه هو من أطاح بنفسه.. فإن خروجه لن يؤثر على البلد.. فإذا خرج سيسافر يقضى باقى عمره فى الخارج أو يجلس فى منزله مثلما يفعل أى رئيس.. لكن من المستحيل أنه يعود للحكم مرة أخرى.. فإن تعاطف الناس معه يرجع إلى أنه رجل كبير ولا يتحمل «البهدلة». لكن ليس لأنه كان حاكما صالحا عادلا.. وإلا لما قمنا بثورة من البداية! .. فمؤيدوه هم الذين كانوا يستفيدون منه حتى آخر وقت
بينما الدكتور عبد الرحيم على - مدير المركز العربى للدراسات- يقول:
لا عودة للوراء على الإطلاق ولا يمكن بأى حال من الأحوال عودة الرئيس مبارك ونظامه إلى الحكم.. فيجب أن نفرق بين الغضب العارم الشعبى على تصرفات د. مرسى وجماعة الإخوان المسلمين فى مصر وبين أن يصب هذا الغضب فى النهاية فى اتجاه عودة الرئيس مبارك.. فيوجد فرق بين عودة نظام وبين أن يعود رأس النظام للسلطة.. رأس النظام لن يعود إلى السلطة قد يأتى رجل من النظام أو محسوب أو عاش أو عمل فى النظام السابق مثل الجنزورى أو أحمد شفيق.. قد يأتى أحد من القوات المسلحة عمل تحت إمرة الرئيس مبارك.. لكن مع تحقيق أهداف الثورة.. لو لم تتحقق أهداف الثورة سينتقل البلد من سيئ إلى أسوأ.. العدالة الاجتماعية، حرية الناس فى اختيار حكمهم بدون تزوير أو بدون فرض إرادة.. الكرامة الإنسانية لكل مواطن وأن تلتزم الشرطة وأجهزة الدولة القانون فى التعامل مع المواطن.. وأن يلتزم المواطن بالقانون فى التعامل مع الدولة .. هذا ما يريده المواطن .. لكن لا عودة للوراء ولا عودة لنظم قمعية، لا عودة لمبارك.. فلو خرج مبارك من السجن سيخرج مواطنا عاديا إما يجلس فى البيت أو يسافر خارج البلد.. لكن لا حجر على أحد غير مبارك من ممارسة السياسة والعمل العام.. قد يمارس ابنه السياسة ويختار الناس..
قد يمارس كل وزراء حسنى مبارك السياسة بعد ذلك وكل قيادات الحزب الوطنى قد تمارس السياسة ..
فنحن أمام مرحلة جديدة قد يأتى فيها رجل من النظام السابق نظيف اليد والسمعة .. الناس تختاره نكاية فيما يحدث من الإخوان .. لكن بالنسبة لعودة الرئيس مبارك فهذا مستحيل.. كما يجب أن نفرق بين شعبية الناس له وبين أن يقبل أحد بعودة الرئيس مبارك للحكم.. الناس ثارت على تصرفاته فمن صنع الفساد ومن صنع الكبت ومن جعل الإخوان يتغولون على الناس بهذا الشكل ..صنيع هذا النظام.
أما الدكتورة كريمة الحفناوى- الأمين العام للحزب الاشتراكى المصرى- فتقول: إذا خرج مبارك من السجن ستكون هناك ثورة.. وسيكون هناك تواطؤ من النظام الحالى الذى لا يختلف كثيرا عن نظام مبارك فالنظام الحالى على «رأسه بطحة» ولايريدون أن يوضعوا فى قفص الاتهام ويسير على نفس سياسات مبارك سواء فى القمع أو الاستبداد أو فى السياسات الاقتصادية أو فى الجرائم الأمنية.. فبالتالى من الممكن أن يخرج مبارك فى إطار هذا التحليل.. فإن خروجه سيكون هناك تورط من النظام الحالى.. وهذا على مستوى إذا كان سيخرج أم لا.. لكن على مستوى الغضب الشعبى .. فالغضب الشعبى المصرى مستمر لحين القصاص العاجل وليس من مبارك فقط، لكن لكل الحكومات التى جاءت بعد سقوط مبارك وحكم الإخوان المسلمين فكلهم مسئولون عن اقتراف جرائم .. ولابد من تقديم كل من قتل شهيدا من شهداء الشعب المصرى الى المحاكمات.. فإن إخلاء سبيل مبارك فى قضية قتلالمتظاهرين لا يعنى البراءة .. فإن المحاكمة ستعاد مره أخرى يوم 5 / 11 .. فلن يهدأ الشعب المصرى إلا بالقصاص العاجل .. وسيستمر غضب الشارع وغضب أهالى الشهداء وغضب كل المصريين حتى نأخذ قصاصنا من هؤلاء وهذا على مستوى الشعب دكتور.
نبيل القط: مبارك أصبح الآن تاريخاً وذكرى فى عقول الناس
دكتور نبيل القط - استشارى الطب النفسى - يقول:
مبارك لم يكن موجودا فى حياة الناس من الأساس.. وانتهت مرحلته منذ تنحيه ولذلك من الصعب أن يعود مره أخرى.. فهو أصبح تاريخاً وذكرى فى عقول الناس.. ونظامه أصبح الآن كله فى حكم الإخوان.. حتى رجال الأعمال والعائلات التى كان يعتمد عليهم فى حكمه أصبح أغلبهم الآن إما مع الإخوان أو مع أحزاب أخرى.. وبالتالى من الذى سيقف مع مبارك.. فمن المستحيل أن نجد أى تشكيلات اجتماعية ستقف معه!!!.. حتى أبناء مبارك الذين كانوا يستفيدون من الحزب الوطنى ، ماذا سيفعلونمن بعده، لا شىء!!.. لذلك أتصور أن مبارك مثال للأب الذى ترك أولاده و سافر..ثم عاد لهم بعد فترة.. فهم إما لايعرفونه أو متعاطفين معه أو يضحكون عليه أو أن يسكتوا ويدعوا له أو يدعوا عليه.. وهذه هى العلاقة الحقيقية الآن بين مبارك والشعب المصرى