أحداث دامية وحكومة عاجزة، وقرارات قاتلة تصيب الاقتصاد المصرى فى مقتل، وأعلنت جميع القطاعات الاقتصادية حالة الطوارئ واقتربت معدلات الربحية إلى مربع الصفر فى ظل تراجع الاحتياطى النقدى وهروب الاستثمارات الأجنبية من مصر بسبب التوتر والتخبط السياسى الذى تمر به البلاد.. ومازال المواطن المطحون يدفع فاتورة عدم وجود رؤية واضحة لحكومة قنديل العاجزة أمام تطور المشهد السياسى الذى يضيع ما يتبقى من الاقتصاد المصرى. مازال الاقتصاد المصرى بجميع قطاعاته ومؤسساته يدفع فاتورة العنف وتصاعد حدة الاشتباكات والتخبط السياسى التى تمر بها البلاد.. فطوال الأيام الماضية ومع ذكرى مرور عامين على ثورة يناير زادت الأمور تعقيدا مما أدى إلى خسائر فادحة للبورصة المصرية والتى وصلت خسائرها إلى 3,2 مليار جنيه ومؤشرها ينخفض إلى 45,1 %، بالإضافة إلى تراجع الاحتياطى النقدى الى 15 مليار جنيه والجنون المرتقب لجميع أسعار السلع ومليون جنيه خسائر توقف قناة السويس لمدة ساعة.. 350 ألف جنيه خسائر قطع خطوط المترو فى اليوم الواحد.. وأصابت الأحداث الدامية الأيام الأخيرة روافد الاقتصاد المصرى فى مقتل، حيث أعلنت معظم القطاعات الاقتصادية حالة الطوارئ لديها، فقد اقترب معدلات الربحية من الصفر، فضلاً عن ضرب قطاع السياحة فى مقتل بعدما كان قد اقترب من التحسن نتيجة المبادرات والمساعى لتصحيحه على المستوى الشعبى. وكان القطاع السياحى يعول على السياحة الداخلية فى إجازة نصف العام، لكن الأحداث ألغت ذلك وعادت بنا إلى النقطة صفر، بينما أعلن القطاع حالة الطوارئ بسبب غلق معظمه خوفا من الحالة الأمنية المضطربة، فضلا عن بدء عدد من المودعين سحب أرصدتهم، فقد كشف بيان صادر عن البنك المركزى عن تراجع الاحتياطى النقدى لديه بقيمة 21 مليار دولار ليصل إلى 15 مليار دولار فى ديسمبر عام 2012 مقارنة ب 36 مليار دولار فى 2011 إلى قيام المركزى بتوفير النقد الأجنبى للحكومة لاستيراد السلع الغذائية والمواد البترولية وسداد الديون الخارجية المستحقة على الحكومة وخروج المستثمرين الأجانب من الأذون والسندات التى استحقت على الحكومة . وأوضح فى بيان له أنه بتحليل أرقام ميزان المدفوعات عن عامى 2010/2011 و2011/ 2012 نجد أن العجز الإجمالى خلال العامين بلغ حوالى 21 مليار دولار وذلك نتيجة للتأثير السلبى للأحداث الجارية على موارد النقد الأجنبى والتى تمثلت فى الأساس فى تراجع الدخل من قطاع السياحة بنحو 30% بالمقارنة بعام 2010 نتيجة تردى الأوضاع السياسية . وأضاف المركزى أن انحسار الاستثمارات الأجنبية المباشرة كلياً خلال العامين الماضيين والخروج الكامل لاستثمارات الأجانب فى أوراق الدين الحكومية لارتفاع المخاطر المحيطة بالاقتصاد المصرى وحالة عدم الاستقرار السياسى تُعد أيضاً من أسباب تراجع الاحتياطى النقدى . بالإضافة إلى مسلسل انهيار الجنيه أمام جنون الدولار فقد أصيب الجنيه بهبوط حاد أمام الدولار إلى أدنى مستوى له خلال 11 عام فقد سجل الدولار 675 قرشا فى تعاملات البنوك وما وصل سعره فى السوق السوداء إلى750 قرشا للمرة الأولى مع نقص شديد فى السيولة الدولارية فى البنوك مع فشل عطاءات البنك المركزى فى توفير احتياجات السوق من الدولار ووقف تدهور الجنيه. وفى نفس التوقيت كشف بيان الغرف التجارية عن زيادة أسعار السلع الغذائية بنسبة 15 % مع مطلع شهر فبراير وتضاعفت أسعار معظم السلع بنسبة 100% مع بدء تدهور الجنيه أمام الدولار فى نوفمبر الماضى، وحتى مطلع فبراير الجارى، حيث ارتفعت أسعار السلع فى نوفمبر بنسبة 70% وعاودت الارتفاع فى ديسمبر من 15 إلى 20%، وتكرر سيناريو الارتفاع فى مطلع فبراير بنفس النسبة مسجلة 15% . بالإضافة إلى أن هناك العديد من المصانع والورش والمحلات التى تم إغلاقها فى منطقة الأحداث من بينها أكثر من 256 مصنعاً بمنطقة القنطرة منها مصانع تحت الافتتاح ونحو 478 مشروعا صناعيا بالإسماعيلية وأكثر من 12 ورشة للأعمال الحرفية وكلها تستوعب آلاف العاملين الذين توقفت أعمالهم بسبب الأحداث، وذلك المناطق الحرة فى السويس ومشروعات غرب خليج السويس، كما توقفت حركة التجارة بالمنطقة الحرة ببورسعيد، وهذه المناطق تعد البوابة الرئيسية لإطلالة مصر على أوروبا والعالم الخارجى مما يؤثر بدرجة بالغة على حركة التجارة وكذلك الإنتاج خاصة أن مؤشرات الاقتصاد أصبحت فى وضع متدهور منذ الثورة حيث تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر بدرجة كبيرة نتيجة لضعف الاستثمارات ودخل الاستثمار ليتراجع إلى أقل من 246 مليون دولار فى عام 2011/2012 مقابل 3,3 مليار دولار فى عام 2008 / 2009 وقد تأثرت حركة السياحة ليتراجع حجم إيراداتها إلى 3,2 مليار دولار وكانت 4,9 مليار دولار العام الماضى مقابل 6,11 مليار دولار قبل الثورة كما أن عجز الميزان التجارى أخذ فى الارتفاع بشكل مخيف ليصل إلى 7,31 مليار دولار عام 2011/2012 مقابل 25 مليار دولار قبل الثورة. المأزق! وفى هذا الإطار أكدت الدكتورة هالة السعيد- عميد كلية اقتصاد وعلوم سياسية- أن الحالة التى يمر بها الاقتصاد المصرى مخيفة للغاية فى ظل تراجع كل القطاعات الاقتصادية حيث إن الأحداث السياسية فى مصر والتظاهرات اعتراضاً على طريقة إدارة الرئيس محمد مرسى للبلاد، ستؤدى إلى انهيار الاقتصاد، فأحداث منطقة بورسعيد الأخيرة أدت إلى شلل تام فى حركة التجارة داخل المنطقة، وستحد من رغبة المستثمرين الأجانب فى الاستثمار فى مصر، نظراً إلى تردى الأوضاع الأمنية، وأشارت إلى أن 35% من واردات السلع ستتأثر بسبب التوترات فى ميناء بورسعيد ومنطقة قناة السويس، والعالم يراقب ما يحدث وقد يُصنّف مصر منطقة خطرة فى مجال التبادل التجارى، ما سيعرضنا لكارثة كبيرة. وأضافت د.هالة أن الاقتصاد المصرى لن ينهض من دون استقرار سياسى وأمنى فى الوقت الذى تكون فيه الحكومة بلا رؤية واضحة، وكل وزارة تعمل على حدة، مما يضعف الدولة ويجعلها غير مستقرة بنظرالمستثمرين ، حيث أن إيرادات الدولة تغطى حاليا 60% من الإنفاق بعد أن كانت 75% وهو مؤشر على ارتفاع الإنفاق مقابل تراجع الإيرادات خلال العامين الماضيين، بسبب عدم وجود ترشيد للاستخدامات والإنفاق الحكومى والعام الهروب يرى الخبير الاقتصادى الدكتور سعيد عبدالخالق وكيل أول وزارة الاقتصاد الأسبق أن الحكومة الحالية عجزت عن إدارة الأزمة حتى تصاعدت الأحداث، لأنه كانت تلوح فى الأفق ارهاصات تشير إلى وقوع أحداث عنف أثناء الاحتفالات بالعام الثانى لأحداث ثورة 25 يناير، لكنها لم تتخذ التدابير اللازمة لمواجهة هذا العنف، وأن هذه الأحداث وضعت الحكومة بأكملها فى موقف حرج بأنها ليست على مستوى هذه الأحداث ولابد من حلها وانتخاب حكومة قوية قادرة على إدارة الأزمات. ويشير د.سعيد إن انعكاسات هذه الأحداث تتمثل فى أداء اقتصادى هزيل للغاية ترتب عليه تدهور معدل النمو الاقتصادى إلى 5,2% وهروب الاستثمارات للخارج وزيادة معدلات الواردات من المواد الغذائية بعد ما توقفت الغالبية من مراكز الإنتاج وتدمير البنية الأساسية للاستثمار متمثلة فى تكدس الشوارع وازدحامها واشعال الحرائق فى المرافق والمنشآت الحيوية وإطلاق الشائعات عن تدمير المنشآت الاقتصادية الحيوية حتى أصيب الجنيه المصرى بانهيار شديد مما يجعل مؤسسات التقييم الدولية تلجأ إلى تخفيض التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصرى نتيجة تدنى معدلات الاستثمار وانخفاض مستوى المعيشة للسكان وتزايد أعداد الفقراء. الهوية! وقال الخبير المصرفى حسام ناصر نائب رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية أن أحداث العنف التى تمر بها البلاد تعصف بالقطاع المصرفى إلى حافة الهاوية، فطوال الأيام الماضية قام القطاع المصرفى بإعلان حالة الطوارئ بعد الأحداث الدامية التى شهدها وسط العاصمة القاهرة اليومين الماضيين، حيث تجاوز عدد فروع البنوك التى قررت إغلاق فروعها فى محيط ميدان التحرير وحى جاردن سيتى وشارع قصر العينى نحو 11 بنكًا، فيما توجد فى تلك المنطقة نحو 5 مراكز رئيسية ومقرات إدارية مصرفية، بالإضافة إلى ماكينات صراف آلى يتجاوز عددها 20 ماكينة بإضافة إلى الماكينات الموجودة فى شارع طلعت حرب، وهو ما أصاب القطاع المصرفى بوسط العاصمة بالشلل التام