حرب باردة.... تلك هى العلاقة التى تربط الإخوان والسلفيين، حيث دائما ما تتعمد الجماعة الإبقاء على شعرة معاوية مع السلفيين احتماء بقوتهم العددية والقدرة على الحشد إذا استلزم الأمر فى مليونية «تهديدية». ومع بداية عام جديد تأخونت فيه الدولة المصرية بشكل كامل بعد محاولات بائسة بالإبقاء على مصريتها فمن مرحلة إعداد الفرد المسلم والمرأة المسلمة والأسرة المسلمة ومن ثم المجتمع والدولة المسلمة، فالخلافة الإسلامية، وأخيرًا يكون الوصول إلى أستاذية العالم. ذلك الحلم الذى دعا إليه حسن البنا فى أدبياته والذى يقوم منهجه الإصلاحى على التربية، والتدرج فى إحداث التغيير المنشود، انتهاء إلى مصير غامض ينتظر الفصيل السلفى الذى مزقته الفتنة ووميض السلطة. أخونة الدولة» حلم الإخوان الذى صار فى حيز التنفيذ حيث خطة الجماعة فى الاستيلاء على كل مفاصل الدولة واختراق الجيش والشرطة والقضاء، وبالتالى ترددت تلك العبارة التى أرهبت الشارع السياسى كثيرا خلال الشهور الماضية منذ تولى الرئيس مرسى وتزامن، تلك الفكرة مع جلوسه على عرش البلاد ولكن هذا لا ينفى بعض التمهيدات الإخوانية التى كشفها السلوك السياسى للجماعة الذى اتبعته فى إدارة المرحلة الانتقالية، حيث خطة الإخوان المحكمة حول تحقيق الهيمنة الإخوانية وبالفعل فاز التيار الإسلامى بشقيه الإخوانى والسلفى فى اكتساح مقعدى الشعب والشورى بل والصراع على رئاسة معظم اللجان المهمة داخل البرلمان. وإن لم يكتب لهذا البرلمان الاستمرار كثيرا إلا أن سطوة الإسلاميين لم تهدأ أو تطمئن إلا بإعادة إحكام قبضتها على عضوية اللجنة التأسيسية للدستور، والتى شهدت مزيجا ليس توافقيا على الإطلاق فى إعداد دستور طائفى لا يمثل سوى طائفة الاغلبية من جماعة الإخوان المسلمين بما لها من توجهات واضحة نحو تهيئة البلاد بعودة الخلافة الإسلامية مما كان سببا فى دفع معظم القوى السياسية الوطنية للانسحاب من الهيئة، وإن لم يكن هذا ذا تأثير على تعطيل حركة المد الإخوانى لتمرير الدستور بجميع الوسائل حتى لو تم تصعيد احتياطيين وهو ما حدث بالفعل، ورغم قضاء المحكمة الدستورية العليا ببطلان هذه اللجنة، فإن اللجنة الجديدة أصابتها نفس لعنة اللجنة الأولى، لأنها دستوريا لا تضم جميع الطوائف المجتمعية. أما عن الأخونة تحت رعاية الرئيس مرسى فكانت مع إصدار سيادته لقرار إعادة تشكيل المجلس الأعلى للصحافة، وتغيير بعض رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية وما تم فيه من استبدال قامات ورموز صحفية بأفراد ليس لديهم نفس الريادة الصحفية وإن كان يجمعهم انتماؤهم للجماعة بالقول أو الفعل، هذا بالإضافة إلى قرار إعادة تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان والذى حدث فيه ما تم بالمجلس الأعلى للصحافة وتحول إلى المجلس القومى لحقوق «الإخوان».
واستمرارا لمسلسل الأخونة للمؤسسات المهمة بالدولة والذى انتقل بطبيعة الحال إلى الشرطة والتى تم فيها الدفع بالعديد من العناصر الإخوانية من ضباط وقيادات صارت تحكم قبضتها على هذا الجهاز الأمنى والذى تبعه القضاء وإن كانت مؤشراته بدأت فى الظهور منذ فترة أطول قليلا. بالإضافة إلى حركة المحافظين الجدد والتى شملت تواجداً إخوانياً واضحاً مثل المهندس سعد الحسينى محافظ كفر الشيخ ومحافظ المنيا الدكتور مصطفى عيسى الأستاذ الجامعى السابق والكادر الإخوانى، أو ما جاء على استحياء مثل الدكتور حسن البرنس القيادى الإخوان كنائب لمحافظ الإسكندرية. أما عن التعليم وما شهده من محاولات إحلال وتبديل ليس للمناصب فقط وإنما فى العقول أيضا، حيث قام وزير التعليم العالى «والمعروف بانتمائه الإخوانى» بتعديل رئاسة معظم المناصب القيادية بالوزارة، حيث الاستعانة بأشخاص لهم نفس الانتماءات والأفكار مثل الدكتور أحمد فرحات أستاذ هندسة إنشاءات قسم مدنى الذى تم انتدابه لرئاسة قطاع التعليم وشئون التنسيق، مرورا بكواد الإخوان الدكتور سيف فطين مستشار الوزير للاتصال السياسى وذراعه اليمنى فى إدارة الوزارة، والدكتورة نبيلة هانى رئيس قطاع التنمية والخدمات الناشطة فى مجال العمل النسائى للجماعة، والدكتور عامر عبدالمقصود الإخوانى الذى انضمّ إلى قائمة مستشارى الوزير بسبب صداقته للدكتور سيف فطين، والدكتور محمد سمير حمزة الإخوانى الذى تولى رئاسة قطاع التبادل العلمى والثقافى قبل أيام إلى جانب رئيس قطاع مكتب الوزير سمير شحاتة، كما سيطر الإخوان على معهد إعداد القادة بحلوان عن طريق الدكتور طارق بدر الدين والدكتور أيمن الغايش اللذين يقومان بنفس الدور الذى كان يقوم به أساتذة الحزب الوطنى لتربية كوادر حزبية من شباب المحافظات عن طريق كورس مكثف من محاضرات غسل المخ أما عن المناهج الطلابية فقد شملها التغيير هى الأخرى كما حدث فى مناهج التربية الوطنية للصف الثالث الثانوى. إضافة إلى التشكيل الوزارى والمزمع تغييره قريبا والذى عرف بحكومة الدكتور هشام قنديل والتى ضمت ما يقرب من أكثر من عشر وزارات إخوانية. وفى حين يستمر مسلسل الأخونة ليتطور فى شكل غير طبيعى ليصل إلى مرحلة التضخم الذى يعقبه الثورة وهذا كما أكد لنا أحد قارئى ومتخصصى التيارات الإسلامية باقتراب غروب شمس الإخوان، حتى تنكسر هيبة السلفيين العددية مرة أخرى، حيث يحمل لها العام الجديد مزيدا من المفاجآت ما بين انقسام حقيقى لحزب النور على خلفية صراعات مكتومة كانت تظهر بين الحين والآخر إلا أنه يتم تكميمها تحت رعاية شيوخ الدعوة السلفية، إلا أن الاحتمال فاق الحدود بما حمل معه انقسام الحزب والذى أسفر عن تقديم ما يقرب من 051 عضواً على مستوى 32 محافظة استقالاتهم من الحزب الذى ظل الصراع عليه بين قطبين سلفيين الأول والأقوى يقوده الشيخ ياسر برهامى وتلميذه النجيب نادر بكار، بينما يقف على الجانب الآخر الدكتور عماد عبدالغفور والدكتور يسرى حماد ومحمد نور الذى صرح لصباح الخير بأن الاستقالة جاءت نتيجة لرفض سياسة الحزب طيلة الفترة الماضية، والتى تعددت فيها الأقوال والأوامر ما أضاع الرؤية الحقيقية للحزب تجاه الواقع السياسى، مؤكدا أن الحزب الجديد الذى سيضم الأعضاء المستقيلين من حزب النور سوف يحمل نفس رؤية ومنطلقات حزب النور، ولكن مع اختلاف الرؤية السياسية والإدارية، والتى كانت تمثل نقطة الخلاف، كما أضاف أن تشكيل الحزب الجديد لا يعنى التشكيك فى أفكار الحزب أو يقلل بأى شكل من الأشكال من قيمة وقدر حزب النور. وقد علمنا من مصادرنا أن خلاف حزب النور - والذى كان قد بدأ منذ شهور - لم يكن قد انتهى إنما استمرت نيرانه كامنة تحت مسمى المصالحة حتى عادت لتشتعل من جديد ما دفع الدكتور عبدالغفور إلى التخلى عن رئاسة الحزب والدعوة إلى تأسيس حزب جديد يسمى «الوطن» وسوف يضم إليه جميع المنشقين السابقين، بالإضافة إلى التفاوض مع حزب الدكتور حازم أبوإسماعيل المزمع الإعلان عنه للتحالف على قائمة الحزب، بالإضافة إلى حزب الفضيلة والأصالة وأعضاء من جبهة الإصلاح، وعن قدرة الحزب الجديد على المنافسة عرفنا أن حزب النور الذى يتولاه الدكتور ياسر برهامى أو سيقوم بتعيين مصطفى السيد خليفة نائبا عنه سوف يخسر كثيرا من شعبيته ما سيدفعه مضطرا إلى التحالف مع الحرية والعدالة الذراع السياسى لجماعة الإخوان وهو ما يفسر حالة الانسجام بين فضيلة الشيخ وقيادات الجماعة. إلا أن عمر - الحزب الجديد «الوطن والنور» ذ من المرجح أن يكون قصيرا بعد تفتت أصواته بين كل هذه الكيانات السياسية. إضافة إلى الاحتقان السلفى - الإخوانى الذى يشعله الإخوان دائما باستغلال السلفيين ثم تنكث بوعودها معهم من تشكيل وزارى إلى حركة المحافظين وأخيرا تعيينات مجلس الشورى الأخيرة، حيث اشتملت على ثلاثة مقاعد للسلفيين ومثلها للجماعة الإسلامية، رغم الوعود الإخوانية التى كانت تمنيهم بنحو 01 مقاعد.. وهو ما يفسر طبيعة العلاقة بين الإخوان والسلفيين فى الفترة المقبلة اللهم إلا باستثناء حزب ياسر برهامى بأنها ستكون الطلقة البائنة بين الفصيلين.