«سيدى الرئيس ما رأيتموه من جمال فى المحافظة إنما تم عمله فى اليومين السابقين تسهيلا لحركتكم، ولكن هذا ليس حال المحافظة الحقيقى فالمحافظة تعانى الكثير من المشاكل» هذه هى الجملة التى استهل المحافظ يحيى كشك محافظ أسيوط بها كلمته التى ألقاها فى المؤتمرالذى عقد فى قاعة الدكتور محمد رأفت محمود بجامعة أسيوط، بغرض أن يلتقى مرسى بالقوى السياسية بالمحافظة. الغريب أن الجميع عدا سيادة المحافظ يرى فى ذلك اعترافا صريحا بتقصيره فى عمله، فإذا كانت أسيوط إحدى أفقر المحافظات المصرية لديها القدرة على تنظيف ورصف الشوارع وتزيين الميادين وتوفير البنزين وأنابيب الغاز فى يوم قدوم الرئيس إليها فلماذا لم يتم ذلك من قبل؟ ولماذا حدث فقط فى المناطق التى تحيط بمسجد عمر مكرم حيث يصلى الرئيس جمعته، وفى جامعة أسيوط حيث يلقى بها خطبته، رغم أن تلك المناطق تعد من أرقى مناطق أسيوط، وهناك كثير من القرى والنجوع الفقيرة التى لو زارها الرئيس مرسى لرأى عجب العجاب، وبما أن الرئيس لم يبتعد سنتيمترا واحداً عما هو مقرر له فى الزيارة، ولم ير فى أسيوط سوى ما أرادوا هم أن يراه، قررت صباح الخير أن تقترب من أسيوط الحقيقية دون تزييف، وأن تسمع من شبابها ما لم يتح لهم قوله فى المؤتمر .
حوار من جانب واحد
البداية مع محمود النفادى- المنسق العام باتحاد شباب الثورة بأسيوط- والذى كان أحد المدعوين للقاء الرئيس، وعن ذلك يقول: بمجرد أن علمنا بدعوتنا كاتحاد شباب الثورة بأسيوط لللقاء، عكفنا على إعداد ورقة بأهم مشاكل أسيوط، لننقل ما يعانيه المواطن بشكل حقيقى للرئيس، وكنا نعتقد أن اللقاء سيكون عبارة عن حوار بينه وبين القوى الثورية والكيانات الحاضرة، بأن يسمح على الأقل بدقيقتين لكل منهم، لكن للأسف كانت كلمة من طرف واحد، ألقاها الرئيس ولم يستمع لأى منا، إذا فهل حضرنا للتصفيق والتهليل!، وبالكاد سلمنا ملفنا لأحد الموظفين بالرئاسة، وهو وعدنا بتوصيله للرئيس، ونحن نتمنى أن يصل ليقرأ به مشاكل أهل أسيوط الحقيقة بدلا من أن يقرأها من تقارير مغلوطة تأتى له فى القاهرة.
وعن أبرز المشاكل فى المحافظة كما يراها اتحاد شباب الثورة بأسيوط يقول: الانفلات الأمنى من أبرز المشاكل، حيث نتج عنه مئات القتلى فى كل قرية أو مركز بالمحافظة، حيث الخصومة الثأرية تتزايد نتيجة انتشار أحدث الأسلحة بين الأهالى، حيث ساد قانون الغاب، وأصبحنا نرى يوميا حرب شوارع بين بعض الأهالى أصحاب الخصومة، فى تقاعس واضح من الأمن، لذا فتغير القيادات الأمنية هو مطلب معظم أهالى أسيوط، أما عن البطالة التى يعانيها شباب قرى أسيوط فكنا نتمنى أن نتحدث مع الرئيس ليقدم دعما من الدولة للمدينة الصناعية بالبدارى والمخصصة بقرار من مجلس الوزراء لسنة 8991 ولكن لم يلتفت لها أحد حتى الآن، وبما أن البدارى تحتل المركز الأول فى زراعة وإنتاج محصول الرمان فى مصر وفقا لأحدث الإحصائيات، حيث إن90٪ من المساحة الإجمالية من المركز مزروعة بهذا المحصول، فإن المدينة الصناعية صالحة لإقامة مصانع إنتاج تعتمد على الرمان مما سيوفر 51 ألف فرصة عمل إذا ماتم إتمام المشروع المتعثر.
جريمة.. مخدرات.. تهميش
محمد عاطف مواطن بسيط يعمل بإدارة التطوير التكنولوجى بالتربية والتعليم بمحافظة أسيوط، كان يتمنى أن يعلم الرئيس مرسى أن أهم ما ينقص المواطن الأسيوطى هو تدنى مستوى الخدمات.
فالمواصلات سيئة للغاية وتكدس المرور غير طبيعى لزيادة عدد الناقلات الخاصة، كما أن ضيق الطرق لا يتناسب مع عدد السيارات الموجود الآن بالمحافظة، كما تعانى المحافظة من غلاء فاحش فى الأسعار ولاسيما فى سوق العقارات بالتحديد، أما عن الخدمات الأمنية فى قرى أسيوط فتكاد تكون منعدمة، لأن النزعات القبلية وشراء السلاح هو الغالب فى معظم القرى فى أسيوط، فأصبح بعد الثورة معظم العائلات تسلح نفسها وكأنها مقدمة على حرب كما تعانى أسيوط ارتفاع نسبة تعاطى المخدرات بسبب سهولة الحصول عليها فى أى مكان لدرجة أن أصبح شراؤه مثل شراء علبة السجائر، وهذا مايفسر أيضا كون أسيوط أصبحت من أعلى محافظات الجمهورية فى نسبة الجريمة، أما عن الوضع الصحى فأسيوط هى المركز الطبى للصعيد بأكملة وبه أكبر مجمع مستشفيات جامعى بالصعيد، وتعتبر المحافظة بصدق المقصد الأول للمرضى من كل محافظات الصعيد من المنيا إلى أسوان وبالتالى فإن التكدس الشديد فى المستشفيات حال دون الحفاظ على نظافتها وتهيئتها وجعلها بيئة علاجية مناسبة بل أصبح مثلا قسم الحوادث والإصابات من كثرة التكدس أشبه بطابور عيش وأنا رأيت هذا بعينى حيث يصطف المرضى على أسرة فى طوابير وذووهم يقفون طابوراً آخر لاستلام التقارير الطبية أو الأشعة الخاصة بهم!
وكالعادة يشكو محمد عاطف من ذات الشكوى التى يشكوها معظم أهالى الصعيد وهى التهميش حيث يقول، لم يقتصر التهميش على المواطنين العاديين فقط بل شمل العلماء أيضا، حيث أنه بداخل جامعة أسيوط فطاحل علمية يشار إليها بالبنان عالمياً ولهم نظريات علمية ومشاركات دولية فخر على جبين كل مصرى ولكن مسلسل التهميش للصعيد عموماً وأسيوط بالأخص طال هؤلاء الأفذاذ كما طال المواطن الأسيوطى العادى.
وبالتالى فإن البحث العلمى فى أسيوط يعتبر أحد ديكورات الجامعة ليس إلا، ورغم أن جامعة أسيوط بها المركز الوحيد فى مصر المتخصص فى دراسات مسرح الجريمة وتطوير أداء الأدلة الجنائية بمشاركة نخبة من مستشارين وقضاة ومحاميين وأطباء شرعيين، إلا أن هذا المركز مهمش تماماً رغم أن مثيله فى أمريكا يعتبر الذراع اليمنى لأدلة البحث الجنائى للدولة بأكملها. شيكاغو مصر
عقيل إسماعيل- المتحدث باسم اتحاد شباب البدارى بأسيوط- بدأ حديثه بقوله: مرسى لم ير شيئا فى أسيوط، فقد زار مدينة أسيوط النظيفة، الهادئة، لكنه لم ير أسيوط العشوائية والخصومات الثأرية، فمركز البدارى وحده به أكثر من 50 خصومة ثأرية، كما يوجد به انتشار كبير للسلاح، حيث إن أحدث أنواع الأسلحة بين يدى الأطفال، لذلك فإننا يوميا يسقط من بيننا قتيل أو ضحية حتى توقفت الحياة بمعنى الكلمة فى مركز البدارى ولم يعد يذهب الأطفال إلى مدارسهم لأن الحرب دائرة فى الشوارع ولذلك فإن مركز البدارى معروف على مستوى محافظة أسيوط كلها باسم «شيكاغو مصر»، فالسلاح فى أسيوط أهم من كسرة الخبز، فقد تنام أسرة جائعة دون عشاء بينما رب الأسرة يمتلك بندقية بآلاف الجنيهات.
وعن القرى الفقيرة فى أسيوط يقول: هناك قرية تسمى الترعة العمياء، يسكنها 4 آلاف مواطن، كانوا يمتلكون 80 فدانا، لكن النهر جعلهما 20 فقط، لذا فالجميع فى هذه القرية رجالا ونساء يعمل بالصيد، وأغنى أسرة هناك دخلها لايتجاوز 150 جنيهاً شهريا، فى حين أن أنبوبة الغاز ب 60 جنيها! والمفارقة أن تلك القرية لها طريق ممهد يسهل الوصول إليها فهى مفصولة عن العالم، وعندما زرناها قريبا وجدنا أن الأهالى هناك لايزالون يعتقدون أن الرئيس هو مبارك، ولايعلمون عن ثورة قامت فى البلاد!!
لذلك أقول لمرسى: لو تعاملت مع ملف الصعيد من خلال تقريرات كما تعامل معه السابقون فحتما ستفشل فى حل مشكلاته، لذا مقترحنا الذى تمنينا أن يصل إليه هو إنشاء وزارة باسم وزارة تنمية الصعيد هدفها التواصل المباشر مع الصعيد والقدرة على استغلال موارده الاستغلال الأمثل.