لدخول المسجد فى رمضان من أجل الاشتراك فى صلاة التراويح متعة وفرحة وزهوة، أدعو الله أن يديم الاستمتاع بها على كل من يشتاق قلبه إلى تجددها من عام إلى عام فى شهر رمضان المبارك، أعاده الله علينا وعلى بلدنا بالخير والنهضة والتقدم بإذن الله. ولمزيد من الاستمتاع بهذه اللحظات النورانية الغالية من المهم التركيز فى الصلاة وصوت المقرئ وتجاهل ما يقوم به بعض رواد المساجد من سلوكيات مثل المغالاة من الواقف إلى جوارك فى جذبك لتسوية الصف وسد الفراغات، وأيضا عدم التوتر تجاه ما تردده أو يردده أحيانا بعض رواد المساجد من نصائح منفرة، أو متعالية، أو محدودة الثقافة الدينية، أو مفتقرة إلى الثقافة الإنسانية. أما إن كان لا بد من التصحيح فليكن هذا بعد الانتهاء من الصلاة وبصوت هادئ وغير عدائى، مع الدعاء للجميع بأن يتقبل الله منا وأن ينير بصيرتنا إلى الإخلاص فى العبادة، وعلى إدراك المعنى العظيم للصلاة كما وصفها «سيد قطب» الله يرحمه بأنها الصلة المباشرة بين الإنسان الفانى والقوة الباقية، وأنها الموعد المختار لالتقاء القطرة المنعزلة بالنبع الذى لا يغيض، وأنها مفتاح الكنز الذى يغنى ويقنى ويفيض، وأنها الانطلاقة من حدود الواقع الأرضى الصغير إلى مجال الواقع الكونى الكبير. الصلاة ومازال الكلام لسيد قطب هى الروح والندى والظلال فى الهاجرة، هى اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود. ومن هنا كان، رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان فى الشدة يقول: «أرحنا بها يا بلال»، ويكثر من الصلاة إذا حزبه أمر ليكثر من اللقاء بالله. هذه الراحة بالصلاة حين ينعم الله سبحانه وتعالى بها على الإنسان يكتشف أن لا مثيل لجمالها، صحيح أن هذه الراحة هى منحة من الله سبحانه وتعالى، وأن الاستغراق فى معانى القرآن الكريم التى يرددها القارئ هى فتوحات ينعم بها الله سبحانه وتعالى، إنما لو استطعنا أن نستعد للصلاة روحانيا من خلال ما نقوم به أثناء الوضوء ربما يعيننا هذا الاستعداد إلى حد ما على الدخول فى الصلاة بصدر منشرح وروح متوثبة لنيل متعة الوقوف بين يدى الله سبحانه وتعالى، فمن المفيد خلال الوضوء أن يستحضر الإنسان عند غسل اليدين: اللهم ناولنى الكتاب باليمين. المضمضة: اللهم ثبت لسانى بالنطق بالشهادة. الاستنشاق: اللهم استنشقنى رائحة الجنة. الاستنثار: اللهم نجنى من رائحة الزقوم. غسل الوجه: اللهم بيض وجهى يوم تسود وجوه وتبيض وجوه. غسل اليد اليمنى إلى المرفق: اللهم اجعلنى من أصحاب اليمين. غسل اليد اليسرى إلى المرفق: اللهم نجنى من أصحاب الشمال. مسح الرأس: اللهم أعتق رقبتى من النار، اللهم ردنى مرد المؤمنين. غسل القدمين: اللهم لا تزل قدمى عن الطريق المستقيم. هى معان جميلة قد نتذكر أحدها وننسى الأخرى، إنما محاولة التعامل مع الوضوء باعتباره إستعداد للقاء المرتقب مع المولى سبحانه وتعالى خلال الصلاة قد تعيننا على المزيد من الدخول إلى الصلاة بروح مستعدة وقلب مشتاق، شوق المحب المستغفر المستيقن بالأهمية الكبرى للصلاة حيث اختصها الله سبحانه وتعالى بأن تبليغ الرسول صلى الله عليه وسلم بها لم يكن عن طريق الوحى وإنما كان تبليغه بها فى السماوات العلا، خلال رحلة الإسراء والمعراج، يارب اجعل الجنة هى المأوى لنا ولوالدينا ولأبنائنا ولأهلنا ولأحبائنا ببركة الشهر الكريم.∎