فالسؤال الذى يطرح نفسه الآن هو متى تصبح القوى السياسية منافسًا حقيقيًا للإخوان فى الشارع وتتخلى عن الكلام وتتجه للأفعال؟! ومتى ستستعد الأحزاب الجديدة وتكون جاهزة على الساحة السياسية؟! ومتى تعى الأحزاب والقوى السياسة الدرس والتجربة من الإخوان؟! ومتى ستستعيد أحزابنا القديمة نشاطها وتكون أحزابًا فعالة وليست أحزابًا ورقية لاتزيد على مقر أو صحيفة، وتكون لها وجود فعال فى الشارع المصرى تقوم من خلاله بتلبية مطالب الشعب والتغيير إلى الأفضل؟!
فقد تحدثنا مع بعض أعضاء الأحزاب القديمة وأيضا الأحزاب الجديدة التى نشأت مع ثورة 52 يناير والتى تعد هى التيار الثالث الآن فى مصر وخاصة بعد اجتماع تحت عنوان التيار المدنى الثالث لإعلان تأسيس التيار الثالث.. وكان على رأس الحاضرين عمرو حمزاوى والروائى بهاء طاهر والناشطة السياسية كريمة الحفناوى والكاتب يوسف القعيد ودكتور محمد أبوالغار، وعمرو موسى وحمدين صباحى وخالد على.
وأكدوا أنه من منطلق المسئولية التاريخية فإن الوقت قد حان ليخرج المجتمع المصرى من حالة الاستقطاب وأن يكون أمامهم خيار ثالث يتمثل فى تيار سياسى اجتماعى قوى.. فيقول الدكتور عبدالغفار شكر وكيل مؤسسى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى: إن الأحزاب والقوى السياسية فى حاجة إلى أخذ خمس سنوات على الأقل، لكى تكون قوة سياسية جماهيرية حقيقية..لأن الأحزاب القديمة مثل التجمع والوفد والناصرى، كانت أحزابًا محاصرة فى ظل الحكم المقيد أيام مبارك.. وكانت أيضا محرومة من أنها تتصل بالناس أو يكون لها فرصة فى أن تعقد مؤتمرات جماهيرية.. وبالتالى انحصر نشاطها فى المقرات وفى الجرائد التى كان يصدرها كل حزب.. وبعض قيادات هذه الأحزاب كانت تميل إلى عظمة الحكم والتفاهم معه مما أفقدها مصداقية الشارع المصرى.. وهذه الأحزاب لا تستطيع أن تعيد مصداقيتها للشارع أو يكون لها نشاط حقيقى أو تكون قيادات سياسية قادرة على أنها تدبر نشاطها إلا فى فترة أقل من خمس سنوات.. أما بالنسبة للأحزاب الجديدة فهى تعتبر أحزابا غير معروفة للمجتمع المصرى والشارع المصرى.. فإن الأحزاب التى تأسست بعد 52 يناير، وهى أكثر من حزب، لا يعرف الشعب أسماء قيادتها ولا يعرف برامجها وأحيانا لا يعرف اسم الحزب نفسه.. فهذه الأحزاب فى حاجة إلى خوض أكثر من معركة انتخابية سواء انتخابات مجلس الشعب الماضى أو الانتخابات المحلية القادمة أو انتخابات مجلس الشعب القادم.. وفى حاجة إلى أن تبنى نشاط جماهيرى وأن تبنى نفسها فى الشارع وتكون قيادات جديدة وأن تكون هذه القيادات شابة حتى تستطيع التواجد فى الشارع.. وهذا أيضا يحتاج على أقل خمس سنوات.. فنحن نتحدث عن علاقات قوية بين جماعة عمرها 08 سنة وبين أحزاب لم تستطع أن تنشط فى المجتمع على أنها أحزاب علانية فى حين أن الجماعة كانت سرية وبين أحزاب جديدة عمرها شهر أو شهران أو حتى سنة.. فمازال الأمر يتطلب أن هذه الأحزاب يجب أن تسير على طريقة بناء نفسها كقوة سياسية جماهيرية سواء فى اتصال الشعب لها أو بناء كوادر قادرة على أنها توصلها للناس.. وهذه هى المدة الزمنية الحقيقية الذى يحتاجها أى حزب ليكون قوة معروفة فى المجتمع.. ومن أهم الأزمات التى نعانيها الآن هى ضعف الأحزاب والقوة السياسية التى أدت بنا إلى الفراغ السياسى الموجود الآن فى المجتمع.. فإن نزول الشعب بالمئات فى ميدان التحرير، غاضبين لأنهم ليس لديهم قيادة سياسية تجعلهم ينتجون الإنتاج المطلوب منهم.. فإن ثورة 52 يناير قامت بمشاركة أكثر من 02 مليون مصرى شاركوا فى أحداث الثورة لكن سبب غياب القيادة السياسية المنظمة القادرة على تعبئة حركتهم والضغط للحصول على النتائج التى يريدونها هى نتيجة هذا الفراغ السياسى الموجود الآن فى الثورة.. وهذه إحدى مشاكلنا الكبرى.
∎ قواعد شعبية وكوادر تنظيمية
محمد أبو حامد - عضو مجلس الشعب ورئيس حزب حياة المصريين- يقول: إلى الآن لا يوجد أى حزب مدنى استطاع أن يقوم بعمل خطة لبناء نفسه داخليا وتنظيميا.. حيث يستطيع أن يجد له قواعد شعبية تؤيده وينشئ بها مجموعة كوادر مؤمنة بفكرة وقادرة على نشر هذا الفكر وتدافع عنه داخل المجتمع.. فإن الأحزاب التى تكونت وإن كان معها ترخيص أنها حزب لكن لم تكن حزبًا قويًا لديه قواعد شعبية وكوادر عقادية.. وبالتالى مهما ظهر من أحزاب وتكونت ولم يكن لديها قوة على الساحة السياسية.. فهى لم تكن أيضا حزبًا منافسًا قويًا ضد الإخوان.. لأن الإخوان ليس حزبًا بل هم اتباع قواعد شعبية وكوادر منتشرة فى البلد كلها وتقوم بنشر فكر المسلمين.. وهذه من أهم الأسباب التى دعتنى لتكوين «حزب حياة المصريين» الذى أعمل بالكامل بداخله على كيف تبنى تنظيمًا له قواعد شعبية وكوادر عقادية.. فكل الأحزاب سواء كانت أحزابًا قديمة أو أحزاباً حديثة لو لم يكن لديها قواعد شعبية وكوادر تستطيع نشر فكره والعمل عليه فهى أيضا لم يكن لديها قدرة على المنافسة.. فلا يوجد أى حزب من الأحزاب غير الإسلامية قادرة على عمل إيجاد قواعد شعبية مؤمنة بفكره وبرنامجه وحزبه وكوادر عقادية قادرة على العمل معه وتقوم بنشر فكره.. إلى الآن لايوجد أى حزب من الأحزاب القديمة أو حتى الأحزاب الجديدة التى تكونت قادرين على فعل هذا.. وبالتالى فإن القوة المدنية التى تستطيع أن تبنى هذا وقادرة على إيجاد قواعد وأتباع على مستوى الجمهورية مؤمنين بفكرها وتقوم بعمل فاعليات توجد لها من خلالها تواجدها فى الشارع.. هنا من الممكن أن يكون لها القدرة فى منافسة الإخوان.. فإن القوى السياسية والأحزاب تحتاج إلى الوقت وكيفية استخدامه كما تحتاج أيضا إلى ترتيب أولويات لها علاقة بالتنظيم الداخلى لها وتقوم ببناء وإنشاء الكوادر والقواعد الخاصة بها.. فلو كان أى حزب من الأحزاب استخدم السنة والنصف التى مضت فى بناء نفسه وبناء كوادره وينتشر فى المجتمع.. بدلا من الأموال الباهظة التى نفقت فى الانتخابات.. ولم تأخذ القوى المدنية منها شيئًا.. وكانت تستثمر هذه الأموال فى بناء تنظيم سياسى حقيقى على الأرض.. وقتها سيكون هذا أفضل بكثير..
∎ ميزة نسبية للإخوان
المهندس باسل عادل- عضو مجلس الشعب وعضو المكتب السياسى لحزب المصريين الأحرار- يقول: إن القوى السياسية لم تكن ضعيفة بالمرة، بل الإخوان المسلمين هم من يلعبون على وتر الدين وعلى حساسية الدين بالنسبة للناس وحب المصريين للدين.. وهذا تنظيم موجود على الأرض منذ 58 سنة.. على عكس التيارات والأحزاب السياسية الأخرى فهى أحزاب سياسية فقط لا تختلط بالدين ومظهره لم يكن مظهرًا دينيًا ولم يكفر الخارج عن حزبه.. فهذا هو المحك فى الموضوع.. فالوضع مختلف بالنسبة للتيارات والأحزاب التى ظهرت بعد الثورة مؤخرا ولم تتم سنة على وجودها.. فهذه الأحزاب ظهرت فى بيئة مضطربة لا تصلح لبناء حزب سياسى.. فمازالت الأوضاع مضطربة وغير مستقرة لظهور أحزاب جديدة تريد أن يكون لها شعبية فى المجتمع الآن.. فالإخوان المسلمين لايزالون هم المتصدرين للساحة السياسية حتى تقوى الأحزاب بعضها وتبنى لها شعبية وأرضية كبيرة فى المجتمع تستطيع من خلالها التعامل مع الإخوان وتدخل فى منافسة ضدهم.. لكن حتى الآن مازال للإخوان ميزة نسبية وهى عنصر الزمن الذى مضى والتنظيم الكبير الموجود لهم على الأرض.. لكنى أعتقد أن مع الوقت ستقل هذه المسألة.. وستدرك الناس أن هذا الشخص غير سياسى وليس مؤهللً للسلطة وأن الموضوع بعيد عن الدين تماما وقد ظهر ذلك من خلال اختلاف الناس فى الأصوات ما بين انتخابات الشعب والرئاسة الآن فالفرق ملحوظ فى الأصوات.. فالشعب الآن أصبح واعيًا ومدركًا جيدا للذى يحدث فى البلد.
∎ غير كافية
أنكر الدكتور رفعت السعيد- رئيس حزب التجمع- ضعف القوى السياسية وأن الأحزاب القديمة مازالت تنافس الإخوان المسلمين.. وأن قوة الإخوان بدأت تضعف والدليل على ذلك الانتخابات البرلمانية التى كشفتهم على حقيقتهم أمام الناس.. وقد ضعف رصيدهم من الانتخابات البرلمانية إلى الانتخابات الرئاسية.. وظهر ذلك فى التصويت فقد ضعف تصويت الإخوان من11 مليون صوت إلى5 ملايين.. أما بالنسبة للأحزاب الجديدة التى ظهرت مع الثورة فهى من يقال عنها أنها ضعيفة أمام الإخوان لأنهم لم يكن لديها الوقت الكاف كى تبنى نفسها سياسيا.. لأن المدة التى ظهرت فيها هى غير كافية لبناء نفسها لتكون منافسة قوية ضد الإخوان.
∎ السعى للتغيير للأفضل
أبوالعز الحريرى - عضو مجلس الشعب سابقا ووكيل حزب التحالف الشعبى الاشتراكى- يقول: الأحزاب بشكل عام هى عمل سياسى منظم يستهدف السعى لتغيير واقع من الأسوأ للأفضل.. ولو كان الواقع معقولا فعلينا تحسينه ومن ثم يرتبط بالمناخ الديمقراطى السائد فى الوطن.. وبناء على المعلومات التى يعرفها المواطن، يبنى وجهة نظره وتتشكل الديمقراطية من خلال الحوار بين الناس.. ونتناول الموضوعات التى تخص البلاد كما يحدث الآن حتى الناس الذين كان يطلق عليهم حزب الكنبة لم يصبحوا حزب الكنبة هم الآن مشاركون فى كل التفاصيل.. ومن ثم فإن وجود الأحزاب يعتبر قوة فى الأوضاع التى ترتبط بالمناخ الثقافى والديمقراطى من حيث حرية تزايد المعلومات وطريقة الحوار وحرية التنظيم الاجتماعى بحيث إنها تقوم بتنظيم جمعيات ونقابات بنفسها فإن كل هذا يسمى «منظمات المجتمع المدنى».. وبالتالى عندما يتوفر كل هذا يصبح لدينا حياة حزبية.. ثانيا تقوى الأحزاب عندما تعتاد الناس الانضمام إليها ويكون هناك نتيجة للسعى الديمقراطى.. وبهذه النتيجة والتى تتمثل فى الانتخابات النزيهة والتى يحترمها الناس وتكون مسئولة عن اختيارها.. وكلما ارتفع وعى الناس زاد دقة الاختيار وبهذا تكون لدينا أحزاب قوية وتنظيمات عمالية كبيرة وجهات خدمية مفيدة للناس وتنظم الأحزاب نفسها فى النقابات وبين الحرفيين... وفى النهاية تصل للحكم بشكل مباشر من أوجه عديدة مجلس شعب أو مجلس محلى وعندما يكون هذا هو المناخ السياسى سنعلم أن الأحزاب الكارتونية انتهت.. وتدافع الأحزاب عن كل الطبقات التى تعبر عن الشعب ويكون لكل حزب برنامج معين نعبر به عن المصالح التى يتمناها فى الفترة القادمة مع الإخوان كأحزاب معارضة.. وكل حزب يعرض خططه فى الزراعة والصناعة والناس تختار الأفضل.