حالة من الجدل تسود الشارع المصرى الآن بعد أن أصدر المجلس العسكرى إعلانا دستوريا جديدا مكملا للإعلان الصادر فى 30 مارس 2011 حدد فيه الجهة التى سيؤدى أمامها الرئيس المقبل اليمين الدستورية، واسترد بموجبه السلطة التشريعية لحين انتخاب برلمان جديد، وهو ما أثار جدلا بين رجال القانون والدستور. المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض الأسبق يؤكد أن مضمون الإعلان الدستورى المكمل الذى أعلنه المجلس العسكرى، خالف ما صرح به مستشارو العسكرى، من قبل، حول تضمنه لثلاثة أمور مهمة، الأول منها إسناد الرئيس اختصاصات جديدة تحت مقولة إن الاختصاصات المبوبة بالمادة 65 التى تحدد اختصاصات الرئيس غير كافية، وإذا الإعلان المكمل ينزع أى اختصاصات من الرئيس الجديد ويجعله مجرد دمية، مضيفا إن مستشارى العسكرى، تحدثوا عن ضرورة أن يكون للمجلس العسكرى رأى فى اللجنة التأسيسية، فإذا بالإعلان الدستورى يعترف باللجنة التأسيسية.
وقال: إن المخرج القانونى من تلك الأزمة هو أن يعترف المجلس العسكرى بوجود مجلس الشعب ويترك له تصحيح وضعه ثم يبدأ التفاهم مع الرئيس الجديد لأن العسكرى لا غنى عنه لمدة طويلة، ولايمكن بناء مصر إلا بموافقة العسكرى مع ضرورة أن يخرج العسكرى من مستنقع السياسة لأنها تخصم من رصيده.
وأشار مكى أنه لا يوجد جيش قوى إلا فى دولة مدنية قوية.
∎ بطلان اللجنة التأسيسية
أما الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة فيرى أن أهم ما يلفت النظر فى الإعلان الدستورى المكمل أن لجنة التأسيسية الحالية سيقضى ببطلانها بعد هذا الإعلان، كما أنه مقام عدة دعاوى قضائية بشأن إبطالها، مضيفا أنه لم يعد بالإمكان الآن تشكيل تأسيسية جديدة.
وأضاف عميد كلية الحقوق إنه من الطبيعى أن تنقل السلطة التشريعية للمجلس العسكرى بعد حل البرلمان. مشيرا إلى أن الأمر الملفت فى الإعلان أنه لم يعط للجمعية الجديدة التى ستضع الدستور الدائم الحرية الكاملة وذلك بوجود جهات عديدة يحق لها الاعتراض على النصوص الموجودة بالدستور، وأضاف إنه فى حالة الاعتراض يحال النص إلى اللجنة مرة أخرى، وإذا لم تصل إلى حل يحال النص المعترض عليه إلى المحكمة الدستورية العليا وهذا أمر غير مألوف. مؤكدا أن اللجان تصنع الدساتير، ثم تعرض فى استفتاء على الشعب بعد ذلك، بعيدا عن تدخل أى جهات تنفيذية.
وقال الدكتور كبيش: الأهم من ذلك أن المجلس العسكرى احتفظ لنفسه بسلطة التشريع لحين عمل انتخابات برلمانية جديدة.
مضيفا إنه بعد اختيار رئيس منتخب للجمهورية وأثناء غياب البرلمان يكون الرئيس المنتخب فى الظروف الطبيعية هو المسئول عن سلطة التشريع، ولكن فى ظروفنا هذه المجلس العسكرى يقوم بمهام والرئيس المنتخب يقوم بمهام أخرى؛ المفترض أن يقوم بها الرئيس. وقال نحن الآن نعيش حالة ارتباك تؤدى بنا إلى طريق بعيد تماما عن الطريق المؤدى لدولة القانون.
∎ قَسَم الرئيس
ويتفق معه فى الرأى الدكتور رجب حسن عبدالكريم أستاذ القانون الدستورى، وأضاف: نادينا منذ فترة بوضع إعلان دستورى مكمل لإعلان مارس 2011، مؤكدا أنه لم يكن يقصد الصيغة التى خرج بها هذا الإعلان؛ وكان المقصود من الإعلان أمرين فقط هما: توضيح الجهة التى يقوم رئيس الجمهورية بحلف القسم أمامها، الأمر الثانى هو بقاء الشئون العسكرية فى يد المجلس العسكرى خلال الفترة الانتقالية ونحن متفهمون لذلك لأن هذا أمر طبيعى.
وأضاف الدكتور عبدالكريم: إن إنفراد المجلس العسكرى بالتشريع مسألة خطرة جدا خاصة أن لدينا الآن رئيس منتخب، هذا الرئيس هو المسئول عن إصدار مراسيم بقوانين؛ وهذه القرارات يتم عرضها على مجلس الشعب فى أول اجتماع له بعد انتخابه، وهو الذى يرى فى هذه الحالة تنفيذ هذه القوانين أو وقفها أو إلغاءها، مشيرا إلى أن إنفراد المجلس العسكرى بالتشريع مسألة فيها نوع من سلب صلاحيات الرئيس.
وقال الدكتور عبدالكريم: كان ينبغى على المجلس العسكرى مشاركة مجلس الشورى بأعضائه المنتخبين الآن فى مثل هذا القرار بإعتباره الجهة الوحيدة المنتخبة ولم يصدر قرار بحله. ∎ غير مقبول وقال رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية المستشار أشرف زهران: إن الإعلان الدستورى المكمل فى هذا الوقت أمر غير مقبول؛ مشيرا إلى أن الإعلان الدستورى فى هذه الفترة الحرجة أمر غير قانونى.
وأوضح رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية أنه لا يجد أى دواعِ لإصداره لأنه يأتى فى حالة عدم وجود دستور أو فى حالة توضيح إحدى المسائل غير المفهومة والماسة لنظام الحكم وهذا غير موجود تماما، وقال كان يكفينا تحديد صلاحيات رئيس الجمهورية بإعلان مارس 2011، وأضاف إن دستور 71 أعطى صلاحيات وسلطات مطلقة للرئيس وكان من المفترض ترك كل الأمور كما هى الآن حتى وضع الدستور ذلك للحد من هذه السلطات. ∎ إعلان متوازن أما الدكتور عبد الله المغازى، أستاذ القانون، والأمين العام المساعد للمجلس الاستشارى، فيرى أن الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة، متوازن، وقال: إن الإعلان المكمل شمل العديد من التوصيات التى أوصى بها المجلس الاستشارى ل«العسكرى»، وأهمها ما يتعلق بالجمعية التأسيسية للدستور، لاحتواء الأزمة القائمة بشأنها، بتعديل المادة 06، وكذلك حلف اليمين بالنسبة للرئيس الجديد، واستمرار سلطة التشريع فى يد المجلس العسكرى حتى يتم انتخاب مجلس الشعب الجديد.
وأضاف: يجب أن ينظر الجميع إلى الإعلان الدستورى المكمل على أنه مؤقت، وألا ينظر إليه بأن «العسكرى» طامع فى السلطة ويريد تقليص صلاحيات الرئيس أو سلبها منه، لأن ذلك لم يحدث، قائلا لا نخشى من هذا الإعلان شيئا لأنه سيستمر فقط لبضعة شهور قليلة حتى تنتهى الجمعية التأسيسية من عملها وتضع الدستور الجديد ويتم انتخاب مجلس الشعب.
وأشار إلى أن المجلس العسكرى لم يجعل سلطة التشريع فى يده برغبته لأنها رجعت له بعد حل مجلس الشعب؛ متسائلا: ما الجهة التى يمكن أن تتولى سلطة التشريع فى ظل غياب مجلس الشعب غير المجلس العسكرى؟!، فالمادة 65 من الإعلان الدستورى تتحدث عن أنه فور انتخاب الرئيس يتولى صلاحياته كرئيس للسلطة التنفيذية كاملة عدا سلطة التشريع، ومن الأفضل أن تستمر سلطة التشريع فى يده حتى يتم انتخاب مجلس شعب جديد ولكن عقب وضع الدستور أولا.