\أنا وأبنائى لن نختار المرشح نفسه وكذلك إخوتى اختياراتهم ليست واحدة، وهو مشهد يتكرر فى غالبية البيوت، فهذه هى التعددية التى بدأنا نمارسها ونحاول أن نتعلم ثقافة الاختلاف بتحضر، وألا يفسد الاختلاف فى الرأى حول اختيار المرشح للود قضية. ولأننا من المفروض أن نؤمن بالديمقراطية، بالتالى علينا بعد إعلان النتيجة بإذن الله أن يقبل كل منا الآخر، فالمهزوم لا يجب أن يحولها إلى «فيها أو أخفيها»، بل يجب أن يدعم الفائز وأن نتكاتف جميعا من أجل مستقبل مصر، أيضا على الفائز وأنصاره ألا يصيبهم الغرور، وأن يعلموا أن الرئاسة مسئولية وليست مغنما.
أتمنى ألا نهدر طاقاتنا، وألا نتعصب، وألا نضيع المزيد من الوقت، كفى جدا هذا العام والنصف بعد الثورة، فلا بد أن يتم ترجمة أهداف الثورة فى الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية وأن نلمس نتائجها على الأرض.
ولكى يتحقق كل هذا أتمنى أن تتم انتخابات الرئاسة بالنزاهة نفسها التى تمت بها انتخابات مجلس الشعب، ووقتها سيقبل الجميع بالنتيجة، لأن جموع شعبنا العظيم قادرة على اختيار من يحمل مشروعا حقيقيا يلتف حوله أبناء هذا الوطن، وهذه الجموع تستحق ألا تشتتها بعد النتيجة ذلك القطاع من النخبة الذين أدمنوا بث اليأس وإشاعة الإحباط وبذر حالة «محلك سِر». أتمنى أن تمر الأيام بسرعة ويصبح للوطن رأس، وأن يتعاون معه الجميع للوصول بمصر إلى مستقبل أفضل يشترك كل المصريين فى العمل من أجله بغض النظر عن التوجهات السياسية.
إن الشباب المخلص فى الحملات الانتخابية للمرشحين، والذين ألمس إيمان كل منهم ببرنامج المرشح الذى اختاره، والذين يتضح مدى التفانى منهم فى الوقوف خلف مرشح بعينه هو حالة جميلة نالها أخيرا هذا الجيل الذى عاش محروما من الاختيار، والذى تسربت من عمره سنوات لم يكن من السهل خلالها أن يكتشف إلى أى مدى يتغلغل فى وجدانه حب هذا الوطن. إن حاضرنا الذى نعيشه اليوم ونستغرق فى تفاصيله اليومية هو حالة مرموقة نغفل بسبب انشغالنا عن استيعاب أن كل منا يشارك خلالها فى أيام سيسجل وقائعها التاريخ، وأن أحفادنا سوف يقرأون عنها بانبهار ويتجدد فى وجدانهم ذلك الهتاف المدوى الذى شعرنا بكل حرف فيه حين كنا جميعا يدا واحدة وكنا فى صوت واحد نُسمع الدنيا صيحتنا الهادرة «ارفع رأسك فوق، أنت مصرى». أيا كانت النتيجة علينا أن نتذكر أن مدة الرئيس هى أربع سنوات فقط، بعدها سنصبح بإذن الله على موعد مع انتخابات جديدة، فيجب على الفائز أن يعمل بما يجعله عند حسن ظن المصريين به، وإلا فلن يكسب فى المرة التالية، وعلى المرشحين الآخرين وأنصارهم أن ينظروا إلى أقرب انتخابات جرت مؤخرا فى الغرب وهى الانتخابات الفرنسية كى نتعلم كيف يتم تداول السلطة وإلى أى مدى يتم احترام نتيجة الصندوق والنظر إلى الأمام والتعامل بطريقة متحضرة.
أدعو الله أن تمر الانتخابات على خير، وأن ننطلق بعدها على طريق النهضة ومصر القوية. يارب ولِّ من يصلح.