عادت أعداد غفيرة من الجنوبيين مساء أمس الأول الي منازلهم دون التمكن من الادلاء بأصواتهم بعدما أغلقت أبواب المراكز في تمام الخامسة مساء أمام حشود من الطوابير الممتدة بالآلاف. الاقبال النسائي علي صناديق الاقتراع كان من أبرز المشاهد داخل مراكز الاستفتاء بالعاصمة جوبا، حيث اكتظت الطوابير التي امتدت من الزحام الجماهيري المكثف في شكل حلزوني لتتخطي أبواب المراكز الي الشوارع والميادين المحيطة بكل مركز، وكان هذا الاقبال النسائي متوقعاً لارتفاع نسبة النساء التي سجلت للاقتراع قبل شهر. ومن المواقف الطريفة وضعت إحدي السيدات أول مولود لها اثناء تواجدها بمركز تصويت ماريدي في ولاية غرب الاستوائية، وقام المواطنون بنقلها الي المنزل قبل ان تدلي بصوتها. واقترن التواجد النسائي بوجود كم كبير من الأطفال داخل المراكز، وعلقت "كريس جورواء" بأن الأمهات تصطحب أبناءها إلي مركز التصويت إما لعدم وجود من يجالسهم لوجود الآباء أيضا في طوابير الاستفتاء، أو رغبة في اشراك الأطفال في مثل هذا الحدث الذي يعتبره الجنوبيون لحظة تاريخية من عمر بلاده، بل ومع وجود الكثير من النساء الأرامل اللاتي فقدن أزواجهن في الحروب التي امتدت لسنوات مع الشمال، وأتين بأطفالهن اليتامي إلي مركز الاستفتاء ليشهدوا لحظات الحرية والاستقلال التي دفع آباءهم حياتهم ثمنا لها علي حد قولهم. ومشهد اصطحاب النساء أطفالهن إلي مراكز الاقتراع كان يبرز الطوابير وكأنها تمتلئ بالمصوتين من صغار السن، حيث كانت غالبية الأمهات يحرصن علي اصطفاف أطفالهن أمامهن مما كان يزيد من ازدحام الطوابير، بينما كانت هناك من الأمهات التي تترك الأطفال ينتشرون للعب داخل المراكز.. بينما اضطر عدد كبير من النساء لحمل أطفالهن الرضع علي أكتافهن أو فوق ظهورهن لساعات طويلة في طوابير الاقتراع، وكان هناك نوع من الالتزام بالصفوف حيث لم يكن أحد يخرج من الصف للراحة حتي العجائز مع طول ساعات انتظارهم. شيوخ ومعاقون الطوابير المحتشدة بالآلاف أمام مراكز الاستفتاء كانت تكتظ بالشيوخ العجائز من المسنين بل بالمعاقين أيضا والكل يأخذ دوره ويظل واقفا لساعات وصلت في اليوم الأول إلي ما يزيد علي 16 ساعة حيث توافدوا من قبل السادسة صباحا إلي أبواب المراكز وظلوا يقفون حتي الخامسة مساء ثم عاد الكثير منهم لمنازلهم دون أن يتمكنوا من الادلاء بأصواتهم. الجميع أمام مركز الاقتراع جاءوا بالملابس الجديدة والتي حرصوا علي شرائها، ويعقب كنيدي ريتشارد أحد الذين وقفوا أمام مركز اقتراع حي الجلابة حتي الخامسة مساء أمس ولم يتمكن من التصويت فعاد من صباح اليوم الثاني، أن هذه الفرحة باعتباره يوم عيد يأخذ طابعاً احتفالياً تاريخياً، وكان الأطفال يملئون جيوب ملابسهم الجديدة بالحلوي، ويحملون الألعاب المختلفة فتري العرائس في أيدي الفتيات الصغيرات، والسيارات البلاستيكية في ايدي الصبيان، فيما حرص كل جنوبي علي الخروج من مركز الاقتراع عقب تصويته في الاستفتاء علي تقرير المصير والتوجه مباشرة إلي الكنائس المنتشرة في جوبا للصلاة. الكنائس بالعاصمة الجنوبيةجوبا كانت تدق أجراسها بقوة حيث كانت تكتظ بالمواطنين والأطفال، الذين صلي غالبيتهم بساحات الكنائس نظرا للازدحام الشديد، فيما كان المشهد بمساجد جوبا طبيعياً حيث لم يكن هناك احتفالات مماثلة للجنوبيين المسلمين رغم أن غالبيتهم أعطوا أصواتهم للانفصال. الوحدويون الأصوات الوحدوية لم تكن تعلن عن موقفها من بين الصفوف المكتظة أمام مراكز التصويت، وذلك مع ارتفاع أصوات الانفصال، في كل مكان في العاصمة جوبا، ويقول جورجي أحد الذين أعطوا أصواتهم للوحدة، إنه يخشي مغبة الانفصال ولا يصدق كل هذه الوعود عن عدم العودة للحرب، كما أنه يخشي علي مصالح الكثير من الجنوبيين في الشمال، وهناك أسر أفرادها شماليون وجنوبيون معا. وما يثير الاندهاش هو أن غالبية المصوتين للوحدة يخرجون عقب الادلاء بأصواتهم للرقص والغناء علي طبول الدعوة للانفصال، حيث يرون أن فرحة الاستفتاء هي فرحة لكل الجنوبيين دون النظر للنتيجة أو اختلاف الآراء. تصويت السجناء وسمحت الحكومة الجنوبية للسجناء بل للمحكوم عليهم بالإعدام في القضايا الإجرامية المختلفة بالادلاء بأصواتهم في الاستفتاء علي تقرير مصير جنوب السودان، حيث تم تخصيص مركز خاص لاقتراع السجناء في سجن جوبا.