أفلتت جريمة الإرهاب التي وقعت ليلة رأس السنة في الإسكندرية من أن تضبط بكامل تفاصيلها.. فلو أن مشروع مراقبة المدينة بالكاميرات كان قد اكتمل تنفيذه وانتقل من المرحلة التجريبية التي هو عليها الآن لكان قد توافر تسجيل كامل لكل الوقائع وبما في ذلك صورة الإرهابي الذي انتحر - فيما يبدو - بعبوته الناسفة الخسيسة. هذا أسلوب متبع في مختلف دول العالم، وأعتقد أنه صار موجودًا في بعض المدن المصرية منها شرم الشيخ، وقد أقدمت عليه الإسكندرية بمعاونة وزارة الاتصالات.. وسيكون متاحًا بعد بدء تشغيله الكامل أن يؤدي إلي السيطرة علي كل شوارع المدينة ومتابعة ما يجري فيها تفصيلاً.. وحتي ستة أشهر سابقة. العمل تكلف في الإسكندرية مائة مليون جنيه.. وفي الأقصر سوف يتم تنفيذه قريبًا بمائة وعشرين مليون جنيه كمرحلة أولي في مختلف المناطق الرئيسية والسياحية وصولاً إلي مرحلة تالية علي الطرق والمنافذ.. ولا شك أن القاهرة تحتاج إلي مثله. بالطبع، هناك من سيقول: إن وجود هذه الأنظمة في الدول الأوروبية ومنها لندن علي سبيل المثال لم يمنع من وقوع أحداث إرهابية، هذا صحيح.. ولكنه علي الأقل يفيد جدًا في تعقب الجناة ومتابعة أسلوب التنفيذ.. ولا شك أن هذا هو ما قاد دبي إلي أن تحدد من الذي قتل محمود المبحوح. تكلفة مثل هذه الأعمال الكبيرة توفر جهدًا مضاعفًا تبذله أجهزة الأمن.. حين تستعين بأعداد كبيرة من الأفراد.. والعلم يتطور والتكنولوجيا تتحدث بما يؤدي إلي توفير جهد الأفراد إلي مهام أخري ذهنية وتحليلية أكثر من بعثرة هذه الطاقة البشرية علي مهام عضلية.. والرقابة بالنظر واحتمال أن يجهد شخص أو يتعب أو حتي يغفل لسبب ما أو لأن شخصًا قد كلف بأن يشغله عن مهمته. لا أعتقد أن الحكومة تحتاج إلي تحفيز كي تقوم بهذا العمل العلمي المنظم.. المفيد.. فهي تتجه إليه فعلاً في محافظات رئيسية مختلفة.. ومن ثم فإنني أقصر دعوتي علي أن تمضي الجهود بشكل أكبر وأسرع وبحيث تتوافر الاعتمادات اللازمة.. وباستخدام تكنولوجيا علي أحدث طراز.. ففي تلك المجالات تتغير الأساليب يومًا تلو آخر. توافر المعلومات، أفضل من انعدامها، ونظام (الأخ الكبير) أو (البيج براذر) المستوحاة منه برامج تليفزيون الواقع الذي يترك مجموعة من البشر داخل مكان مغلق مراقب بالكاميرات في كل موضع وموقع يفيد كذلك في أمور غير الإرهاب.. والأمور الأمنية.. وفي ذلك يمكنه أن يؤدي إلي حلول لمشكلات المرور.. وإلي إتاحة السبل الأيسر لعمليات الإغاثة.. أو الانتباه لمواقع حريق.. وهكذا. ولا يوجد تعارض بين هذه الأنظمة وبين حقوق الإنسان.. وحريته في ألا يكون مراقبًا طيلة الوقت.. ذلك أنها لا تستخدم ضد الجميع.. وإنما حين تقع مخالفات أو أخطار.. كما أنها لا تكون مستخدمة في البيوت وحيث يقوم الناس بأعمالهم الخاصة.. ومن ثم فهي لا تخالف المبادئ الدستورية ولا تنتهك الخصوصية.. تتابع أفرادًا في الشارع. إن المشكلة هنا قد تكون في الاعتمادات.. وفي أن إضافة ذلك لبنود الموازنة قد يؤدي إلي قدر من العجز الذي لا ينبغي تمويله بالديون.. وبالتالي فإننا مجددًا نعود إلي موضوع جوهري معلق.. وهو أن في ميزانية مصر كثيرًا من الأمور التي يمكن الاستغناء عنها أو توفيرها لو انتبه المجتمع إلي توزيع أولوياته بطريقة صحيحة.. ومن ذلك أنه قد وجب أن نراجع برامج الدعم وما يتسرب منها إلي من لا يستحق.. كي نستخدم تلك الأموال الضائعة أو الذاهبة لجيوب حرام في مشروعات مهمة ولها أولويات حقيقية. الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net البريد الإليكترونى: [email protected]