أول بوادر المعارضة تحت قبة مجلس الشعب ظهرت مع النائب الدكتور زكريا عزمي.. أتوقع من ادائه في عرض خطابه ان المعارضة الوطنية الصادقة ستظهر في شكل جديد يختلف تمام الاختلاف عن اي شكل سابق في اية دورة برلمانية سابقة. أسلوب النائب الدكتور عزمي وضع لمن يريد ان يعارض الاسس المنهجية للمعارضة الموضوعية المخلصة التي لا تهدف إلا صالح الشعب، واعتقد في تصوري الشخصي من مشاهدتي للسيد النائب متكلماً تحت قبة مجلس الشعب منذ عدة ايام ، ان المعارضة لن تخرج إلا في حدود قواعد تم ارساء دعائمها من الجلسة الأولي، و تم تقديم اولي اوراق اعتمادها بتوقيع النائب الدكتور زكريا عزمي، اسلوب تناوله لبيانه يقول، اذا اردت ان تعارض فعليك. ان تكون معارضتك لصالح فئات الشعب بصفة عامة و لا تعارض من اجل مصلحة ابناء دائرتك التي تمثلها، أو من اجل فئة مهنية أو طائفية تنتمي اليها لتظهر امامهم في ثوب البطل. ان تكون معارضتك مدعمة بالوثائق و الأسانيد التي تدعم رأيك و تثبت بها صلاح وجهة نظرك فتكسب بذلك اصوات مؤيدين لك يدعمونك عند الاقتراع. ان يكون خطابك وعرضك لرأيك هادئاً دون صخب أو انفعال او ضجيج او تشاحن يثير الجلبة تحت قبة مجلس الشعب .. قوة الحجة هي التي تدعم رأيك ، فلم يأت الشجار بقانون ، و لم يجد رفع الحذاء في اوجه زملاء المجلس في الغاء قرار. لا تتأثر بأساليب المعارضة السابقة و تسعي الي اعلاء صوت الحناجر الزاعقة فوق صوت المنابر العاقلة حتي تكتسب صفة المعارض "الشرس" ، فقد ولت تلك الحقبة التي كان يتفاخر المعارض بقوله انه "كاد ان يطلع من هدومه" من تصرفات الحكومة ، بل ابق عليك ملابسك، وعارض ، وناور، وحاور، وناقش بالحجة والدليل، وما فيه صالح الشعب سيكون. اتوقع وفق تلك القواعد ان تكون المعارضة اكثر هدوءاً واقل شغباً، ان تكون اكثر دراسة للأمور، وتعتمد تلك الدراسات علي اسانيد العلم والقانون والتاريخ، واقل تأثراً بمواقف انفعالية تستند الي اثارة المشاعر بالاداء الذي يغلب عليه الأداء المسرحي لاثبات وتأييد وجهة نظر صاحبه، اتوقع من اسلوب اداء النائب الدكتور زكريا عزمي ان يظهر نواب معارضون من صفوف نواب حزب الأغلبية لاظهار مدي استحقاقهم لمقعد البرلمان، وستكون معارضتهم كمثل معارضة الدكتور عزمي في قوة حجته، وهدوء عرضه لبيانه.. فتكسب الحياة النيابية وجوهاً معارضة لها الجديد في شكل الأداء والتميز في بيان الخطاب. بل اعتقد ان المعارضين الجدد سوف يستعينون بفقهاء العلم والبحث العلمي و القانون لتقديم الدراسات القائمة علي ابحاث منهجية تدعم وجهات نظرهم عند القاء الكلمة امام زملائهم من النواب وفي هذا الأسلوب كل الثراء لمناقشات مجلس الشعب لكل المعروض عليه من قوانين او قرارات. اتوقع ان نفاجأ بمعارضة مختلفة في الشكل والمضمون تختلف كلية عما سبقها من معارضة ، معارضة تهتم بايضاح الرأي الثاني عند النقاش ،معارضة تستند الي اسانيد علمية ومنطقية تدعمها دراسات وآراء الفقهاء كل في مجاله، معارضة تسجل في تاريخ المعارضة البرلمانية انها كانت من بين صفوف حزب الأغلبية تعارض وتخالف لصالح صفوف الشعب كله بكل احزابه و ليست لصالح حزب بعينه ، معارضة تسجل لنفسها انها معارضة وطنية لصالح كل فئات الوطن وليست معارضة حزبية لصالح الحزب. المعارضة الوطنية الجديدة والتي اسس دعائمها النائب الدكتور زكريا عزمي بأسلوب ادائه البرلماني هي معارضة تعمل لرفع الوطن عالياً، و لا تعمل لرفع الحذاء كما - للأسف الشديد - شاهدنا اكثر من مقاس، لأكثر من حذاء، لأكثر من نائب في دورات برلمانية سابقة.