هل كان كارل ماركس ماركسيا أو عبدالناصر ناصريا؟.. الحقيقة لا أعرف ولكني أشك.. دعونا من هذا الكلام السياسي.. الحقيقة والحقيقة فقط أنا متأكد أن لا كارل ماركس ولا عبدالناصر يمكن أن يعرفا أنفسهم.. بهذه المفاهيم المبسطة إلي درجة الخطأ الفادح. كان كارل ماركس أولا مفكرًا وفيلسوفاً واقتصاديا.. كان عالمًا بكل ما لهذه الكلمة من معان.. درس الرياضيات وكان له رأي جاد في الرياضيات العليا في وقته وهي التفاضل والتكامل، بل وكانت له نظريات رياضية في حدود تبدو لي بالطبع الآن ضيقة جدًا، ولكن لم يكن كارل ماركس يستطيع أن يكتب كلمة عن موضوع بدون أن يكون قد قرأ كل ما كتب من قبله عن هذا الموضوع وقبل أن يقتله بحثًا. جلس كارل ماركس يوميا الساعات والأيام والشهور والسنين وهو عاكف في المكتبة البريطانية في لندن يبتلع كل ما يقع تحت يده من معلومات وأفكار ودراسات وكتب «لآدم سميث» و«لركاردو» و«لمارتوس» و«لجون ملز» وكل من اقترب من الاقتصاد كعلم من قريب أو بعيد ناهيك عن دراساته الجادة في ألمانيا لفلسفة عمنوال كنت و«فريدرش هاجل» و«فير باخ» واشتراكه في المجموعة التي كانت تسمي «الهجليين» الشباب.. نسبة إلي الفيلسوف الألماني العملاق «فريدرش هاجل» مؤسس علم الجدلية.. أين هذا الكارل ماركس من الأقزام التي جاءت بعده تتشدق بكلماته كما لو كانت كتابًا مقدساً من نبي مرسل ويكتبون أفكارهم في مقالات صحفية سطحية لا يزيد عمقها علي عمق القهوة في الفنجان الموجود في يد قارئ المقالة. طبعًا كان ماركس أيضا صحفيا ملهمًا وأنشأ كثيرًا من الصحف وكتب في «الرينش مركور» علي سبيل المثال، ولكن اهتمامه بالسياسة اليومية لم يكن أكثر من مثال للواقعية في التطبيق ومحاولة موازاة العلوم الدقيقة مثل الطبيعة والكيمياء في النظر إلي الأحداث السياسية علي أنها المعمل الذي تختبر فيه النظريات. أسوأ ما كان في فلسفة كارل ماركس هو أغلب الظن صداقته الحميمة مع «فريدرك إنجلز» ابن الأثرياء الذي ينحدر من أغني عائلات ألمانيا وكان والده يملك المصانع في كل أوروبا بما في ذلك إنجلترا، حيث لجأ كارل ماركس ومات وما زال قبره موجودًا هناك. كان «فريدرك إنجلز» يكره عائلته ويكره البرجوازية التي هو جزء منها فتزوج عددًا من المرات وفي كل مرة كانت زوجته عاملة بسيطة لا تستطيع ولا حتي القراءة أو الكتابة، إلي حد ما كان «إنجلز» أيديولوجيا، أما ماركس فكان عالمًا ممن سموا أنفسهم «ماركسيون» كان نسبة كبيرة منهم «أيديولوجيين» أكثر منهم مفكرين أصليين من طراز كارل ماركس ولو قابلهم كارل ماركس لهرب منهم متأففا. أعتقد هذا الكلام ينطبق علي كل هؤلاء العظماء بعد مماتهم وتوظيف أسمائهم بالإيجابية أو بالسلبية وهم تحت التراب لا حول لهم ولا قوة. .. ونكمل غدًا