لو تأملنا ماحدث في مصر في الأسابيع القليلة الماضية نجد أن الشأن السياسي العام قد تعرض للإضافة وللحذف معا في آن واحد؟!، فلقد تمت إضافة أعداد كثيرة وجديدة من الأعضاء للبرلمان ممن ينتمون لحزب الأغلبية الحاكم وفي نفس الوقت تم حذف أعداد كثيرة ممن ينتمون لغير الحزب بل ومن المعارضة بكل أطيافها وعلي وجه الخصوص من المستقلين اسميا عن الأحزاب. ولكنهم تنظيميا أقوي من كثير منها وهم بصراحة جماعة الإخوان المسلمين، أدي ذلك الحذف والإضافة إلي تغيير في الشكل وفي المضمون للكتلة البرلمانية التي صارت متجانسة تماما مع بعضها البعض خاصة أن المعارضة قد أبعدتها الصناديق إلي خارج البرلمان الجديد،. أبدي كثير من الناس ارتياحهم لما حدث وعلي النقيض كان هناك آخرون ازداد تخوفهم من مجريات الشأن السياسي البعيد عن التجاذب بين الحكم وبين المعارضة وتحول الموقف من تخالف الآراء في التعددية الحزبية إلي تحالف الآراء الشبيه بتحالف قوي الشعب العامل أيام الحزب الواحد الذي كان يحمل عنوان الاتحاد الاشتراكي العربي تعبيرا عن الشمولية. وهذا دفع بهم إلي استنكار ما حدث خوفا من الظواهر التي كانت سائدة في ذلك الوقت منذ نحو أربعين عاما ، لم تكن هناك تعددية سياسية ولكن لابد من حصولك علي شهادة تفيد بعضويتك في الاتحاد الاشتراكي حتي يتم إدراج اسمك في أي عمل أو ترشيحك لأي منصب أو حتي حصولك علي أي قرض؟!، كانت الحياة السياسية سردابا مظلما مليئا بالخفافيش!! . لقد حدثت إضافة كبيرة لعدد أعضاء المجلس من بين أتباع الحزب الوطني مما جعل له أغلبية ساحقة تصل إلي 97 % تقريبا من مجمل عدد الأعضاء ولم يتبق سوي الفتات للمستقلين والحزبيين حتي لن يتمكن أي منهم من القيام بدور المعارضة ولو من قبيل ذر الرماد في عيون الحاسدين أو الحاقدين أو حتي المستقلين ، زاد الحديث عن خلفيات ما حدث أولها التزوير والتسويد والتقفيل ، بينما تعالت الأصوات المنددة بإبعاد القضاء عن الصناديق وإبعاد المرشحين كذلك!! ومازالت حرب التشكيك دائرة وأصابع الاتهام موجهة وبدأت محاولات غريبة لاستعادة التوازن الذي ضاع خلال المعركة ، من بينها الاحتكام للقضاء الاداري وغيره من المحاكم، وتشكيل ما يسمي بالبرلمان الشعبي؟!، وهو شيء لم يعهده المصريون من قبل. وطالما قلت كلمة المؤتمر الشعبي والمحاكم الشعبية والمساكن الشعبية وكل ما يلتصق مع كلمة الشعبية فهو محكوم عليه بالنسيان والهجران لأن الشعب في حقيقته مازال ينتظر لنفسه دورا فعالا فيما يحدث وليس من خلال تشكيل جبهة هنا أو حركة هناك، يا ناس لابد من وجود حزبي قوي ومتين ومعروف ومؤهل كي يلتف حوله الشعب. في رأيي انه من الضروري أن يسارع الحزب الوطني إلي تشكيل جناح معارض قوي داخل أروقة الحزب حتي يمكن له متابعة الأداء الديمقراطي بشكل مقبول وأن يتولي هذا الجناح المعارض ضبط الإيقاع داخل المجلس حتي لا تطغي أصوات الأغلبية علي مجريات الأمور ولقد حدث هذا من قبل في مصر أيام حكم الوفد وحدث في الهند عند تكوين حزب المؤتمر الجديد المعارض لحكم حزب أنديرا غاندي في منتصف السبعينيات، بل ويمكن ملاحظة هذا الاختلاف في كل من الديمقراطيات العريقة في عالم الغرب. لذا فانه مطلوب في الديمقراطيات العريقة في الدول الأخري؟!، بل من المفيد والضروري أن يتمكن أعضاء المجالس المحلية من زيادة أعدادها من غير الحزب الحاكم حتي يتمكن كل مواطن من الشعور بنوع من المفاضلة بين هذا وذاك. ولقد كتبت في هذا الموضوع من قبل في أواخر السبعينيات من القرن الماضي عندما كان هناك بعض التنافر بين أعضاء الحزب الوطني وقتها وقدمت نفس الاقتراح وهو وجود جناح معارض داخل الحزب يقوده أعضاء لهم حيثية ولهم أيضا قبول شعبيا يحفظ التوازن بين الحذف والإضافة، أليس كذلك؟!