تلوح أمام مصر في العقد القادم العديد من الفرص الاستثمارية الكبيرة والمتاحة أمامها في الدول العربية المجاورة خصوصا دول مجلس التعاون الخليجي التي تشكل مع مصر القوة الإقليمية الضاربة في الشرق الأوسط، فهذا الجوار الجغرافي يمكنه ان يشكل إقليماً واحداً متكاملا فهو من جهة يضم دول مجلس التعاون الخليجي الغنية بالثروة النفطية والتدفقات النقدية الضخمة والتي تعدّ من بين أعلي الدول في العالم بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي للفرد، ومن جهة أخري مصر الغنية بالثروة البشرية والكفاءات الخلاقة المبدعة التي يمكنها المشاركة بفاعلية أكثر في عجلة التطوير والنمو التحديث المتسارعة في دول الخليج العربية. فعلي سبيل المثال المملكة العربية السعودية سوف تستثمر في مشاريع البنية التحتية مع حلول العام 2020 نحو 500 مليار دولار بالإضافة إلي 400 مليار دولار تم تخصيصها مع نهاية العام 2008 للمشاريع غير النفطية، كما ان دولة قطر أعلنت أنها سوف تستثمر نحو 100 مليار دولار في المنشآت الرياضية فقط في إطار استعداداتها لتنظيم كأس العالم في الدوحة عام 2022 . وسيشهد اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي نمواً خلال عام 2011 من خلال نمو صناعات الهيدروكربون واستثمارات البني التحتية وأنشطة القطاع الخاص، وستكون استثمارات البنية التحتية الدافع الثاني بعد النفط للنمو في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي وهو نتيجة مباشرة لرغبة حكومات هذه الدول في تحقيق طموحاتها علي المدي البعيد في تنويع النظام الاقتصادي بعيداً عن الاعتماد علي البترول المصدر الوحيد للدخل علي مدار الخمسين سنة الماضية، فمعظم دول الخليج وضعت خططاً تطويرية للعشرين سنة القادمة، وبالرغم من ان استثمارات البنية التحتية شهدت تباطؤاً خلال العام 2010 في بعض دول الخليج خصوصا في كل من قطر وأبوظبي إلا أنها ستشهد نمواً واضحاً خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، حيث إنه تم تأجيل العديد من المشاريع مثل الطرقات والسكك الحديدية ولكنها لم تلغَ ، والمؤشرات تفيد بأن العمل سوف يبدأ ثانية في هذه المشروعات مع مطلع العام المقبل وعجلة الاستعدادات بدأت فعليا في الدوران. وعلي ضوء الانتعاش الذي يعزز الاقتصاد في دول مجلس التعاون الخليجي ويمنحه قوة دافعة ومزيداً من الثقة، فعلي الجانب المصري أن يستثمر هذه الامكانيات المالية الهائلة والتدفقات النقدية الضخمة التي تنهمر علي دول الخليج ويسارع من خلال تحركات مدروسة يقودها القطاع الخاص الواعي الذي يمتلك الرؤية والإستراتيجية طويلة الأمد للدخول إلي هذه الأسواق والحصول علي فرص استثمارية جادة وحقيقية، أتصور أنها قريبة من متناول يده والا فان الشركات الأجنبية سواء الصينية أو الأمريكية أو الكورية سوف تلتهم هذه الفرص ولا ننتظر أن تتيح لنا هذه الشركات الفرصة بعد ذلك لنتحول إلي مجرد مقاولي انفار من الباطن لإمداد هذه الشركات بالعمالة فقط. الأوضاع داخل دول مجلس التعاون الخليجي آخذة في التغير من ناحية التوجه لأن تفتح الابواب أكثر أمام الدول العربية خصوصا مصر التي تمتلك رصيداً هائلاً من المحبة والثقة بفضل السياسة العروبية التي ينتهجها الرئيس مبارك من خلال المواقف الداعمة لهذه الدول علي جميع المستويات الدولية أو الإقليمية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه علي القطاع الخاص المصري خصوصا شركات المقاولات هل هو مستعد لهذه الخطوة التي ستدر عليه أرباحا اكثر مئات المرات من بيع المساكن والمباني في مصر وسياسة الابتزاز التي تمارسها علي المصريين جراء ذلك. المناخ في الخليج مهيأ أمام الشركات والعمالة المصرية أكثر من أي وقت مضي خصوصا بعد أن مرت هذه الدول بالعديد من التجارب والشراكات مع دول أجنبية أخري.