تحدثت من قبل عن الإهمال الذي يلحق بعض مساجدنا رغم تأكيدات وزير الأوقاف الدكتور محمود حمدي زقزوق علي ألا يصعد منبر المساجد إلا من كان معتمداً من وزارة الأوقاف، حتي لا تكون المنابر عرضة لإلقاء خطب هوجاء، أو تكون عرضة لأنصاف الجهلاء ممن يلقون علي مسامع الناس ما ليس من أمور الدين، أو يحصرون الدين في قصص وروايات ليست صحيحة. والغريب أنه في كل مرة أذكر نموذجاً لهذه المساجد يأتيني رد رسمي بالطبع من مديرية الأوقاف التي يتبع لها المسجد ليهمش الأمر، أو ليكذب ما قيل لمجرد نفي مسئولي تلك الإدارة الإهمال عن أنفسهم، ومع ذلك لم يثنني ذلك عن ذكر أي سلبية في أي مسجد حتي إن كان من فيه يعرفونني، فبيوت الله أولي بأن ندافع عنها لا أن نترك جهلاء يتحكمون فيها. وفي الجمعة الماضية شاء الله وبالصدفة أن أصلي في مسجد بمنطقة حدائق القبة يسمي مسجد التوحيد، حيث رفع للآذان وانا في طريقي لقضاء بعض الأمور، فوجدت هذا المسجد، ودخلت لأستمع لخطبة الجمعة، وفوجئت عندما رأيت من يخطب الجمعة شخصاً من العامة يرتدي قميصاً خارجياً ومن تحته تيشرت ترنينج، ويقف وعلي وجهه علامات الإرهاق، فتعجبت أن يقف مثل هذا لشخص خطيبا في الناس، خاصة ان المسجد ليس بصغير حيث ملحق به جنينة وساحة صغيرة يصلي الناس بها في الخارج، وأخذ من اتخذ مهمة خطيب الجمعة يلقي خطبته عن الموت، ولم أجد كلاما متسقا فهو يأخذ من هنا وهناك روايات وسيراً معروف بعضها والآخر غير مرتب، وإذا أراد أن يأتي بآية قرأها محرفة فيرده الناس أكثر من مرة، ومع ذلك ظل فوق المنبر يقول الخطبة. وما أن خرجت من المسجد أصررت علي أن تكون هناك رسالة أوجهها لوزير الأوقاف ليحمي هذا المسجد من مدعي الدعوة الذين يصعدون علي المنبر دون أن يعلموا ما الفائدة التي ستعود علي الناس من خطبتهم، ودون أن يكون لديهم علم حقيقي يؤهلهم لأن يكونوا وكلاء لإمامة الناس ودعوتهم. وأود أن انبه لأمر خطير وهو أن مقيمي الشعائر وللأسف عندما يتغيب الإمام لا يستطيع مقيم الشعائر أن يتولي مهمة خطبة الجمعة وهو ما يجعله يلجأ لأي شخص يستطيع أن يقف أمام الناس علي المنبر لينهي صلاة الجمعة بأي خطبة يلقيها، مع انه من المفترض أن يكون مقيم الشعائر مؤهلاً لمثل هذا. وكلمة حق.. إن المساجد ليست مكاناً يستبيحه كل من يدعي انه علي علم بأمر الدين، وانه قادر علي الخطابة في صلاة الجمعة، ويعتبرها نوعاً من الوجاهة بين الناس، كما علي كل إنسان أن يعرف خطورة الكلمة في الدين وأنها ليست لكل أحد، فالدعوة بالمساجد أمر مهم وخطير لأنه يبني كيان المجتمع الإيماني فإذا استهترنا بها، وجعلنا المنابر مستباحة لكل إنسان يريد أن ينصب نفسه خطيباً، لانتشر في مجتمعنا الجهلاء بالدين الذين يفتون ويضلون الناس باسم الإسلام.