خلص مولد سيدي الانتخابات ففاز البعض بالحصانة البرلمانية وخسر البعض ما أنفقه في حملته الدعائية وفاز أكثرية من الناخبين بالنقدية وسواء انتخب الصالح أو الطالح أو دخل خلف الستار ولم يستخدم بطاقته الانتخابية! الانتخابات تتبع الديمقراطية ذلك الاختراع الأجنبي الذي اتفقت عليه البلاد الغربية ومنها انتشرت في العالم حتي وصلت شواطئ البلاد العربية! كان منشؤها أساسا الحضارة اليونانية التي أخذت كل شيء عن الحضارة الفرعونية عدا بدعة الديمقراطية لكن سقراط أبوالفلاسفة وقاهر السفسطائية لم يقتنع بها لأنها تقوم علي رأي الأغلبية التي تشمل الرعاع والجهلاء والشوارعجية فمنعت الديمقراطية سقراط من التحدث في حقها فلما أبي واستكبر أن يرجع عن رأيه حكم عليه موتا بالسم حسب الأصول الديمقراطية ورغم أنهم سهلوا له الهروب حتي لا تكون فضيحتهم تاريخية فقد فضل أن يشرب السم هنيئا مريئاً ليموت سعيدا لأنه لن يحضر أيام الديمقراطية وسنينها. حققت الديمقراطية تقدما عظيما للأمم التي أخذت بنظامها واستفتت كل مواطنيها لاختيار من يمثلونهم فيقودونهم لاحتلال الشعوب المجاورة وسلبها لتزيد ثرواتهم علي حسابها وكنا من الشعوب التي احتلتنا هذه الأمم لعشرات السنين ولكنها منعتنا أن نقلدهم ونأخذ عنهم الديمقراطية! فقد راح سعد باشا الذي وكله الشعب ليطلب من المندوب السامي البريطاني استقلال مصر لتحكم نفسها فرد بأننا لا نصلح لحكم أنفسنا وخلال 72 سنة من هذا الاحتلال رفضت الديمقراطية الإنجليزية فكرة الجلاء عنا أيا ما كان الحزب الحاكم بها فلما مارسنا الديمقراطية سقط المفكر أحمد لطفي السيد في الانتخابات في بلده لأن الناس اكتشفت أنه ديمقراطي وكانت فضيحة!! أما من فتن عليه فهو خصمه في الانتخابات! فقد أقنع الناخبين البسطاء أن الديمقراطية تعني الكفر تماما كما يقنعنا بعض الديمقراطيين المصريين اليوم أن العلمانية تعني الكفر! وفهم لطفي السيد الدرس فراح ينادي بأن التعليم يجب أن يسبق الديمقراطية لكن هيهات! وحل عبدالناصر الأحزاب ولما أعادها السادات كان الزمان قد دار دورته فإذا بالأمم التي استعبدت منطقتنا تطالبنا الآن بالديمقراطية علي عكس الماضي! سبحان مغير الأحوال! وقد عبرت عن هذا الحب المفاجئ لنا وزيرة خارجية أمريكا فقالت حتي لو أحدثت الديمقراطية فوضي خلاقة فأثبتت أنها سياسية وشاعرة أيضا رؤساء إسرائيل الديمقراطية تتابعهم قضايا الاختلاس والاغتصاب الجنسي ورؤساء أمريكا والدول الغربية نفس الشيء، ربما أفضلهم أخلاقا وتدينا هو جورج بوش بدليل أنه انتخب مرتين لأنه غزا بلدين.. أفغانستان والعراق! في منزل صديق لي حضرت مناقشة اشتركت فيها زوجته مع الشغالة التي تتقاضي خمسمائة جنيه وتعمل 7 ساعات لأربعة أيام في الأسبوع كانت تستأذن لتتغيب لتذهب للانتخابات حتي لا تسجن! سألناها جبتي الكلام دا منين؟ ردت بأن دا شيء معروف للكل ثم أإن زوجها يقرأ وأكد لها ذلك وحكت أن أحد المرشحين ساعدها هي وأهل الحي علي استخراج بطاقة الانتخاب وأعطي لكل منهم كيلو لحم مستورد زائد بطاقة انتخابية ثانية عليها صورته حتي يتذكروه وهم ينتخبون وحذرهم من الغياب حتي لا يدخلوا السجن لأنه العقاب لمن يتخلف! قلت مصطنعا الجد أنه علاوة علي هذا فإن الله سيغضب منها فرأيت في عينيها استعدادا للموافقة وهو ما يفسر شعبية ختان الأنثي رغم القانون الذي يجرمه واكتساح حجاب الأطفال وقد يفوز النقاب غدا بغالبية بلا انتخابات لنتقرب من الله أكثر ولا عجب فالديمقراطية تعني المساواة بين الجميع في الرأي والشغالة الأمية تعرف مصلحتها ومصلحة البلد مثلها مثل أحمد زويل ومصلحتها كيلو لحمة وتجنب السجن! هل أدعوك لتأييد الديكتاتورية؟ بالقطع لا مع أن بعض الدول الديكتاتورية نجحت أيضا في تحقيق إنجازات باهرة في الاختراع والتقدم والثروة وانتصارات رائعة علي شعوب أخري احتلتها بالحديد والنار إذن ما الحل؟ وما النظام الأفضل للإنسان؟ فكر أنت فأنا لا ادعي أني أعرف كل ما أنا علي يقين منه أن إهمال التعليم والعلم والبحث يؤدي إلي التهلكة مهما كان النظام السياسي ومهما كانت الدولة غنية فحتي الدول الثرية بالبترول أو المواد الخام وصولا إلي الذهب لا يتحقق لها الوجود في ظل أمية ثقافية وعلمية. ويمكنك أن ترجع إلي سقراط الذي لم يؤمن بالديمقراطية وتسأله بدلا مني لكني سقراط لم يقدم بديلا واضحا للديمقراطية وهو في كل مناقشاته كان يسفه آراء الآخرين ويسوق الأدلة الساطعة علي فساد منطقهم دون أن يجيب هو نفسه علي الأسئلة التي يمتحنهم بها حتي أطلقوا علي فلسفته أنها ديالكتيك سلبي، لكن سواء كنت معه أو ضده فعلينا أن نحترم اتساقه مع نفسه وامتناعه عن الادعاء والتظاهر بغير ما يعتقد وذلك لأنه لم يفكر أن يرشح نفسه فيضطر أن ينافق الشغالة الأمية ويضحك علي عقلها الساذج في نفس الوقت. كتبت مرات أن جاليليو لو كان قد تعرض لاستفتاء شعبي علي أفكاره فمن المؤكد أن الجماهير كانت ستؤيد إعدامه وربما لو حدث هذا لكنا حتي الآن نعتقد أن الشمس تدور حول الأرض والواقع أن الملايين في منطقتنا مازالوا يعتقدون ذلك! ولذلك لا شيء يمنع أن يمثلهم من يصرح لهم بهذا ليكسب أصواتهم في تسجيل فيديو حديث يفتي أحد المشايخ بضرورة أن يسد المرء فمه إذا تثاءب حتي لا يبول الشيطان في فمه فيدعو له جمع غفير «أكثر الله من أمثالك» وميزة الانتخابات الأخيرة أن من فازوا فيها لا يوجد بينهم كثرة من أمثاله. يبقي أن الأغلبية لم تشارك في الانتخابات ومعني هذا أن صنم الديمقراطية سقط عند التصويت عليه!