حاولت جماعة الإخوان المحظورة إفساد نجاح عضوها الوحيد الذى تمكن من الوصول إلى قبة المجلس مخالفا قرارها بالانسحاب، وذلك من خلال محاولة اجباره على التنازل عن موقعه النيابى تارة، ومن خلال ترويج ادعاءات استخدمت فيها ابنته «الإخوانية» بان نجاحه كان مكيدة من الدولة ضد الجماعة تارة أخرى، غير ان هناك تفاصيل أخرى كثيرة ضاعت بين الضجيج الذى افتعلته المحظورة حول الواقعة، كان لهذه التفاصيل عنصر الحسم فى تغليب كفة عاشور فى تمثيل دائرة النزهة وهى التى رصدتها جولة روزاليوسف فى الدائرة قبل ساعات من انتخابات الاعادة، ناهيك عن ان النائب الإخوانى المنشق اعترف فى المذكرة التى قدمها إلى النائب العام بالاختطاف بشكل غير مباشر، حينما قال انه لم يختطف وانما مورست ضده ضغوط شديدة من قبل الجماعة كى ينسحب وتم اصطحابه إلى الإسكندرية بعد احتجازه فى مقر النواب بجسر السويس مرورا بمقر محمد إسماعيل نائب طلخا السابق عاشت منطقة بركة الحاج بعزبة النخل التابعة لحي المرج شرق القاهرة، علي مدار 48 ساعة مضت، أجواء استثنائية، تشبه إلي حد بعيد حقبة الأربعينيات التي نفذت خلالها جماعة الإخوان عددًا من وقائع الاغتيال والاختطاف ضد مخالفيها، وهو الأمر الذي لا يمكن رؤيته بمعزل عن سيطرة أحد عناصر مجموعة القطبيين -محمد بديع- علي قمة الهرم التنظيمي للجماعة، رغم محاولات الجماعة المستميتة للتغطية علي واقعة الاختطاف المشينة بادعاءات بعيدة كتدخل الدولة لإنجاحه في الانتخابات نكاية في الجماعة. قبل 48 ساعة من الانتخابات كان الغموض يسيطر علي مستقبل من يمثل الدائرة في المجلس.. الشكوك تملأ قلوب وأذهان المواطنين حول مشاركة «الشيخ مجدي» في جولة الاعادة.. عشر ساعات النائب السابق غائب عن الدائرة، بل عن بيته، لا احد يعلم أين هو.. عقب إعلان نتيجة الفرز في الجولة الأولي أعلن في ناخبيه اعتزامه خوض الجولة الثانية، لكن جماعة الإخوان اعلنت انسحاب جميع مرشحيها الباقين للإعادة.. الشيخ مجدي اعلن مخالفته لرأي الإخوان، وأنصاره أعلنوا ذلك من خلال سيارة بمكبرات صوت تجوب الدائرة.. مجدي الآن غير موجود.. الشائعات تقول انه مختطف، باقٍ علي التصويت في الجولة الثانية عشر ساعات. اليقين فجأة يقطع الشك خبر تبثه قنوات التليفزيون والفضائيات المسائية بأن عناصر من جماعة الإخوان المحظورة اختطفت النائب السابق، ذهبوا به إلي مقر النواب في جسر السويس لإجباره علي التراجع والالتزام بقرار الانسحاب، ثم إلي أحد منتجعات محافظة الإسكندرية، وهو الآن في طريق العودة إلي دائرته.. تجمع الأهالي حول التليفزيون في المقهي يتابعون الخبر. قبل دقائق من نشر الخبر كانت المنطقة النائية التي يسكنها النائب الإخواني مجدي عاشور تعيش اجواء من الصمت الغريب، سألنا عن منزل النائب لنستعلم عن حقيقة اختطافه علي يد عناصر الجماعة.. بسهولة وصلنا للمنزل، وبصعوبة تحدث أقارب الشيخ مجدي إلينا، نفوا واقعة الاختطاف، وقالت لنا مني كبري بناته التسع إن أباها برفقة مجموعة من أصدقائه من الإخوان في أحد المنتجعات -رفضت ذكر مكانه- كي يستريح من ضغط الناخبين عليه حتي يخوض جولة الإعادة ورفض الجماعة المقابل للاستمرار في المنافسة. زوج الأبنه زوج ابنة النائب «متولي ابو زيد» وهو ينتمي للإخوان قال: «عائلة الشيخ مجدي ليسوا إخوانا ولا يعرفون معني ان يصدر مكتب الإرشاد تكليفا لعناصر الجماعة.. أرادوا له ان يترشح، وأرادت الجماعة خلاف ذلك، هاج الأهالي وطالبوه بالاستمرار فما كان منه إلا أن أراد أن يستريح». بكلمات محسوبة بشدة، قالت ابنة النائب: «أبي ليس مختطفا، بل ذهب برفقة أصدقائه كي «يغير جو».. أنا من جهزت له ملابسه قبل السفر، لم يستقل سيارته بل سيارتهم هم.. أبي يتصل بنا كل حين يطمئننا عليه، ثم يعاود إغلاق هاتفه، أقاربنا يريدون أن يكون ابنهم نائبا بالمجلس، لي 17 عما وعمة، كلهم يحبونه ويريدونه نائبا، ولهذا كان البلاغ الذي تقدم به عمي ضد جماعة الإخوان». طلبنا من متبولي وزوجته أن يدلونا علي عمها مقدم البلاغ فرفضوا وقالوا إنه ليس موجودا، حاول زوج ابنة النائب إقناعنا بانسحاب النائب الإخواني، قائلا ان موقع إخوان شرق القاهرة يحمل تسجيلا للنائب مدته 43 ثانية يعلن خلاله انسحابه من جولة الإعادة، وأشار إلي أن عناصر الجماعة وزعوا علي الناخبين منشورا يحمل عنوان «شكر وتقدير وعاطفة» يقولون فيه علي لسانه: إنه انسحب من الإعادة وانه يشكر لهم تعاطفهم معه. الشقيق يختفي وصلنا من خلال الأهالي إلي منزل «عبد الباسط محمد سليمان»، وشهرته «صيام عاشور» كي نستعلم عن تفاصيل البلاغ الذي قدمه ضد الجماعة، رفضوا فتح الباب وأطلت زوجته من الشرفة تقول إن زوجها غادر المنزل وأنه أغلق هاتفه المحمول، وانها لا تعلم متي يعود، كشفت لها هويتي، ومع ذلك رفضت الحديث، وقالت انها لا تملك وسيلة اتصال بزوجها ولا توجد وسيلة اتصال كي نسأل عنه بعد عودته. أمام منزل بسيط يقع في مواجهة منزل الشيخ مجدي يجلس «عم سمير»، رجل ريفي بسيط، يوقد علي الشاي في موقد من عهد الثمانينات.. حكي لنا تفاصيل واقعة الاختطاف وقال «كانت الساعة الواحدة صباحا عندما حضر ثلاثة افراد ملتحون بسيارة «مرسيدس عيون» وسألوني عن منزل النائب فأرشدتهم، وإذ بهم يقولون له «انزل معنا من غير مناهدة» وخلال ساعة كانت شنطة النائب قد تم تجهيزها»، وتابع عم سمير: الشيخ مجدي قدمني إليهم علي أني الحارس الخاص به، فقدم إلي احدهم ظرفا به نقود غير مصرية، وعندما قلت له اني أريد بالعملة المصرية اعطاني مبلغ 700 جنيه وقال هي لك، ثم يمضي في وصف هيئتهم قائلا: «أحدهم يرتدي جلبابا أبيض والآخرون يتردون ملابس عادية.. ذهبوا به ولا احد يعلم مكانه إلي الآن». الإخواني الغامض قبل أن نغادر الشارع وجدنا شخصا تكشف هيئته، إخوانيته، يسأل عن منزل النائب وعندما سأله شخص عما يريد من النائب قال: إنه يريد أن يستعلم منه عن موعد الانتخابات غدا، دلوه علي المنزل دون أن يعلموا ماذا يريد علي وجه الحقيقة. عقب إعلان الخبر في الفضائيات وقبل وصوله إلي منزله، كان النائب الإخواني حديث المقاهي والبيوت، أحدهم قال ان مجدي عامل «السيراميك الكسر» عندما نجح في المجلس كان منزله من «البوص» ولم يكن احد يتوقع مطلقا نجاحه، الجماعة قدمته للناس وجعلت منه نائبا وبعدها اصبح له منزل من ثلاثة طوابق وسيارة، وآخر يقول: إن بساطته وعدم تزمته كباقي الإخوان هي التي جعلت الناس تختاره لأن الإخوان ليسوا أكثرية في الدائرة التي تحكمها العائلات، فالناس جميعهم يعرف بعضهم بعضا بعائلاتهم لأن أغلبهم من الصعيد. قطع حديث المرتادين علي المقهي صوت ضجيج السيارات والدراجات البخارية التي تزف النائب إلي دائرته في الثانية عشرة ليل الاحد وقبل ثماني ساعات من موعد التصويت لجولة الإعادة، في سيارة تقله وزوجته طاف مجدي عاشور تحيطه زفة كبيرة تتقدمها سيارة بمكبرات صوت تنطلق منها عبارات «الشيخ مجدي رجع.. لا للشائعات.. الشيخ مجدي بيكم وبينكم.. الزعيم مجدي وصل.. مكمل معاكم الانتخابات». لم تدرك المحظورة عندما أرادت أن توئد نائبها صاحب الرأي المخالف أنها تكتب له شهادة ميلاد جديدة، فراحت تنشر عبر موقعها علي الإنترنت ان الحكومة ستنجحه في الانتخابات، وهي بذلك تضييف إليه زخما آخر يجعل منه بطلا، غير ان البطل -الإخواني سابقا- لا يعلم انه لن يحصل علي صوت ابنته وزوجها الإخوانيين، فالجماعة وفق المفهوم الإخواني «كالشجرة لا حاجة لها بالفروع» وليس العكس.