نجح كل الوزراء الذين خاضوا معركة انتخابات مجلس الشعب في الدائرة الانتخابية لكل منهم من الجولة الانتخابية الأولي دون اعادة لأي واحد منهم. دخل كل وزير منافسة شرسة مع مرشحين آخرين للفوز بثقة ابناء الدائرة الانتخابية ليمثلهم و ينوب عنهم تحت قبة مجلس الشعب لمدة خمس سنوات مقبلة. شاهدنا وزيراً يحمل المصحف والانجيل، وشاهدنا آخر يشارك اخوته المواطنين في الاحتفال علي طريقتهم، كل علي طريقته. خلع كل وزير عباءته الوزارية وتركها خلفه علي باب وزارته في مدينة القاهرة، وذهب مواطناً مصرياً مرشحاً استوفي شروط الترشيح كمثل اي مرشح آخر. وفي الدائرة الانتخابية للوزير، احاط به اهلها ورافقوه في جولاته ومؤتمراته ولقاءاته، شاركوه في نقاشاته وجادلوه في احاديثه، ايدوه وعارضوه في وعوده، طالبوه بنواقص جوهرية في دوائرهم، وطلبوا منه حل مشاكل تؤرق سير حياتهم، لم يقف بينهم الوزير بصفته الرسمية، لكنه وقف بصفته الشخصية يطلب دعمهم وتأييدهم للفوز بمقعد التمثيل البرلماني نائباً عنهم، وفي نجاح الوزير كنائب عن ابناء دائرته الانتخابية اكثر من اشارة. كان اختيار رئيس الجمهورية لتعيينه وزيراً مسئولاً اختياراً صائباً دلل الشعب علي صوابه بانتخابه نائباً في مجلس الشعب، وفي النجاح مرتين اجماع علي التقاء الفكرين وتناسقهما مع بعضهما، فكر الرئيس وفكر الشعب. نجاح الوزير في الحصول علي ثقة رئيس الجمهورية مرة بصفته الوظيفية، ثم الحصول علي ثقة الشعب مرة ثانية بصفته الشخصية هو نجاح لمنطق اختياره كشخص منذ البداية. نجاح الوزير من الجولة الاولي وبفارق كبير في الاصوات الانتخابية بينه وبين اقرب المنافسين اليه، هو دليل علي حسن اختيار امانة الحزب الوطني لمرشحيه في دوائرهم المختلفة، وان اختيارات الحزب كانت علي اساس مكانة وقوة المرشح بين ابناء دائرته، ولم تعتمد علي قوة منصبه الوظيفي باعتباره وزيراً مسئولاً في الحكومة. نجاح الوزير كنائب يلقي عليه عبء المحاسبة الاولي والكبيرة من كونه نائباً عن شعب دائرته الانتخابية المحدود العدد، الي اعتباره وزيراً في خدمة عموم الشعب كله. نجاح الوزير كنائب لا يقتصر عليه فقط، ولكنه يمتد ويتسع ليشمل كل اشخاص زملائه الوزراء الذين لم يخوضوا معركة انتخابية، وهو نجاح يمتد الي سياسات الحكومة بصفة عامة - حتي وان كان عليها بعض الملاحظات التنفيذية - التي هو واحد من اعضائها. نجاح الوزير كنائب يعني موافقة الشعب علي رؤيته السياسية ومنهجه الفكري في حل المشاكل الحياتية التي تواجه ابناء دائرته الانتخابية، وهي الجزء الأصغر من مشاكل عموم الشعب التي يقوم بوضع السياسة التنفيذية لوزارته في سبيل ايجاد الحلول الأنسب لها. نجاح الوزير كنائب يعني انه اصبح وزيراً له مكتبان، احدهما في وزارته، والآخر - وهو الاهم - في مقر دائرته الانتخابية، فأصبحت القضايا الشعبية امام عينيه مباشرة لا تحتاج الي "واسطة" للعرض عليه، ولا يدخل طرف ثالث بين الشعب ونائبه، ومشاكل ابناء الدائرة هي نفس مشاكل و قضايا باقي عموم الشعب كله الذي يقوم علي خدمته النائب بصفته الوظيفية كوزير معين في الحكومة. اللقاء المباشر بابناء الدائرة مع الوزير النائب سوف يضع "حميمية" التعامل و"حرارة" الحوار موضع التنفيذ العملي الفوري، و سوف يسهم اسهاماً مباشراً في وضع الحلول المقترحة موضع التنفيذ الفوري ايضا، ولسوف يكتشف الوزير النائب افكاراً واشخاصاً يجدد بهم اداء العمل في وزارته التي تخدم جموع الشعب كله. اختيار الوزير كنائب في مجلس الشعب فيه كل الفوائد للعمل الوطني الجاد المخلص، وليس كما يروج البعض ممن يتطلعون - دائماً - نحو تعطيل ركب السير الوطني، لأنهم لم يكونوا ضمن افراده.