كشفت دراسة المعالجة الدرامية لقضية التدخين والمخدرات خلال شهر رمضان والتي أجراها صندوق مكافحة الادمان التابع لوزارة الأسرة والسكان أن 54 ساعة تضمنت مشاهد تدخين ومخدرات بإجمالي 2047 مشهدا وذلك بتحليل 35 مسلسلا في رمضان الماضي. جاء تدخين السجائر في مقدمة أنواع التدخين بنسبة 43.2% من اجمالي أنواع التدخين الاخري، وجاء في المرتبة الثانية تدخين الشيشة، يليها تدخين السيجار والبايب وأخيرا الجوزة. انتقدت الدراسة التي أطلقتها السفيرة مشيرة خطاب وزيرة الاسرة والسكان أمس الاول اظهار الدراما للتدخين والتعاطي أنهما أمر واقعي، والمبالغة في اظهار نسبة الاناث المدخنات، وتناول الكحوليات بشكل كبير رغم تعارض ذلك مع قيمنا واللافت للأمر ظهور السيجار وربطه بالوجاهة الاجتماعية واظهار المخدرات في مظاهر الاحتفالات والمناسبات. وأضافت الدراسة ساعدت الدراما التليفزيونية علي تشويه العلاقة بين الدين وتعاطي المواد النفسية حينما أبرزت في عدة سياقات قضية عدم تحريم تعاطي المواد النفسية وخاصة الحشيش، بل أظهرت بعض المتعاطين وهم يمسكون المسابح لذكر الله، دون أن تشير الي تعارض الفعلين معا، وهي بذلك تضعف من امكانية استخدام الوازع الديني في جهود الوقاية والعلاج من تعاطي المواد النفسية. كما ساعدت الدراما التليفزيونية علي اظهار العديد من ثغرات المواجهة التشريعية والقانونية لمشكلة المخدرات حينما أبرزت في عدة سياقات طرق التحايل علي قانون مكافحة المخدرات، وهي بذلك تفتح الطريق أمام المترددين في الدخول لهذا المجال «التعاطي أو الاتجار» طالما بقيت يد القانون عاجزة عن ملاحقتهم والتعامل معهم وغلبت المعتقدات والتصورات الخاطئة نحو التدخين، والتي تجعل منه سلوكا طبيعيا ومعتادا ولا يتسبب في الضرر ولا يضر الصحة، بل ويحقق فوائد جمة مثل التركيز والسهر والمتعة والوجاهة الاجتماعية. ورسخت الدراما أنه لايوجد أحد محصن ضد الوقوع في براثن التعاطي، وهو المبرر الذي يدفع كثيراً من المراهقين والشباب لتعاطي المخدرات طالما أن كل الناس تتعاطي المخدرات سواء من الاناث أو صغار السن والمسنين وعدم اقتصار التدخين علي مرحلة عمرية معينة، فقد تم تقديم جميع المراحل العمرية بأنها تدخن وكانت أكثرها المرحلة العمرية من 40 فأكثر. كما أظهرت الدراسة أن التعاطي سلوك اعتيادي ليس له أضرار أو لا يؤثر اطلاقا علي مصير الشخصية النهائي، وهو ما يقدم صورة مشوهة للواقع الاجتماعي حيث يقود التعاطي صاحبه غالبا في الواقع الاجتماعي الحقيقي الي نهايات حزينة، كذلك قدمت الاب كمدخن جاء في المرتبة الاولي بنسبة 45.2% وقد انتهكت الدراما المعايير المتعارف عليها، فالاب يمثل القدوة للابناء لذلك لم يكن مستغربا أن يكون الابناء من المدخنين بنسبة 36.5% «بنين وبنات» ثم الأم بنسبة 6.1%. وقدمت الدراما التليفزيونية شخصيات المتعاطين مبرزة جميع مميزاتها، وذلك علي أنها شخصيات قوية ومؤثرة علي البيئة المحيطة بها وناجحة في عملها، ومتحررة ومقبولة اجتماعيا وهو طرح بالغ الخطورة خاصة إذ أن المشاهدين يتوحدون مع أبطال ونجوم الاعمال الدرامية خلال فترات عرضها، مما قد يدفعهم في أحيان كثيرة الي تقليدهم في مواقف اجتماعية متشابهة. ومن جانبه انتقد عدلي حسين محافظ القليوبية تخصيص ركن خاص بالديكور للحشيش في فيلم الفجومي الجاري تصويره متسائلا الداعي في تخصيص مشاهد للتعاطي. في المقابل شن السيناريست محمد الغيطي هجوماً علي الدراسة مؤكدا أن الدراما لم تقدم إلا الواقع لأن القهاوي مليانة مدخنات والاسر مفككة علي حد تعبيره واصفا أن الدراما في حالة انهيار مستمر وأن الدولة تخلت عن دورها في الانتاج وافسد النجوم الكبار الدراما التليفزيونية واصبح الهم الأكبر للمسلسلات اثارة الغرائز. واتفق معه الفنان عمرو سعد الذي أكد أن كل الحلول المطروحة ساذجة وتحمل شكل الوصاية، وتميل للهجوم علي المطروح وأن الدراسة تحمل أجندة مسبقة أكثر منها علمية. ووصف حملات التنويه بالكلام الفارغ المفصولة عن الشارع وأن الشباب يسخرون منها، ورفض فرض أي وصاية علي الفنانين بل استنفار ضميرهم وأكد أن الحل في شراء دقائق في برامج التوك شوك الشهيرة أفضل من انفاق ملايين علي تنويهات فاشلة، ضاربا المثل بإعلانات ميلودي دراما التي رفضها الجميع إلا أنها حققت شعبية وجماهيرية كبيرة، واتفق الحضور من المؤلفين والسيناريست علي رفض أي شكل للرقابة أو المتابعة علي الانتاج الفني. بينما طالب د.سامي عبدالعزيز عميد كلية الاعلام بدعم بث تمويل التنويهات من قبل رجال الاعمال لانهم اكثر الفئات خسارة من تدخين العمال والموظفين، وعلقت مشيرة خطاب أن تأثير الدراما أكبر مما يتخيل وأن تكلفة بث التنويهات مخيفة وأن إحدي الشركات هي التي تبرعت بحملة اختار حياتك الخاصة بالادمان، وانه ليس باستطاعنا محاكمة الاعلام ولكن الهدف خلق وعي بخطورة المشكلة.