ما شاهدته وشاهده الملايين من المواطنين من إعلانات علي شاشة موقع اليوتيوب أشهر وأهم مواقع شبكة الإنترنت بين الحزب الوطني وحزب الوفد لكسب أصوات الناخبين في سباق التنافس علي مقاعد مجلس الشعب يستوجب بيان بعض الملاحظات حول أسلوب كل منهما بصفة عامة تقوم فكرة الفيلم الإعلاني لأي منتج علي قواعد راسخة أساسية تجب مراعاتها عند تصميم فكرة الحملة الإعلانية وأولي تلك القواعد «عندما تعلن عن منتجك لا تتعرض لمنتجاب الآخرين» كما أنه «لا تسيء إلي منتجات الآخرين» أيضا «وأنت تعلن عن منتجك لا تدعو إلي رفض منتجات الآخرين» بالإضافة إلي «لا تضع في إعلانك ما ينفر المشاهد من رؤيته فيعرض عن منتجك» مع ملاحظة «لا تصور مشاهد إعلانية تتنافي مع عادات المجتمع وتقاليده فيرفض ذلك المجتمع منتجك». تلك قواعد أساسية في فن الإعلان يراعيها مصممو الحملات الإعلانية المحترفون المتمرسون علي وضع أفكار وتصميم وتصوير الحملات الإعلانية للدعاية إلي منتجات العملاء الذين يتعاملون معهم. وفي حين أظهرت إعلانات الحزب الوطني إنجازات الحزب طوال السنوات السابقة بطريقة رزينة علي لسان أبناء الشعب كأحد الفلاحين الكادحين وأحد السيدات العاملات كانت إعلانات حزب الوفد غربية الشكل والمضمون فظهرت وكأنها تحطم قواعد علم الإعلان عن عمد وإصرار، في إعلان الحزب الوطني ظهر الفلاح الكادح يتكلم عن تلوث المياه في الماضي وكيف تم حل هذه المشكلة بإنشاء محطات المياه النقية كما تم إنشاء الكثير من المدارس وتعبيد الطرق خلال السنوات الأربع الماضية مما يطمئن علي تلافي معظم مشاكله في الوقت الحاضر فلا تظهر ثانية أمام أولاده في المستقبل علي حين ظهر فلاح آخر في إعلان حزب الوفد وهو منبطح علي وجهة استعداداً لتلقي حقنة «التغيير»!! وفي الحقيقة لم أتوصل إلي الرابط بين «التغيير» المنشود لحزب الوفد وبين الحقنة وعلاقة ذلك بالفلاح المنبطح يتألم ويتوجع من حقنة الوفد. وفي الإعلان الثاني للحزب الوطني تظهر المواطنة المصرية فاتن رئيسة التنظيف في إحدي الوحدات الصحية لتتكلم بصوت هادئ مطمئن للنفس وتحكي عن معظم المشاكل التي تم حلها لتيسر عليها الحياة مع أبنائها وتدعو فاتن إلي انتخاب مرشحي الحزب الوطني لاستكمال مسيرة الإصلاح خلال السنوات المقبلة علي حين تظهر في إعلان حزب الوفد دعوة التغيير من خلال شخص منزعج يتخلص من ملابسه تعقبه أم تغير حفاضات نجلها الرضيع تنظيفاً له من فضلات مخرجاته!! وللمرة الثانية لم أتوصل إلي الرابط بين التغيير المنشود لحزب الوفد وبين تغيير الملابس مرة والحفاضات مرة أخري. فكرة الحملة الإعلانية أي حملة إعلانية هي التي تعبر عن فكر صاحبها وما يريد أن يوصله للمتلقي من جماهير المشاهدين وتوضح السبل التي سوف يسلكها لتحقيق أهدافه في خدمة مجتمع المواطنين وعلي حين أظهرت الحملة الإعلانية للحزب الوطني مفهوم التغيير في فكر قياداته الذي يتضمن أنه تطوير لمستوي أداء الأعمال نحو تحسين الخدمات المقدمة لفئات الشعب المختلفة جاء التغيير في حملة حزب الوفد الإعلانية كمفهوم مسطح للكلمة نفسها من خلال فيلم يثير الشفقة علي مستوي فكر صانعيه أكثر ما يثير التعجب من إجازته من قيادات الحزب والموافقة علي عرضه علي مرأي من ملايين المشاهدين.. إعلانان أظهرا بوضوح تام فكر حزبين متنافسين في انتخابات مجلس الشعب. الحزب الوطني صاحب القواعد الحزبية الراسخة في طول مصر وعرضها يتكلم بهدوء دون انفعال وثقة دون غرور أو تجريح يطول الآخرين اعتمادا علي سابقة أعماله في خدمة جماهير الشعب ويتطلع إلي استكمال مسيرة نجاحه بدعم من أصوات الناخبين من مواطني مصر بينما حزب الوفد يبدأ حملته الدعائية بالدعوة إلي الامتناع عن التصويت لصالح الحزب الوطني ويسوق لفكرته عن التغيير بالمفهوم السطحي للكلمة مع أفلام إعلانية تفتقد الحد الأدني من الفكر الإعلاني بمفاهيمة العميقة وقد عبرت تلك الأفلام الإعلانية خير تعبير عن محتوي فكر قياداتها لبيان وجهة نظرهم في قيادة الأمة نحو المستقبل. أحزن علي أعرق الأحزاب المصرية الذي تأسس عام 1918 إذ يدعو الشعب إلي تغيير حاضره المحتل من مستعمر أجنبي بالثورة عليه وبعد ما يقرب من مائة عام يدعو الحزب الشعب إلي تغيير حاضره علي شاكلة تغيير الأم حفاضات أولادها الرضع!!