إذا كنت تتابع هذه السلسلة، فلابد أنك تذكر أنني بدأت عهدي بالكتابة المسرحية بمسرحية عابدين كومبلكس، وأنني دخت بها علي كل المخرجين والفرق المسرحية وأنني أعدت كتابتها أكثر من عشر مرات وفي النهاية نسيت كل شئ عنها ووضعتها بين أوراقي القديمة، وانشغلت بكتابة مسرحيات جديدة. وبعد الكارثة التي أصابت فرقة ثلاثي أضواء المسرح بإلغاء أول عروضها للمسرح، قابلت بالصدفة الضيف أحمد رحمه الله، الذي قال لي أن المساعدة الوحيدة التي يمكن تقديمها إليهم، هو أن أكون جاهزا بمسرحية فيها ثلاثة أدوار تصلح لهم. علي الفور تذكرت مسرحية حدث في عزبة الورد، أحضرتها له في نفس الليلة، لحسن الحظ كان عبد المنعم مدبولي قد قرأ المسرحية عندما كان مديرا لفرقة المسرح الكوميدي ، هكذا بدأت البروفات في اليوم التالي مباشرة في أجواء محبطة للغاية، غير أن مدبولي تمكن بإبداعه وصلابته من دفعهم للعمل. في الأسبوع الماضي، استضاف عمرو الليثي الأستاذ سمير غانم الذي وصف هذه المرحلة قائلا: بعد إلغاء العرض المسرحي الذي كنا علي وشك تقديمه، أنقذنا الأستاذ علي سالم بمسرحية من تأليفه وهي مسرحية حدث في عزبة الورد. لم يعلق الأستاذ عمرو الليثي، ربما أصابته صدمة خفيفة عندما فوجئ بأحد الفنانين يقول كلمة طيبة عن واحد بتاع تطبيع. لا أقول أنني أنقذت، الثلاثي ومعهم عبد المنعم مدبولي هم الذين أنقذوا المسرحية وأخرجوها من عالم النسيان لتنجح علي المسرح نجاحا لم أكن أتخيله. و بعد تسعة أيام بالضبط من بدء التدريبات تم افتتاح العرض المسرحي. في كل مكان هناك شخص يشع خيرا وإبداعا من كل خلايا جسمه وعقله، هذا الشخص في الفرقة كان عادل نصيف، هو ممثل ومدير خشبة مسرحية وهو قادر علي إيجاد حلول لكل مشكلة تظهر فجأة، استطاع عادل أن يحول ديكورات المسرحية الملغاة إلي ديكور جديد للمسرحية الجديدة، وأهم المشاهد كانت تدور في معمل، لأن بطل المسرحية مخترع له أبحاث معملية، ونجح عادل بالفعل في نقل جو المعمل من أضواء ومؤشرات وأنابيب إلي خشبة المسرح، وهاجر عادل نصيف إلي استراليا وفي الغالب هو في كندا الآن يعمل في صناعة السينما. اقتصاديات العرض المسرحي في ذلك الوقت كانت تحسب علي أساس أن يغطي تكلفته في ثلاثين يوما فقط، إذا استطاع أن يقاوم لمدة شهر كامل فهو عرض ناجح، لم يكن المسرح السياحي قد ظهر بعد، ولذلك كان نجاح عرض الثلاثي مذهلا بعد أن صمد لأربعة شهور كاملة.. ولكن ماذا عن العرض القادم؟ التجربة شجعت جورج وفجرت بداخله كل قدراته الإدارية، تعاقد علي مسرح الهوسابير الذي كانت فرق التليفزيون قد استأجرته ثم أخلته بعد فترة، دفع جورج عربونا مروعا هو ألف جنيه، لذلك كان لابد من تجهيز عرض مسرحي فورا. لم أكن جاهزا بشئ، قال لي الضيف: أنا شفت عند واحد صاحبي مدرس فرنساوي اسمه ريمون كتاب فيه مسرحية يلعبها ثلاثة أشخاص.. المسرحية اتعملت فيلم قبل كده.. وهمفري بوجارت لعب دورًا فيها.. الثلاثة مساجين. سألته: هل صاحبك ده يجيد الفرنسية؟ فقال لي: نعم.. هو من أصول فرنسية. طلبت منه أن يستدعيه فجاء بعد دقائق علي فيسبا، سألته: ماهي أحداث المسرحية؟ فأجابني معتذرا: مش فاكر والله.. أصل أنا قريتها زمان قوي.. عموما هي عن ثلاثة مساجين يقضون ليلة بين أسرة فيحلون لها مشاكلها. لم أكن في حاجة إلي أكثر من ذلك للموافقة علي تمصير المسرحية بعد أن يترجمها ريمون، للأسف هو لا يجيد العربية.