تحت عنوان "مذكراتي" نشرت مجلة المسرح في عددها الأخير أولي حلقات مذكرات المخرج المسرحي الكبير حسن عبد السلام الذي يعكف حاليا علي كتابتها بنفسه ، فرغم معاناته الصحية إلا أنه يري أنه الشخص الوحيد القادر علي كتابة ذكرياته كما يريد ، بدأت ذكريات شيخ المسرحيين في حلقتها الأولي بعنوان "حدوتة عاشق المسرح" يروي فيها نجاته من الموت أكثر من مرة حيث قال: في سن العاشرة غرقت حتي الموت في بقعة منعزلة عن الناس وقت الظهيرة، وكنت أعلم نفسي السباحة وفي لحظة قذفت نفسي في الماء، وشربت ماء البحر كله، وصرخت في كل محاولة لإنقاذ نفسي، وصحوت علي الماء يخرج من فمي وأنفي، ويدان قويتان تضغطان علي صدري، فتقذف بالماء من داخلي ، ولما انتظم نفسي سمعت الرجل المنقذ يقول "دي معجزة ربنا كتبلك عمر جديد". وأنا في الثانية عشرة أصبت بحمي التيفويد، ولم يكن العلاج متوافرا في هذه الفترة وبعد مضي شهر وأنا معزول عن الناس كل الناس سمعت الطبيب المعالج يقول لوالدتي"دي معجزة ، ربنا كاتب له انه يعيش"، وأنا في الثامنة عشرة كنت أركب القطار من محطة المطرية وفي أثناء وقوفي علي الرصيف مر القطار من أمامي بسرعة فائقة أفقت علي أصوات تتعالي "مش ممكن... مش معقول... ده احنا افتكرنا انه اتفرم... دي معجزة، ده ربنا كاتب له انه يعيش" ويضيف: في سن الواحد والعشرين تطوعت في حرب فلسطين وكان موقعي في "كنيسة ماري إلياس" في مدينة "بيت لحم" علي جبل صغير من موقع يسمي "جواد ثلاثة" وانضرب الموقع ، ومات من مات، وأصيب الكثيرون وأصبت بمجرد خدش صغير في ركبتي ، وقال ضابط الموقع ، "يا ابني دي معجزة ربنا كاتب لك تعيش" ويقول:وفي عام 1949 سافرت إلي السودان لأنشئ أول فرقة مسرحية في مدينة "واد مني" علي النيل الأزرق وهناك كانت المشكلات كثيرة وأهمها أن أحد العاملين في الفرقة اشتد عداؤه لي، حتي إنه أراد أن يقتلني وفعلا حاول ذلك لكن في هذه الليلة بالذات لا أعرف لماذا قررت أن أنام في الحديقة وسمعت أصواتا متداخلة فقد أمسك به الجميع وهو يضرب بالحربة سريري في الظلام، ويصرخ زميلي في الحجرة وهم يمسكونه وقد اعترف ، وفي النهاية صفحت عنه وقال زميلي"سبحان الله ربنا كاتب لك إنك تعيش" وفي سن الخامسة والستين أصبت بالمرض الخبيث وأجريت عمليتين جراحيتين لاستئصال الورم ثم تعرضت لعلاج كيميائي ثم علاج ذري وتعبت جدا نتيجة العلاج فسألت الطبيب عن إمكانية التوقف عنه فرد قائلا إذا توقفت لن أكمل سنة وأموت تركته مسرعا وتوجهت إلي شركة الطيران وحجزت تذكرة إلي السعودية بقصد العمرة وطفت بالكعبة ثم ذهبت إلي "بئر زمزم" واغتسلت من رأسي حتي قدمي وغسلت جراح العملية وأنا أبكي إلي الله تعالي ورجعت إلي مصر وامتنعت عن العلاج وبعد مضي عام أصر أحد أصدقائي أن أعيد التحاليل والفحوصات للاطمئنان وكانت المفاجأة هي أنني لم أجد أثراً للمرض في جسدي . وأنا في الثامنة والسبعين نتيجة العلاجين الكيمائي والذري وقلة الحركة أصبت في ساقي بضعف شديد أعجزني عن الحركة بمفردي ، كل هذا مر بي وأنا حاليا في الثالثة والثمانين وشعاري في الحياة "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" بعد حكايته مع معجزات نجاته من الموت بدأ شيخ المخرجين الحديث عن مولده ونشأته قائلا:ولدت في 27 مارس عام 1927 في تاريخ اليوم العالمي للمسرح وفي شهر رمضان الموافق يوم "ليلة القدر" ، أثر في إنني ولدت بالقاهرة الفاطمية بالقرب من الأزهر في منطقة "حوش قدم"، ويقولون أنني ولدت فجر ليلة القدر وكنت مولودا في كيس رقيق شفاف يطلقون عليه اسم "برنس" والموروث الشعبي يقول إن أصحاب هذا "البرنس" هم السعداء وسنعرف معا في الحلقة القادمة أنني لم أكن سعيدا قط.