لأنهم بدأوا لتوهم طريق الإبداع والكتابة، بل طريق الحياة أيضا، بوصفهم كتابًا شبابًا، قررنا في "روزاليوسف" أن نفسح لهم مكانا علي مدار عدة أيام، لنلتقي وقراؤنا بهم، نتعرف معهم علي آرائهم وأفكارهم تجاه كتاباتهم، وتجاه حياتهم المعاشة، وعالمهم الأدبي من حولهم، مدفوعون بالرغبة في الاقتراب منهم في عصر ازدحمت فيه الكتابات بشكل قد يجعل من الصعوبة بمكان متابعتها عن قرب، لعل اقترابنا منهم يفتح لهم نافذة تعرفهم علي القارئ وتعرف القارئ بهم، أو يمثل نقطة إضاءة لهم في مشروعهم الإبداعي. تجربة حقيقية لفتاة محجبة عاشت طفولتها ومراهقتها في أيرلندا، ذلك ما قدمته الكاتبة الشابة ريم جهاد في أولي تجاربها كتاب "مذكرات فتاة في الغربة" الصادر عن دار "اكتب"، وفي المذكرات تقدم لنا ريم مشكلات عديدة تتعلق بالغربة في سن المراهقة، ومواجهة الآخر بثقافته الرافضة لنا والمتحفظة علي الكثير في عقيدتنا، والاضطراب الذي يحدث للشخصيات لعدم القدرة علي استيعاب ما يحدث، حول هذه التجربة، التقينا ريم لنتعرف علي ملامح مذكراتها: هل موضوع الفتاة المحجبة كان أكثر الموضوعات المستفزة للأجانب؟ - هذا صحيح، لأن فكرة الحجاب هو أكثر مظهر يعبر عن الإسلام، وبالتالي يمس الأفكار والمسلمات الخاطئة عن الإسلام مثل الفكرة السائدة أن من تلبس الحجاب أجبرت عليه من قبل الشخصية الذكورية المحورية في حياتها كالأب أو الزوج، وبالتالي فهي تعيش مقهورة وبالتالي تعاني من مشاكل نفسية لا تستطيع من خلالها أن تتعامل بشكل سوي مع الآخرين، وليست مبدعة وأفعالها عنيفة، وهناك موضوعات أخري مستفزة لهم عن الإسلام ولكن أكثرها الحجاب، وقد حاولت في الكتاب أن أوضح الفرق بين حياتنا وتربيتنا وحياتهم وتربيتهم وهي الأكثر انفتاحا عنا. وهل طلب منك أحد أن تتحجبي؟ - لم يطلب مني أحد أن أتحجب، فلقد كان قراري الخاص قبل العودة لأيرلندا بأسبوعين، كما أنني واجهت رفضا من كل الأسرة لصغر سني، لكني وجدت في الحجاب وسيلة للدفاع عن إسلامي وديني أمام الأفكار الخاطئة والمغلوطة عن الإسلام، فالأمر بالنسبة إلي أخذ مبدأ "أكون أو لا أكون". وكيف استطاع الوالدان التوفيق فيما بين ثقافة المجتمع الأيرلندي وثقافتنا المصرية؟ - من وجهة نظري أري أن أهلي ربياني علي كل قيمنا نحن، ولم يستطيعا التوفيق جيدا فيما بيننا وبين المجتمع الجديد الذي نعيش فيه، مما خلق الحاجز النفسي، وأضيف إلي ذلك مشكلة الفكرة المسبقة لدي المجتمع الأيرلندي عن الإسلام أيضا عمري وقتها 10 سنوات حتي سن 15 عاما، لم نكن بالنضج الكافي لتجاوز مثل هذه الأفكار المغلوطة أو حتي كيفية تصحيحها وتعديلها للآخر، لكن من أهم ما ربيت عليه حب اللغة العربية والاعتزاز بكوني مصرية عربية مسلمة. هل تعتبرين كتابك رسالة موجهة للآباء المقبلين علي السفر؟ - ليس تحذيرا من السفر، إنما نوع من إلقاء الضوء علي تلك الفئة العمرية وما تعيشه أو تواجهه من تفاصيل حياتية هناك، لا يستطيعون التفاعل والتعامل معها كما يجب، فمن خلال معرفتهم بهذه التفاصيل سيتجاوزون مشكلة تنشئة أطفالهم بمجتمع ذي ثقافة وطبيعة خاصة، كما أن الأولاد لن يستطيعوا أيضا أن يعبروا عما بداخلهم أمام آبائهم، لكنهم سيتجهون للتعبير عن مشاعرهم علي الورق ومن خلال الكتابة. عند عودتك لمصر هل شعرت بالاغتراب؟ - إلي حد ما ولكن ليس بمعني الغربة المتعارف عليه، أستطيع أن أقول أنني كنت في حالة من الذهول أو كأني من كوكب آخر نوعا ما، لأن ما نشأت عليه يختلف تماما عما وجدته في السلوكيات العامة، فليس هذا هو المجتمع الذي كان يحكي عنه أبي الكثير والكثير من الحكايات. كيف كانت رحلتك مع النشر؟ - لم تكن رحلة الحمد لله، فلقد توجهت مباشرة إلي دار "اكتب" وذلك من خلال موقع الدار علي الإنترنت، وتواصلت مع الأستاذ يحيي هاشم عبر الإيميل وعند نزولي وقعت العقد وتم النشر، وكنت قبل ذلك أنشر المذكرات كحلقات علي الإنترنت، ثم حاولت في مجلات مختلفة لكن نظرا لضيق المساحات لم تنشر، إلي أن قمت بتجميعهم ونشرهم ككتاب. كيف كانت ردود الأفعال النقدية علي الكتاب؟ - من جانب النقاد، رأي الدكتور محمود الضبع أن الكتاب بداية مبشرة، لكنه رأي أنه ليس رواية فالرواية أراها تحتاج للكثير من الدراسة والقراءة والمتابعة، واتفقت معه هويدا صالح في ذلك وأضافت إن لدي قدرة سردية جيدة وقارنت فيما بين الكتاب وبين كتب أخري كتبت في الغربة، وكتبت مقدمة للكتاب سيتم طبعها في الطبعة الثانية للكتاب. اليوم بعد مرور عام علي نشر الكتاب كيف ترينه وقد اكتسبت خبرات جديدة؟ - كتجربة كتابة في مراهقتي أراها جيدة، وسعيدة لأنه أتاح لي فرص مختلفة في الاحتكاك بالوسط الأدبي والصحفي، فأنا الآن أعمل في مجلة "كلمتنا"، أيضا متماسة مع الأنشطة الأدبية المختلفة، وكيف أكتب قوالب مختلفة وهكذا. بدأت بكتابة الرواية فما هي خطتك القادمة؟ - قد تكون رواية وقد تكون مجموعة قصصية لم أحدد بعد، لكن الرواية تحتاج إلي مجهود كبير، لكنني مهتمة جدا بكتابة رواية أخري، لكن عموما فكرة الكتابة حاليا هي مشروع مؤجل، فأنا مهتمة أكثر باصقال أدواتي وقراءاتي في الأدب، لتكون الخطوة القادمة أكثر نضجا وتأسيسا لمشروعي الأدبي.