لأنهم بدأوا لتوهم طريق الإبداع والكتابة، بل طريق الحياة أيضا، بوصفهم كتابًا شبابًا، قررنا في "روزاليوسف" أن نفسح لهم مكانا علي مدار عدة أيام، لنلتقي وقراؤنا بهم، نتعرف معهم علي آرائهم وأفكارهم تجاه كتاباتهم، وتجاه حياتهم المعاشة، وعالمهم الأدبي من حولهم، مدفوعون بالرغبة في الاقتراب منهم في عصر ازدحمت فيه الكتابات بشكل قد يجعل من الصعوبة بمكان متابعتها عن قرب، لعل اقترابنا منهم يفتح لهم نافذة تعرفهم علي القارئ وتعرف القارئ بهم، أو يمثل نقطة إضاءة لهم في مشروعهم الإبداعي. في روايتها الأولي «الممر الضيق» الصادرة حديثا عن دار «شمس»، تبحث إيمان عبد العظيم محمد عن الحلم الشارد، وتطرح أسئلة تعني بالهامشي وتقدم رؤيتها للماضي والحاضر والمستقبل، وفيها تتأثر بموت والدها الملحن عبد العظيم محمد، وتخبرنا في حوارنا معها أنها تكتب لأنها تمتلك شيئا ما بداخلها، تود أن ترسله للعالم. هل توافقين علي وصف روايتك «الممر الضيق» بأنها رواية عن الحلم؟ - تتمسك الرواية بأمل تحقيق الأحلام، فهي عن الحلم الشارد الذي نتمناه دائما، سواء نعرف ماهيته أو لا نعرفها أبدا وتظل لغزا دفينا، وأيضا تتضمن الحلم القريب الذي نعرفه ونحاول تحقيقه بالعمل والإرادة والصبر، أو نحاول تحقيقه بانتهاز فرص الآخرين، الأنانية المطلقة أو بيع كل القيم النبيلة كما فعل أخو البطلة أحمد. لماذا اخترت «الممر الضيق» عنوانا للرواية؟ - حياتنا تشبه ممرات منفصلة متصلة، بعضها واسع والآخر يضيق حتي لا يسع مرور إبرة صغيرة، وكذلك النفس البشرية، إما أن يكون صاحبها يمتلك ممرا واسعا يتسع للجميع، أو يمتلك ممرا ضيقا لا يتسع لصاحبها نفسه. هل تنتمي روايتك إلي أدب السيرة الذاتية؟ - تحدثت بلسان الراوي، ولكن هذه قصة من نسج الخيال، أو بمعني آخر استقيت البطلة من محيطي الشخصي، لكن باقي الأحداث والشخصيات من نسج الخيال، ربما فقط ستجد في الفصل الرابع إحساس البطلة بموت والدها نتاجا لتجربتي الشخصية منذ سنة تقريبا، عند وفاة والدي. حدثينا عن علاقتك بوالدك الملحن الراحل عبد العظيم محمد وكيف أثر في كتاباتك؟ - أبي شكّل حجر الأساس في تكوين شخصيتي مع أمي (رحمهما الله)، وانتمائي لديني وجذوري، أرضي وأهلي، كان مثلي الأعلي في كل نواحي الحياة، اجتماعيا وفنيا وإنسانيا، وأتمني أن أكون نسخة منه في احترامه لذاته وفنه وحبه للآخرين، أتمني أن أظل مثله، أحمل صفات الشباب في قلبي وروحي حتي آخر يوم في عمري، بالطبع الإبداع لا يورّث، فليس بالضروري أن نبرع في نفس المجال الذي تميّز فيه آباؤنا، نحمل من الصفات الوراثية لكننا وتركيبات جينات بعينها، ما يؤهلنا لرفع راية الإبداع وإبقاء جذوة الشعلة في حالة توهج، تعلمت من والدي الانضباط في القول والفعل، واحترام الصغير قبل الكبير، والتواضع والتباسط مع الناس. هل تكتبين لأن لديك رسالة تودين توصيلها؟ - لا أعتقد أن هناك من يكتب بدافع التسلية، حتي من يقوم بكتابة مذكراته الخاصة، فهو يكتبها علي أمل أن يقرأها شخص قريب منه في أحد الأيام، أو يكتب لإخراج طاقة كامنة بداخله يود التخلص منها، عن نفسي أكتب لأني أمتلك شيئًا ما بداخلي أود أن أرسله للعالم أجمع. وما الذي تودين إرساله للعالم؟ - أريد بكتابتي أن يسترجع البشر آدميتهم ويحترموا مشاعر بعضهم بسماحة، أن يظهر مضمون احترام إنسانية الآخرين وأفكارهم علي صفحات رواياتي، فتتآلف القلوب المتنافرة وتتصالح النفوس المتخاصمة، ويصبح المفهوم السائد هو فكرة التعايش بانسجام، وحين ينتهي العمر سأكون كتبت كل ما أطمح أن أصل إليه، أميل للكتابة التاريخية التي تتحدث عن حضارة من عاشوا قبلنا، لأنني أحب التفاعل مع الأحداث السابقة، والبطولات التي خاضها أسلافنا في الماضي. هل كتابة روايتك بصوت أنثوي يعد انحيازا للأنثي؟ - وإذا كان كاتب ما يكتب بصوت الذكر ألا يعد هذا انحيازا للذكورة، بالطبع لا، أعتقد أن المنطق يفرض عليّ أن أكتب بلسان حال من أعرفه، فمشاعر وأحاسيس الأنثي أملك أدواتها جميعا، أما عندما أكتب عن مشاعر الرجل فتكون الأدوات مُستعارة من أصوات للذكور مرّوا عليّ في مشوار حياتي. وما رأيك في مصطلح «الأدب البناتي»؟ - أفضل عدم تقسيم الأدب لفصائل عرقية أو حسب نوع الكاتب، ذكر أو أنثي، ربما تكتب المرأة بتفاصيل زائدة وبوفرة في المشاعر والأحاسيس، وربما تكون روايتها الأولي في الغالب سيرة ذاتية لتجربة عاشتها من قبل، شأنها شأن الرجل، فالجميع يكتب بناء علي تجارب حياتية خاضها أو سمع بها. لكن هنالك من يري أن زمن الرومانسية قد انتهي هل توافقين؟ - أعترض أولا علي لفظ الرومانسية فهي لا تخدم ثقافتنا العربية إنما هي مُستقاة من حضارة الرومان القدماء، أما العرب فتحدثوا عن الحب والوجد والغرام والعشق، تلك المرادفات ستظل باقية، حتي يُنهي المولي سبحانه زماننا المعلوم، ويبدأ زمن آخر لحياة أخري بعد الموت. يتردد أنه رغم زيادة وتنوع دور النشر لا يزال الشباب يعانون في نشر أعمالهم الأولي، فهل هذا حدث معك؟ - لم تواجهني مشاكل في النشر طالما توفرت السيولة المادية، لكن مشكلة الكُتاب الجدد دائما تكمن في التوزيع والدعاية لأن الأسماء غير المعروفة، والتي لم تأت من عالم الصحافة، تكون مثل السلعة الراكدة في غالب الأمر.