أما الرسالات الفرعية التجديدية الإحيائية، فهي رسالات ليست بجديدة، وإنما هي رسالات أرسل الله بها الكثير من الأنبياء والرسل لإحياء وتجديد بعض تعاليم الرسالات العامة المفصلة المركزية الكبري، فبعد موت الرسل الذين جاءوا بالرسالات الكبري كنوح وإبراهيم وموسي. بعث الله من أتباع الرسالات الكبري أنبياء ورسلا لإحياء الرسالات الكبري وتجديد بعض ما فيها من تعاليم، والحكم بما جاء فيها من أحكام وتشريعات. تلك الرسالات الكبري وكما استقرأنا ذلك من نصوص القرآن الكريم لم تنته بموت رسولها الأول: كنوح وإبراهيم وموسي، وإنما بعث الله كثيرا من الأنبياء والرسل، كي يجددوا للناس تلك الرسالات المركزية، ويحكموا بما أنزل الله فيها من أحكام، ويحيوا ما جاء فيها من قيم وسلوكيات وتعاليم. ولم تأت بجديد إلا بأشياء طفيفة جدا، ومن الرسل الذين جاءوا بتغييرات طفيفة علي الرسالات الكبري هو المسيح بن مريم عليه السلام، فكان من التغييرات التي أوحي الله بها للمسيح بن مريم هي إباحة بعض المحرمات التي جاءت بها شريعة موسي. ونستعرض الآن الرسالات الفرعية التجديدية علي النحو التالي: 1- إرسال الرسل والنبيين برسالات فرعية لإحياء وتجديد رسالة نوح : تنص الآية التالية علي أن الله جعل النبوة والكتاب المفصل العام الشامل الذي أوحي به إلي نوح وإبراهيم في ذريتهما من بعدهما، وتابع الله علي آثارهما بالرسل والأنبياء من بعدهما، لأن آثارهما هي الكتب والرسالات التي جاءا بها، قال تعالي: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ. ثُمَّ قَفَّينَا عَلَي آثَارِهِم بِرُسُلِنَا). (26 27 الحديد). وأخبرنا الله أيضا أنه قد بعث من بعد نوح بالرسل، قال تعالي: (ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَي قَوْمِهِمْ فَجَآؤُوهُم بِالْبَينَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَي قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ). (74- يونس). وقال تعالي: (أَلَمْ يأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَينَاتِ). (9 - إبراهيم). وحيث إن نوحا عليه السلام قد أرسله الله في أزمنة سحيقة من قبل إبراهيم عليه السلام فلم يذكر الله الأنبياء والرسل الذين جاءوا من بعده لإحياء وتجديد رسالته، وظل الأمر كذلك حتي مجيء الرسالة العامة المفصلة الكبري التي أتي بها إبراهيم عليه السلام. 2 - إرسال الرسل والنبيين برسالات فرعية لإحياء وتجديد رسالة إبراهيم: كانت رسالة إبراهيم عليه السلام رسالة عامة مفصلة مركزية كبري، أرسل الله لها من بعده كثيرا من الأنبياء والمرسلين، ليتبعوا ملة إبراهيم، ويحيوا رسالته ويتبعوا شريعته، وكان ممن ذكرهم الله من بعد إبراهيم في القرآن: هم ذريته من الأنبياء والرسل: أبناءه وأحفاده، كإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف والأسباط، وغيرهم من الأنبياء والرسل الذين لم يقصص الله قصصهم في القرآن، والذين بعثهم الله تباعا ليحكموا بشريعة إبراهيم ويتبعوا ملته ورسالته حتي مجيء النبي موسي عليه السلام برسالته العامة المركزية الكبري. ونستعرض بعض النصوص القرآنية عن الأنبياء والمرسلين الذين أحيوا رسالة إبراهيم عليه السلام علي النحو التالي: قال تعالي: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ. ثُمَّ قَفَّينَا عَلَي آثَارِهِم بِرُسُلِنَا). (26 27 الحديد). وقال تعالي عن التزام أبناء إبراهيم وأحفاده من الأنبياء والرسل برسالة وملة وشريعة أبيهم إبراهيم: (وَوَصَّي بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيعْقُوبُ يا بَنِي إِنَّ اللّهَ اصْطَفَي لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ. أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ). (132 133 البقرة).