من المفارقات العجيبة التي تدعو للاكتئاب أن يقع هجوم إرهابي للمصلين داخل كنيسة اسمها «سيدة النجاة» فإذا كان الناس والعالم أجمع تصالح علي أن دور العبادة لها حصانة خاصة فإن الإرهابي هذه الأيام حطموا كل المقاييس الأخلاقية والدينية والإنسانية وفجروا مساجد وكنائس ومعابد مسلمين أو متدينين ينتمون إلي أي ديانة كانت، بل إنهم تجاوزوا الحس الإنساني العام الذي توافق عليه البشر منذ بداية التاريخ ومن الملاحظ أن هذه الأمور الوحشية لا تحدث إلا في منطقتنا ولا تحدث إلا من الذين يدعون أنفسهم مدافعين عن الدين والإيمان والسؤال الذي يبرز دائما في هذه الحالات هل هم حقا علي قناعة بأنهم يدافعون عن الدين؟ وهل هم علي قناعة بأنهم يدافعون عن الوطن ضد أعدائهم؟ وهل كانوا يظنون أن الكنيسة المصرية لديها أسلحة وسجون تضع فيها من تريد وتحارب بالأسلحة التي لديها أعداءها؟ إن هذه الأمور الواضحة لا يمكن لساذج أن يصدقها حتي لو كان الذي قالها أحد أعلام الثقافة المصرية وقد كان واضحا أنه قد استدرج في الوقت الذي دافع فيه فعليا وإيجابيا عن الكنيسة المصرية أثناء حديثه إلا أن النزعة الإعلامية لدي مقدم البرنامج ولدي الضيف تفوقت علي الموضوعية وبالطبع لم يكن مقدم البرنامج يهتم كثيرا بتأثير ما يقوله في الداخل المصري ولو قال أكثر من ذلك لما اهتم أحد داخل مصر أو خارجها لكنه استغل نجومية ضيفه ليضع علي الحديث بعض التوابل فاتحة الشهية التي أعتقد أن كليهما لم يكن يتوقع توابع ما قالاه واليوم وقد وقع ما وقع لا توجد طريقة للخروج من هذا المأزق خاصة أنه من الواضح أن للمخابرات الإسرائيلية دورها الفاعل في مثل هذه الأمور لأنه بالبحث عن المستفيد الأول من هذه العمليات الانتحارية لا يوجد سوي إسرائيل فهذه العمليات أول من يشوه صورة الإسلام والعرب ولن يقف الإنسان الغربي أو الآسيوي أو اللاتيني لكي يبحث عن وجه الإسلام الصحيح أو يفرق بين الإسلام الصحيح وغير الصحيح فمع كل حادثة من هذه الحوادث تدور آلة الإعلام الإسرائيلية والغربية لتوضح للعالمين أن هؤلاء ينتمون للإسلام والعروبة وأنهم الصورة الأصيلة التي يحاول العاقلون من المسملين إخفاءها ويؤكدون أن العالم من المستحيل أن يتعايش مع مثل هؤلاء الإرهابيين وهكذا تكون هذه العمليات المبرر الأول لتقسيم البلدان العربية والإسلامية وتحويلها إلي بلاد هشة أو فاشلة مما يؤدي إلي استنجادها بأمريكا وإن كان هذا عاديا إلا أن الحادث اليوم هو الاستنجاد بإسرائيل عن طريق إقامة علاقات معها وهو ما فعلته معظم الدول الأفريقية وهو ما صرح به المسئولون في الجنوب السوداني الذي يقترب إلي الانفصال ليكون دولة مستقلة ثم تراجعوا بعد ذلك، إن الانهيار الذي يحدث الآن في الصومال واليمن وأفغانستان والانهيار المتوقع للسودان بعد التقسيم وللبنان بعد صدور القرار الظني من المحكمة الدولية ضد حزب الله والتحرش بمصر من خلال البيان الإرهابي الذي أعطي الكنيسة الأرثوذكسية مهلة 48 ساعة للإفراج عن وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة ومظاهرات السلفيين. كل هذا يجعل الحديث عن صدام الحضارات الذي بدأ الحديث عنه في نهاية القرن الماضي وبداية القرن الحالي وفيه تحليل واضح عن تفتيت الدول العربية بدءا من العراق وانتهاء بمصر وقد ظنناه في ذلك الوقت مجرد خيال ولم نصدقه ها هو يبدو للمتابع أقرب مما كان متصورا فماذا نحن فاعلون؟!