وصف والي الولاية الشمالية بالسودان فتحي خليل موقف الجنوبيين الذين يميلون إلي الانفصال بالموقف الخاطئ مؤكدًا أنهم سيعودون مرة أخري طلبا للوحدة. وتوقع خليل في حوار خاص ل «روزاليوسف» أثناء تواجده بالقاهرة صعوبة أن يكون هناك استقرار في جنوب السودان إذا ما حدث الانفصال. وكشف الوالي السوداني الذي تقع ولايته علي الحدود مع مصر، عن توجهات لدي بعض القادة الجنوبيين للتعاون مع إسرائيل فور الانفصال لكنه أكد في الوقت نفسه أنهم سيكتشفون تعليق آمالهم علي سراب.. وإلي نص الحوار: • ما الأجواء المحيطة بالاستفتاء المقرر في التاسع من يناير المقبل حول تقرير مصير «الجنوب» وما موقف «الشمال؟ - نعمل جميعًا في شمال السودان لأجل أن يستمر الجنوب كجزء من دولة السودان وأشير هنا إلي أن الاستفتاء جاء بمحض إرادة السودانيين لإيقاف نزيف الدم الذي استمر طويلاً، لكن للأسف هناك جهات أجنبية تمارس ضغوطًا علي الحركة الشعبية، الممثلة للجنوب لأجل الانفصال رغم ذلك فنحن في السودان نعمل من أجل الوحدة وأود أن أشكر الدول الشقيقة وعلي رأسها مصر، التي تعمل من أجل هذا الهدف، فالدور المصري مشكور وملاحظ ونحن نقدره. • يتخوف البعض من نشوب حرب أهلية في حالة الانفصال.. فما رأيك؟ - معظم السودانيين لديهم قناعة بأنه حتي لو حدث الانفصال فسيعود الجنوبيون إلي الشمال.. ولكن طبيعة العلاقات بين القبائل في الشمال والجنوب، تجعل كثيرًا من المراقبين يميلون إلي صعوبة الاستقرار في السودان، وفي جنوب السودان إذا وقع الانفصال. وفي رأيي فإن الجنوبيين الذين يميلون الآن إلي الانفصال سيكتشفون أن موقفهم خاطئ وأتوقع أن يعودوا إلي «السودان الموحد». • برأيك.. كيف سيتم تقسيم السلطة والثروة، إضافة إلي الحدود إذا حدث الانفصال؟ - بالتأكيد هناك مشكلات تتعلق بهذا الأمر لكن هناك لجنة تعمل لترسيم الحدود ونأمل أن يتم الترسيم قبل إجراء الاستفتاء وبالنسبة للثروة، الجنوب الآن مستقل بثرواته وفي جميع المجالات، أما بالنسبة للسلطة فهم الآن مستقلون بل ويشاركون الشمال فيها أما إذا حدث الانفصال فسيستقلون بالسلطة في الجنوب ولا علاقة لهم بالشمال وكذلك الثروات واضحة ومعروفة ومقسمة. • ترددت أنباء عن عدم إمكانية إجراء الاستفتاء في موعده.. فما صحة هذه الأنباء؟ - الحكومة السودانية في الشمال تعمل علي أن يجري الاستفتاء في موعده رغم أن مفوضية الاستفتاء أوضحت أن الفترة المتبقية لا تكفي لإجراء الاستفتاء بالصورة وبالمعايير المطلوبة، نظرًا لضيق الوقت. والأمر مرهون في النهاية بالمفوضية لتقرر الشيء المناسب الذي يحقق استفتاء نزيهًا وشفافًا وليدلي الجنوبيون بأصواتهم سواء للانفصال أو للوحدة في أجواء تتسم بالحرية. • ألمحت الحكومة السودانية إلي إسقاط الجنسية عمن يصوت لصالح الانفصال.. كيف ذلك؟ - الأمر بكل وضوح إذا اختار الجنوبيون الانفصال فهذا معناه دستوريا أن المواطن الجنوبي الذي يصوت للانفصال وإذا وقع الانفصال سيكون له دولة أخري وكل دولة عندها بنود في الدستور تحدد من هو المواطن وفي هذه الحالة لن يكون عندهم حقوق المواطنة في الشمال.. لأن المواطنة لها تبعات «إذا صوت للانفصال وجلس في الشمال ولاؤه سيكون بكل تأكيد لدولة أخري».. وهنا أشير إلي أن الترشيح ونيل الجنسية من الحقوق السيادية التي لا يمكن التنازل عنها في حال هناك دولتان، والذي اختار طوعا وبمحض إرادته الانفصال فهو بالتأكيد يريد أن يكون مواطنًا في دولة أخري غير «السودان». • هل سيؤثر الانفصال بشكل أو آخر، علي سيادة السودان.. وما رأيك في المناوشات العسكرية التي حدثت مؤخرًا بين «الشمال والجنوب»؟ - المناوشات العسكرية تحدث بين أي دولتين.. وإذا كان الانفصال سيؤدي إلي الأمن والاستقرار وحقن الدماء فلا بأس لكن بالتأكيد فإن الوحدة هي عامل أساسي في الاستقرار. • هل هناك مؤشرات عن قرب التوصل لاتفاق حول «أبيي» المتنازع عليها؟ - نحن نسعي لأجل ذلك بالحوار.. وأي مشكلة سواء أبيي أو غيرها لن تحل إلا بالحوار، لكن اعتماد الحركة الشعبية علي جهات أجنبية سيؤدي إلي خلل ولن يؤدي إلي استقرار. وعلي الساسة الجنوبيين أن يدركوا أن الدول الأجنبية لم تف يومًا بوعودها.. فما يحدث هو محاولات لإغراء الحركة الشعبية لأجل الانفصال، تحقيقًا لأجندة لا علاقة ولا مصلحة للجنوبيين فيها. • الحديث عن تأثير النفط يطفو دائما علي السطح عند ذكر الاستفتاء.. فما هو تأثير النفط وتوزيعه إذا حدث الانفصال؟ - النفط لن يؤثر، السودان كان يعيش بدون نفط حتي العام 1998، أما الآن وبناء علي الاتفاقيات الموقعة فإن النفط سيقسم بنسبة 50% للشمال و50% للجنوب وتصدير النفط الجنوبي سيتم عن طريق الشمال مقابل رسوم وبالتالي سيكون هناك عائد من تصدير نفس الجنوب إلي الشمال إضافة إلي وجود النفط في جزء من الشمال وهناك استكشافات كثيرة تتم الآن في مناطق كثيرة شمال السودان لذلك لن يكون هناك أذي اقتصادي كبير علي الشمال في حالة الانفصال. • هل يعني ذلك أن السودان «الشمالي».. لن يتنازل عن نسبة من حصته في النفط للجنوبيين؟ - لن يتنازل.. وحتي نسبة ال 50% الخاصة بالجنوبيين من النفط جزء منها يقع في الشمال، وإذا ذهب جزء من هذا الجزء للجنوب، سيكون هناك مقابل يتحصل عليه الشمال لنقل كل نفط الجنوب عبر أنابيب نقله إلي ميناء بورسودان والموانئ السودانية، ولو سعي الساسة الجنوبيون لنقل النفط عن طريق الدول المجاورة الأخري فإن ذلك يستغرق وقتا طويلا ربما يمتد لعدة سنوات. • خرجت تصريحات جنوبية تتحدث عن إقامة علاقات فورية مع إسرائيل بمجرد الانفصال.. فما تعليقك؟ - هذه توجهات لدي بعض القادة الجنوبيين ولكن بالتأكيد سيكتشفون أنهم يعلقون آمالهم علي سراب، إسرائيل لم تقدم شيئا للدول التي تتعامل معها بصورة مباشرة، والمواطن الجنوبي لديه ثقافته ووعيه تجاه هذه التوجهات ويعلم جيدا أن إسرائيل تعمل لزعزعة الاستقرار وإحداث الفتن.. ولا تعمل لمصالح أي مجموعة سواء في الجنوب أو في الشمال السوداني.