كتب: سهي علي رجب مساعد رئيس تحرير جريدة القاهرة كانت أولي محاولات الإخوان لخوض انتخابات مجلس الشعب عام 1938ولم تسمح الجماعة إلا للإمام "حسن البنا" فقط بخوض الانتخابات في دائرة الإسماعيلية، ولم يفز إلا أن "الجماعة" لم تخرج من الانتخابات دون مكاسب، فقد اعترف "الوفد" وهو حزب الأغلبية وقتذاك وزعيمه بوجود "الإخوان"، كما حصلت الجماعة علي مكاسب أخري مثل السماح بوجود جريدة يومية ل"الإخوان المسلمين"، ورغم أن "البنا" تنازل عن ترشيح نفسه في هذه الانتخابات إلا أن مجرد مشاركة (الإخوان) في الانتخابات النيابية كان مثار حديث الجميع وظل يتردد لأيام وشهور طويلة بعد الانتخابات. وفي عام 1941 اتخذ المؤتمر العام السادس للجماعة قرارا هو الأول من نوعه في تاريخها بأن يشترك الإخوان في الانتخابات النيابية التي ستجري عام 1942 وبالفعل خاض "حسن البنا" الانتخابات النيابية مرة ثانية حيث رشح نفسه هذه المرة أيضا في دائرة الإسماعيلية، ومعه عدد من رموز وقيادات الإخوان علي مستوي محافظات مصر، وأصر الإخوان علي خوض الانتخابات مهما تكن النتائج، حتي انتهت بخسارة "البنا" ومن معه من الإخوان. كانت المشاركة الثالثة للإخوان في الانتخابات بشكل فردي في 1976 و1979 وقد نجح في الأولي الشيخ "صلاح أبوإسماعيل" وفي الثانية نجح " أبوإسماعيل" ومعه "حسن الجمل"، وتأتي أهمية هذه المشاركة- حتي لو كانت بشكل فردي- من كونها جاءت بمثابة إعلان ميلاد الجماعة والحركة الإسلامية بشكل عام من جديد بعدما لقيته الحركة ، من خسائر سابقة، ومن ناحية أخري كانت انتخابات 1976 و1979 أول انتخابات "حقيقية" تشهدها مصر بعد ثورة 1952 كما أنها تعد النتاج الأول للتعددية السياسية والحزبية بمصر التي أقرها الرئيس الراحل "أنور السادات". ما جري في عام 1984م كان إحدي العلامات البارزة في تاريخ العمل السياسي للإخوان، حيث شهد أول مشاركة "رسمية" لجماعة الإخوان في الانتخابات البرلمانية بعد الثورة، حيث تحالف "الإخوان" مع حزب "الوفد"، وكان لفترة السجن التي قضاها عمر التلمساني المرشد الثالث للإخوان مع اسماعيل باشا سراج الدين داخل السجن في أحداث سبتمبر1981 تأثير قوي في هذا التقارب بين قوتين مختلفتين، فكثيرا ما كانا يختلفان قبل ثورة يوليو 1952 فالإخوان جماعة دينية، أما الوفد فهو حزب ليبرالي أصيل! جاءت انتخابات 1987 لتكون الإعلان الأوضح والأكثر قوة لوجود الإخوان في الساحة السياسية لعدة أسباب، أبرزها إعلان ميلاد شعار (الإسلام هو الحل)، الذي رفعه التحالف الإسلامي، الذي ضم (جماعة الإخوان- حزب العمل- وحزب الأحرار)، وهو التحالف الذي أثمر عن 56 مقعدا، وب 37 مقعدا احتل الإخوان المرتبة الأولي في صفوف المعارضة، وليس ذلك فحسب؛ بل إن هذه الانتخابات أفرزت في صفوف "المحظورة" نجوما برلمانيين ومنهم المستشار "محمد المأمون الهضيبي" المرشد العام السادس، و "محمد مهدي عاكف" المرشد العام السابع، و"أحمد سيف الإسلام حسن البنا" نجل مؤسس الجماعة . و في أعقاب فوز الإخوان في انتخابات عام 1987 استدار الإخوان بقوة إلي انتخابات النقابات المهنية واكتسحوا نقابات قوية منها بشكل غريب ويدعو للحذر والتساؤل وهي: نقابة المهندسين (عام 1985) ونقابة الأطباء (عام 1986) ونقابة المهندسين ذ مرة أخري (عام 1987) ونقابة الصيادلة (عام 1988) ونقابة المعلمين، وفي عام 1989 أضافوا إلي كل ذلك سيطرتهم علي نوادي هيئات التدريس في الجامعات الكبري! ثم خاضت الجماعة انتخابات 1995م تحت نفس الشعار (الإسلام هو الحل)، وهي الانتخابات التي أجريت بالنظام الفردي أيضا، إلا أن هذا لم يمنع استمرار التحالف الإسلامي بين الجماعة وحزب العمل، وقد خاضت الجماعة هذه الانتخابات بمائة وخمسين مرشحا لم ينجح منهم سوي نائب واحد، وهو "علي فتح الباب". جاء عام 2005 ليكون "سنة السعد" علي الجماعة المحظورة، مع حالة "الحراك السياسي" الذي عم مصر، وتعديل المادة 76 من الدستور بما يسمح بانتخابات رئاسية تعددية لأول مرة، فقد ظهر الإخوان بقوة في الشارع، وأعلنوا مشاركتهم في انتخابات 2005 تحت شعار "مشاركة لا مغالبة"، فلم يدفعوا بنسبة كبيرة من مرشحيهم في الانتخابات، حيث حرصوا علي ترشيح 150 مرشحاً فقط بنسبة ثلث أعضاء البرلمان تقريبا! وخرج مرشحو الجماعة في مسيرات انتخابية بطول وعرض البلاد يهتفون بشعارات الجماعة واسمها. وتطلعت الجماعة للفوز بحوالي 50-70 مقعدا وفق تقديرات قادتها، وأشارت تقديرات أخري لمركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام إلي احتمالات فوز الجماعة بقرابة 30-45 مقعدا في البرلمان باعتبار أن قوتها تعادل 15-20% من الشارع المصري.. إلا أننا فوجئنا بفوز المحظورة ب88 مقعدا- أي خمس مقاعد البرلمان! ووقعنا نحن في المحظور وهو سيطرة فكر الإسلام السياسي علي عقول الكثيرين، مما أدي مثلا إلي ظهور ما نستطيع أن نسميه ال"مليشيات الإلكترونية" للمحظورة، وهي مجموعة من شباب الإخوان تعمل علي مهاجمة المواقع الإلكترونية الخاصة بالصحف القومية، وسب وقذف الكتاب والصحفيين الليبراليين في جميع المواقع والمدونات. لكن يبقي السؤال.. لماذا تحارب "الجماعة" من أجل مقاعد البرلمان رغم أنها ليست حزبا سياسيا شرعيا؟ ربما لاعتقادهم أن "تحت القبة شيخ"!