إن علم البحث في نشأة الدين أو ما يسمي بعلم الاجتماع الديني هو علم حديث نسبيا فهو لم يبدأ إلا في القرن التاسع عشر وكان من أوائل العلماء الذين بحثوا في نشأة الدين العالم «سير جيمس فريزر» و«تايلور» و«إميل دوركايم» و«راد كليف براون» وغيرهم من علماء الاجتماع والأنثروبولوجي. «راجع أحمد أبوزيد، نظرية البدائيين إلي الكون، ص43». أما عن أسباب تأخر الأساليب العلمية لدراسة الظاهرة الدينية فيرجع ذلك لعدة أسباب أعاقت دراسة نشأة الدين قد ذكرها الدكتور عبدالباسط محمد حسين علي النحو التالي.. أما دراسة الظاهرة الدينية عموما وبخاصة في المجتمعات المتحضرة باتباع الأساليب العلمية فقد جاءت متأخرة ويرجع ذلك إلي جملة اعتبارات نذكرها فيما يلي: 1- ارتباط الدين بالجانب العقائدي من حياة الإنسان مما يجعله محاطا بسياج من الرهبة والقدسية التي تدعو إلي الحذر والتردد في معالجة موضوعاته. 2- ارتباط المعتقدات الدينية بالجانب القيمي من حياة الإنسان مما يجعل من الصعوبة بمكان التزام الباحث بالموضوعية المطلقة متحرراً من أحكام القيمة وبدون التأثر بمعتقده الديني وبخاصة في مجال المقارنة بين الأديان أو في تحديد العلاقة بين الدين وبين غيره من النظم الاجتماعية. 3- تقوم الدراسة العلمية أساسا علي الأسلوب الاستقرائي الذي يبدأ بدراسة الوقائع الجزئية للوصول إلي الحقائق الكلية والاعتماد علي ملاحظة الظواهر المحسوسة وفرض المفروض وإجراء التجارب وجمع البيانات وتحليلها للتثبت من صحة الفروض أو عدم صحته غير أن الظواهر الدينية تتناول حقائق كلية تتعلق بالوجود وعلته وبصفات الموجد وبكثير من المسائل التي تتصل بمعرفة الله وإثبات وجوده وهذه الموضوعات يتعذر الرجوع فيها إلي الواقع وحسمها بالتجربة ومن ثم يصعب دراستها باستخدام الأساليب الأمبيريقية أو إخضاعها للقياس العلمي الدقيق. 4- غلبة الجانب المادي علي الحياة المعاصرة خاصة بعد قيام حركة النهضة الأوروبية وحدوث الثورة الصناعية وتقدم العلوم الطبيعية وظهور كثير من الفلسفات المادية التي تفسر الدين تفسيراً مضاداً لطبيعته علي أنه قوة التقدم وتقف في وجه التطور وتسرق الإنسان من الحياة وتدير ظهره إلي كل ما فيها من قوة وتضعه في حرب مع قوانين المجتمع وسنن الكون فكان طبيعيا والحال كذلك ألا يولي كثير من الباحثين الظواهر الدينية نفس الاهتمام الذي يولونه لبقية الظواهر والنظم الاجتماعية. «المصدر: د.عبدالباسط محمد حسن علم الاجتماع، ص420، 421»