سيدي الرئيس.. أكتب إليك هذه الرسالة ممثلاً لنفسي، وهي مع ذلك تتماثل وتتشابه مع ملايين غيرها.. واحد من الناس وحالته تصدق علي كثير منهم.. وبطبيعة الحال لا أكتب هذه الرسالة تنظيراً لفلسفة حكم، ولا أخطها تفسيراً لسياسات معينة، وإنما أكتبها تعبيراً عن حالة نعيشها، وعن شعور يملأ كيان ملايين من البشر.. فاسمح لي، يا سيادة الرئيس، بالإسهاب في بعض المواضع، وبالاطناب في بعضها الآخر.. فالمواقف التي سأعبر عنها كثيرة، والنقاط التي سأحاول اجمالها متعددة. سيدي الرئيس.. في هذه الأيام، نحتفل بعام جديد من أعوام تصديتم فيها للعمل الوطني الجاد، من أعوام تحملتم فيها أعباء المسئوليات الجسام، وعبرت بنا سنة وراء سنة كثيراً من الأزمات التي هزت بلاد حولنا، وأطاحت بكيانات سياسية عديدة.. نحتفل وكلنا أمل في مستقبل مشرق نرسم ملامحه معك، وحاضر زاهر تتابع تنفيذ خططه بنفسك. سيدي الرئيس.. لعله يزعجك، وأنت تتحدث عن العنصر المصري الواحد، وعن المواطن المصري، أن تسمع بعض الأصوات النشاز.. أن تسمع أصواتاً تهدف إلي نشر الفرقة وبث الفتنة بين أبناء الأمة الواحدة، متسلحين بحرية التعبير التي نعيشها وتسعي إلي توسيع أبوابها.. لعله يزعجك أن تري فريقاً من أبناء الأمة الواحدة يتطاحنون فيما بينهم علي أمور لا تتناسب مع أولويات الوطن، ولا تتفق مع ضروراته المعاصرة.. ويدخلون في تحالفات داخلية، وتربيطات خارجية أحياناً، تسيء إليهم أولاً، وإلي الوطن ثانياً.. ولعله يزعجك سيادة الرئيس أن تصور وسائل الإعلام المصرية قبل الأجنبية ذلك، وأن تهول من حجمه الحقيقي.. وأن يتم استغلال ذلك، من قبل بعض الجمعيات والجماعات، للضغط علي مصر، وهي التي أبت في عهدكم أي ضغوط أو إملاءات خارجية. سيدي الرئيس.. لا تغضب إن رأيت وسائل الإعلام تركز علي هذه القضية وأشباهها.. فبعض وسائل إعلامنا لم يبلغ الرشد بعد.. وبعضها لم يعلم الحدود الفاصلة بين التغطية الاخبارية الرصينة ومنطق الصحافة الصفراء التي تبحث عن كل ما يزيد من عدد مبيعاتها بغض النظر عن النتائج. سيادة الرئيس، وسائل إعلامنا تخطئ أحياناً.. غير أنها ستكبر، وسيكتب التاريخ في بياناتها أنها معك دخلت من أوسع أبواب الحرية، بلا أطر تقيدها، وكبيراً بلا مجال يحدده.. فلا تغضب، وإن تجاوز الصغار.. فالأغلبية ماتزال من الكبار.. (وللرسالة بقية)..