رغم مرور عدة سنوات علي العمل بنظام التمويل العقاري، إلا أنه ما زال لا يجد إقبالا وأصبح محلك سر وسط حالة ركود تعاني منها الشركات العاملة في المجال. وطالب عدد من خبراء العقارات بضرورة الإسراع في وضع حلول للمعوقات التي يشهدها نشاط التمويل العقاري وتعوقه عن أداء دوره خصوصا في تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بقاعدة عريضة من المصريين وتوفير نظام تمويل قوي يساعد الفقراء ومحدودي الدخل علي امتلاك وحدة سكنية بنظام التمويل العقاري. وأكدوا أن البنوك وشركات التمويل العقاري ما زالت تبحث عن زبائن بين طبقة الأغنياء الذين لا يحتاجون إلي نظام التمويل العقاري وفرض شروط تعجيزية تحول دون منح التمويل لمحدودي الدخل، الأمر الذي جعل من المستحيل عليهم تملك وحدة سكنية بنظام التمويل العقاري. أكد حسين الجندي -خبير عقاري- أنه ما زالت هناك مجموعة من العراقيل والمعوقات التي تقف حائلا أمام التوسع في منح التمويل العقاري للإسكان المتوسط والمحدود ومنها أن معظم الأراضي والعقارات غير مسجلة بمصلحة الشهر العقاري فمن يقوم بشراء قطعة أرض لا يقدم علي تسجيلها بحجة أنه ليس لديه إمكانات كافية للتسجيل التي تتطلب سداد ما بين 30-40 ألف جنيه لإجراء عملية التسجيل للأرض حتي يتم التعامل علي العقارات المبنية، فيما بعد بنظام التمويل العقاري. ويستطرد: فأغلب شركات الاستثمار العقاري ليست لديها نظم للتمويل العقاري كما تواجه شركات التمويل العقاري والبنوك أزمة بسبب عدم خضوع معظم الأراضي والعقارات المصرية للتسجيل بمصلحة الشهر العقاري الذي يمثل ضمانة للجهة الممولة عند منح القرض للعميل. الفائدة المرتفعة وبرر الجندي تراجع التمويل العقاري الموجه للإسكان المتوسط ومحدودي الدخل بأسعار الفائدة المرتفعة التي تفوق إمكانات الأسر المتوسطة، حيث تصل في الغالب لأكثر من 18% أي أن المواطن مطلوب منه في حال شرائه شقة بسعر 200 ألف جنيه أن يسدد ثمنها مرة أخري علي أقساط تمثل الفائدة المستحقة للجهة الممولة سواء البنك أو الشركة. وأضاف أن هناك مجموعة من الإجراءات الروتينية التي تصيب المواطنين بالإحباط عند التقدم للحصول علي وحدة سكنية بنظام التمويل العقاري. وطرح الخبير العقاري حلين لزيادة معدلات التمويل العقاري للإسكان المتوسط وتنشيط هذا القطاع: الأول يتمثل في خفض أسعار الفائدة علي الوحدات السكنية الخاضعة للتمويل العقاري بما يحقق عدالة للجهة الممولة والمقترض.. والثاني الاكتفاء بالحصول علي رخصة العقار أو الأرض لمنح التمويل العقاري عليها دون اشتراط تسجيلها بمصلحة الشهر العقاري الأمر الذي بات مستحيلا في الوقت الراهن. محدودو الدخل فيما أكد حسين جمعة رئيس جمعية الحفاظ علي الثروة العقارية أن نشاط التمويل العقاري في مصر لا يتناسب ومحدودي الدخل إلي جانب توجيهه لمشروعات لا تلبي حاجة المجتمع مشيرًا إلي أن ارتفاع أسعار الوحدات السكنية وقيمة التقسيط المستحقة للجهة الممولة وأسعار الفائدة تشكل عبئًا كبيرًا علي المواطنين متسائلاً: أي فئة تخاطبها جهات التمويل متمثلة في البنوك وشركات التمويل العقاري داخل المجتمع؟ حينما تضع سعر الوحدة السكنية الأقل من 100 متر يصل إلي 300 ألف جنيه ويتم دفع 50 ألف جنيه كمقدم وسداد 2.5 ألف جنيه قسط لمدة 20 سنة بل ويشترط القانون أن يزيد راتب الشاب علي 4 مرات من قيمة القسط الذي يسدده أي أنه من المفترض أن يتقاضي راتبًا يصل إلي 10 آلاف جنيه ولديه ما يثبت ذلك حتي يتمكن من تملك وحدة سكنية بنظام التمويل العقاري! الأمر الذي يعد تعجيزيًا لمحدودي الدخل. وأكد «جمعة» أن الوحدات المعروضة بالمشروع القومي للإسكان لا يخضع جزء كبير منها لنظام التمويل العقاري، وأضاف أن أكثر من 80% من المباني غير مسجلة بمصلحة الشهر العقاري الأمر الذي يسبب قصورًا في إخضاع هذا النظام لتمويل الإسكان المتوسط لمحدودي الدخل، ويدفع جهات التمويل للبحث عن زبونها بين طبقة الأغنياء بناء الفيللات والسكن الفاخر. محفظة البنوك فيما أكد صلاح حجاب رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال أنه في حالة زيادة البنك المركزي نسبة التمويل العقاري لدي البنوك عن 5% من إجمالي محفظة القروض لديها فسوف يسهم بدوره في نشاط القطاع وتنوع المنتجات المقدمة للمواطنين بجميع الطبقات، فما يحدث الآن أن حجم المعروض من الوحدات السكنية بنظام التمويل العقاري في إقليمالقاهرة الكبري وحده من إسكان فوق المتوسط وفاخر يفوق احتياجات 80% من سكان الإقليم الذين يبحثون عن منتج عقاري يناسبهم، الأمر الذي يشكل خللاً في آلية التمويل العقاري داخل السوق إلي جانب الشروط التعجيزية التي تفرضها البنوك والشركات لتمويل الإسكان المتوسط والمحدود الدخل. شروط تعجيزية من جانبه أوضح مصطفي أبو الفتوح رئيس البنك العقاري المصري العربي السابق أن هناك خطأ شائعًا ترسخ لدي المواطنين نتيجة الدعاية التي قامت بها المؤسسات الحكومية حول ثقافة التمويل العقاري التي لم تكن واضحة المعالم للمواطن وأدت لتصورات خاطئة بأن نظام التمويل العقاري سوف يمنح وحدات سكنية للمواطنين ومحدودي الدخل «ببلاش» وهذا غير صحيح. ويستطرد: فالتمويل العقاري يتيح مميزات لا يوفرها نظام التأجير للوحدات السكنية فأي شقة سكنية في منطقة شعبية تتجاوز مساحتها 90 مترًا تصل قيمتها الإيجارية إلي 800 جنيه في مقابل 400 جنيه قسطًا مستحقًا للبنك في حال تمويله تلك الوحدة بنظام التمويل العقاري كما يتيح للمقترض التملك للوحدة بنهاية مدة التعاقد وسداد الأقساط ويتيح إمكانية بيع تلك الوحدة السكنية لشراء وحدة أكثر اتساعًا خلال مدة التعاقد بما يراعي البعد الاجتماعي المتعلق بزيادة عدد أفراد الأسرة واحتياجاتهم. وأكد أن البنوك لا تحجم عن تمويل الإسكان المتوسط ولكن هناك ما يُحجّم هذا التمويل من شروط تمثل ضمانات لمستحقات البنوك والشركات وتتماشي مع القانون إلا أنها في الوقت نفسه تعد تعجيزية لمحدودي الدخل، ومنها تسجيل العقار حتي يمكن للبنك رهن العقار لصالحه، فما يضمن القرض هو العقار وفي حالة عدم تسجيله يصبح وحدة غير معلومة وأنه إذا امتنع المقترض عن السداد سيكون علي المتضرر اللجوء للقضاء الذي يظل لسنوات دون التوصل لحل مما يشكل خسارة كبيرة للبنك. كما يشترط البنك أن يقدم المواطن مستندات تثبت أن له دخلاً معلومًا وثابتًا وقادرًا علي سداد أقساط البنك المستحقة ولا يتعدي القسط نسبة 40% من إجمالي الدخل، الأمر الذي يشكل عائقًا كبيرًا فهناك قطاع كبير من المواطنين يتحصلون علي راتب قد تمكنهم من الحصول علي وحدة سكنية بنظام التمويل العقاري ولا يستطيعون إثبات دخلهم مثل سائق التاكسي الذي يتحصل علي 50 جنيه يوميًا أي ما يعادل 1500 جنيه شهريًا لكنها غير مثبتة ولا تخضع لضريبة دخل أو غيرها. وأوضح رئيس البنك العقاري المصري أن سعر الفائدة لا يعد المشكلة الرئيسية في تمويل الوحدات وإنما ارتفاع أسعار الأراضي الذي يتسبب بدوره في رفع أسعار الوحدات والفائدة عليها وتحديد نوع المشروعات المقام عليها فعندما يشتري المستثمر سعر المتر للأرض ب1000 جنيه فلن يصلح البناء عليها بمساكن لمحدودي الدخل حتي يتمكن المستثمر من بيعها بسعر للمتر يصل إلي 4000 جنيها لتحقيق هامش ربح يغطي تكاليف الأرض والبناء، مطالبًا بزيادة نسبة ال5% المخصصة للتمويل العقاري من محفظة البنوك لتنشيط القطاع وتخصيص الدولة لمساحات من الأراضي للإسكان المتوسط كحل الأزمة.