تلعب الألوان دورًا مهمًا في تحديد شخصية أي صحيفة، أو أي وسيلة إعلامية، وحين دخلت الألوان عالم الصحافة المطبوعة، أصبح لكل صحيفة لونها المميز الذي يدخل ضمن عناصر متعددة في تحديد شخصية الصحيفة، بحيث حين تراها عند بائع الصحف تميزها من بعيد وسط الكم الكبير من الصحف الأخري. ويستخدم اللون المميز للصحيفة في ترويستها التي تحمل اسم الصحيفة وشعارها، وبه أيضا يكتب العنوان الرئيسي في الصحيفة، ويدخل في بعض العناوين الفرعية إلي جانب الأحمر والأسود، وهما لونان شائعان في معظم الصحف. ويعتبر الأخضر لون الوفد المميز، منه تخرج ترويسة الصحيفة، وعلم الوفد الذي كان يحمل شعار الهلال يحتضن الصليب، وظلت «الوفد» الصحيفة منذ عام 1984 تصدر باللون الأخضر، ويكتب به عنوانها الرئيسي، حتي تعددت ألوانها مؤخرا، وأصبح شائعا استخدام اللون الأزرق بكثرة إلي حد تحوله إلي لون مميز.. ومعروف أن الأزرق هو لون الإخوان التاريخي، فهل دخول الأزرق إلي الوفد إشارة إلي ما أصبح يربط الوفد بالإخوان خاصة أن رئيس الوفد السيد البدوي له علاقات وثيقة بالإخوان، وتتلمذ علي يد عضو مكتب إرشاد الجماعة في طنطا لاشين أبوشنب؟! قد يكون للأزرق قصة وحكاية مهمة في الوفد تحتاج إلي فض تفاصيلها، لكن صحيفة الوفد التي تميزت باللون الأخضر أصبحت ساحة لعدة ألوان متزاحمة ومتضاربة في الصفحة الأولي للصحيفة، وإذا كان هذا التضارب اللوني يعني في عالم الصحافة أن شخصية الصحيفة غير مستقرة، وتعاني تضاربًا وتشتتًا، فالأكيد أيضا ان هذا إنعكاس لما يعيشه حزب الوفد العريق. فالتضارب في ألوان الصحيفة انعكاس لتضارب ألوان الطيف السياسي وتعدده داخل حزب الوفد منذ فوز البدوي برئاسته، فلم يعد الوفد حزبا لليبرالية والعلمانية المصرية، وإنما تحول إلي خليط غير مفهوم من الأعضاء الجدد الذين تتضارب ألوانهم السياسية بداية من أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر الدكتورة سعاد صالح، التي شككت في علمانية الوفد، ورفضت تولي مسيحي رئاسة الدولة، وطالبت بتعديل لائحة الوفد وفقا للشريعة.. وانتهاء بشاعر العامية أحمد فؤاد نجم الذي يمكن تصنيفه سياسا في أقصي اليسار المصري. وهكذا من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار تحول الوفد إلي ما يشبه الأحزاب الماركسية القديمة، أو نموذج الاتحاد الاشتراكي الذي عرفه منظِّروه باعتباره يضم ما يسمي تحالف قوي الشعب العامل، وهو تعريف فضفاض لتوسيع قاعدة الانتماءات السياسية المتضاربة في تنظيم سياسي واحد. وفي إطار حالة التشتت السياسي والإعلامي في الوفد، الحزب والصحيفة، لا يبدو غريبا أن تعلن صحيفة باللون الأزرق المستجد عن نشر خطاب لم ينشر لمحمد حسنين هيكل منذ 16 عاما، وهو أحد أقطاب ومفكري ومنظري التيار الناصري، دون الوضع في الاعتبار الخلاف التاريخي بين الوفد والناصرية!