بين الصحف القومية والصحف «المجاورة» أين البطاقة الشخصية والفيش والتشبيه؟ خلال خمس أو سبع سنوات مضت كثرت الهجمات علي إصدارات المؤسسات الصحفية القومية من كل اتجاه، من الاحزاب التي يمتلك كل منها صحيفة تعبر عنها، ومن احزاب اخري لم تتمكن من اصدار الجريدة التي كانت تحلم بها لتعارض وتهاجم علي صفحاتها من تشاء، وايضاً من بعض الزملاء الصحفيين الذين يعملون بصحف «مجاورة» لمجموعة الصحف القومية التي يطلق عليها الصحف المستقلة او الصحف الخاصة او الصحف الحزبية.. حتي ان ذلك الهجوم المتوالي اسبوعياً او حتي يومياً كان هو الداعي الي دخول اطراف اخري من صحف وقنوات فضائية عربية للخوض في اهمية و تأثير الاصدارات الصحفية للمؤسسات القومية العاملة في مصر علي مجريات الأمور، وبدا الأمر وكأن تلك المؤسسات المصرية هي شأن عربي يهم دول منطقة الشرق الأوسط العربية , بل ويستوجب الأمر احالة الموضوع برمته الي جامعة الدول العربية لمناقشته!! ويعتقد البعض للأسف ان تأميم الصحافة الذي حدث اوائل ستينيات القرن الماضي كان هو السبب الرئيسي لانهيار المشروع الصحفي المصري لأنها اصبحت حينئذ بلا مالك ولا رقيب ولا حسيب علي مجمل اعمالها، وما اراه بصفة مهنية ورؤية شخصية ان اعلان تأميم الصحافة كان هو الاعلان الأول لظهور الصحف الخاصة، حيث اعلن التأميم عن ظهور المالك الأصلي لكل هذه الاصدارات الصحفية وهو الشعب الذي اناب عنه - فيما بعد - المجلس الأعلي للصحافة في ادارة شئون تلك الاصدارات ومراقبة أدائها المهني و اصلاح مسارها الاقتصادي، بل والتدخل المباشر في اعادة توصيف وتقويم هياكلها الصحفية والمالية والادارية نيابة عن مالكها الأصلي اذا استلزم الأمر ذلك. وطبقاً للقانون تلتزم المؤسسات الصحفية القومية بتقديم ميزانيات سنوية لإجمالي اعمالها خلال العام الواحد وذلك لجمعياتها العمومية المنتخبة لتتم مناقشتها تحت اشراف احد اجهزة الرقابة المالية للدولة وهو الجهاز المركزي للمحاسبات، كما نلتزم ادارة الصحف القومية بنشر تلك الميزانيات وتقديم كل المعلومات او البيانات التي يطلبها اي موظف ينتسب لكل مؤسسة صحفية قومية دون رفض او تأجيل او تسويف لاظهار ما هو مطلوب منه اظهاره لطالب السؤال، وكل فترة محددة من السنوات يعلن المجلس الأعلي للصحافة - وهو نائب ملاك المؤسسات الصحفية القومية من ابناء الشعب ذ قائمة باسماء اعضاء الجمعيات العمومية ومجالس الادارة المنتخبين والمعينيين لكل مؤسسة قومية علي حدة، ويقوم بنشر تلك القوائم في كل اصدارات المؤسسة الصحفية ليعلم الشعب من يمثلونه في ادارة مشروعه الصحفي من الجرائد و المجلات.. كل هذه الخطوات الرقابية تنظيمياً وادارياً تحدث من جانب المؤسسات الصحفية القومية.. الا انني و خلال تلك السنوات الطويلة الماضية لم اقرأ خبراً واحداً عن انعقاد جمعية عمومية او جلسة لمجلس ادارة اي صحيفة من تلك الصحف "المجاورة" الخاصة او الحزبية او المستقلة، كما انني ذ كمواطن مصري - لم اقرأ خبراً اتعرف منه علي اسماء اعضاء تلك الجمعيات العمومية او السادة اعضاء مجالس اداراتها والأهم من ذلك انني - ايضاً كمواطن مصري بحكم مهنتي أشتري العديد من تلك الصحف - لم اتبين مصادر تمويل تلك الصحف اياً كانت صفتها.. مستقلة كانت او حزبية او خاصة، في الوقت الذي تلتزم فيه مؤسسات الشعب الصحفية بنشر كل المعلومات والبيانات عن مصادر تمويلها وقوائمها المالية ومجمل ايراداتها ومصروفاتها واسماء المعنيين بادارتها في الجمعيات العمومية ومجالس الادارة. ومن الطبيعي في دولاب عمل مؤسسة تضم الآلاف من العاملين في الادارة والصحافة ان تكون هناك نسبة مئوية من الخطأ يستلزم الأمر تصحيحها لأنها مؤسسة كبيرة الحجم التزاماتها المالية والاجتماعية اكبر واوسع من مؤسسة لا تضم الا بضع عشرات من الافراد العاملين كصحفيين واداريين، الا انه من غير الطبيعي ان تتم مناقشة وتفنيد وبحث هذه الاخطاء الطبيعية من اصحاب الإصدارات الصحفية "المجاورة" مجهولة المعلومات عن اصحابها او مصادر تمويلها، ليبدو الامر وكأن اصحاب تلك الاصدارات القومية غير معنيين بأمرها وانما المعني المهموم بها هي الصحف المجاورة. ومع كامل الاحترام و التقدير لكل الصحف غير القومية الصادرة في مصر وزملاء المهنة العاملين فيها والقائمين عليها، الا انني لم ار لأي منها بطاقة هوية شخصية كتلك التي تمتلكها كل صحيفة قومية تحدد فيها نسبها من المؤسسين لها او افراد عائلتها من العاملين فيها اعضاء الجمعيات العمومية و مجالس الادارة، كما ان قلبي لم يطمئن برؤية صحيفة الحالة الجنائية لها - الفيش والتشبيه - وهي هنا لا تعني الأحكام القضائية الصادرة ضدها ولكنها توضح مصادر التمويل التي تقوم عليها الجريدة لتحافظ بذلك التمويل علي وجود الروح في جسدها وتنفي عنها شبهة اي توجه معين لرأسمالها وتؤكد نصاعة لونه الأبيض من اي شائبة تشوبه او اتهام مرسل يتعرض له. كل المستقبل القادم للصحافة القومية صحافة الشعب، اما السبيل الي ذلك فهو حديث قادم. رئيس تحرير مجلة أبطال اليوم الصادرة عن مؤسسة أخبار اليوم