الحديث مع د.رفعت السعيد رئيس حزب «التجمع» لا يحتاج إلي «خبير ألغام» يمنع انفجار أغلب «المقولات العشوائية» التي احترفها الكثيرون من المتدثرين بغطاء السياسة في الوقت الحالي.. فالرجل صريح إلي حد بعيد.. لا يعرف أنصاف الحلول.. يسير معك إلي النهاية، حيث أردت دون مواربة. لكن السعيد -نفسه- لا يتورع في أن يلقي مرة أخري القنابل التي أراد زرعها «أنصاف الساسة» في وجوههم مرة أخري، لعلهم يتعظون أو يتفقهون. سألناه: ألم تبد قلقا كرئيس لحزب معارض من الاستجابة التي أظهرها «الوطني» لمطالبكم، كما فعل البعض، وقال: إن هناك ما يخبئه الحزب الحاكم في جعبته للمعارضة؟ - فقال: أعتقد أن بيان الحزب الوطني رغم كل شيء اعترف بأمر أساسي وهو اعترافه بالتوافق مع المطالب التي قدمها الائتلاف بتوفير ضمانات للانتخابات. وهو ما يعني أن القول القديم بأن الانتخابات «زي الفل» والدولة لم تتدخل وأن إرادة الناخبين تحققت والصناديق شفافة لم يكن صحيحا تمامًا. وما قيمة ذلك من وجهة نظرك؟ - فائدته أنه إقرار رسمي بأنه سيتعامل بأرضية جديدة مع هذه الانتخابات بعد أن أكد في رده ضرورة وجود ضمانات لنزاهة العملية الانتخابية وهو ما يعتبر تطورا كبيرا بما يمثل تغييرا في عقلية الحزب الوطني الذي سواء حقق المطالب أو لا فلن يؤثر علينا لأننا مستمرون في موقفنا.. ومواصلة معركة الضمانات.. ولن نتوقف حتي بعد إعلان الانتخابات أو النتائج لأنها معركة الشعب المصري لتحقيق ديمقراطية فعلية، لذا لن نتوقف عن هذه المطالب حتي نهاية الانتخابات وما بعدها وصولا إلي انتخابات الرئاسة. لكن عددًا من المشاركين في الائتلاف انتقد تقديمك لهذه المطالب إلي الحزب الحاكم وهو حزب منافس.. وقالوا إن المطالب كان يجب أن تقدم للمسئولين بصفتهم الرسمية لا الحزبية؟ - هذا أمر طبيعي وليس به شيء غريب فإذا كان الحزب قدمها للحكومة كان هؤلاء سيتساءلون أيضا.. لماذا قدمناها للحكومة؟! ولكننا نتعامل كأحزاب مع الحزب المنافس الذي نعارضه، خاصة مع اعتباره الحزب الحاكم الذي يمتلك السلطة. وهل حقق رد «الوطني» ما كان يهدف إليه الائتلاف من ورقته؟ - الحزب لم يرد علي جميع النقاط، لكنه تعامل معها بتقسيمها ل3 أجزاء: الأول وجهة الحكومة وتتمثل في مطالبتها بتمويل اللجنة العليا للانتخابات وإعطائها المزيد من الإمكانيات والاعتمادات لتسهيل عملها.. وهو ما سنتابعه مع الحزب والحكومة. بينما أحال الجزء الأكبر للجنة العليا في شكل مطالبات لها.. وهو ما بدا للبعض علي أنه إلقاء للمسئولية علي أكتاف اللجنة، في حين اعتبره آخرون نوعًا من الاحترام. فيما رفض «الوطني» جزءًا آخر من المطالب علي رأسها الانتخابات بنظام القائمة النسبية. مبررًا ذلك بضيق الوقت الذي لا يكفي لتطبيقها حيث نحتاج لقوائم جديدة وإعادة تدقيق الجداول الانتخابية التي قد تصل إلي 37 مليون صوت. وهو الأمر الذي نتفق معه، خاصة مع اقتراب الانتخابات.. ولكن هذا لا يعني التنازل عنها بل سنستمر في المطالبة بها باعتبارها مطلبًا تاريخيًا. ورفض «الوطني» أيضًا إيقاف حالة الطوارئ خلال العملية الانتخابية.. وهذا الأمر لا نتفق معه، لأن التشريعات الجنائية غير الاستثنائية تكفي. البعض وصف تقديم مطالب الائتلاف للوطني بأنه فخ من المعارضة للحزب الحاكم حتي يبدو فعليًا المتحكم في العملية الانتخابية.. ما ردك؟ - الحقيقة أنه ليس فخًا.. وأننا عندما قررنا تسليم مطالبنا كانت أمامنا 4 مسارات: الأول أن نقدمها لمؤسسة الرئاسة وهو الأمر الذي رفضته لتفادي أي حرج. أما المسار الثاني فهو مخاطبة صفوت الشريف باعتباره الأمين العام للحزب الوطني، وهو ما فضلته لأنه «سياسي محنك» يمكن التفاهم معه.. وبالفعل استجاب للأمر وحدد موعدًا في اليوم التالي مباشرة. وكان الاقتراح الثالث هو التوجه للحكومة، ممثلة إما في وزير الداخلية.. واعتبرنا أن مخاطبته تعد إقرارًا من الأحزاب بسلطته علي الانتخابات أو وزراء آخرين ليس لهم اختصاص في الأمر.. أو التوجه للدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء.. وهو ما استبعدناه أيضًا. بينما تمثل المسار الأخير في التوجه للجنة العليا للانتخابات التي كانت تعد -آنذاك- لجنة غير مرئية إلا أنها بدأت في الظهور مؤخرًا. لكنها لم تجب عن السؤال الأصلي.. هل كان إحراج الحزب الحاكم هدفًا؟ - نحن لا نناقش كلامًا يقال علي مقهي «زهرة البستان» مثلا.. لكننا نستعرض الوضع الدستوري في مصر الذي يؤكد أن هناك حزب أغلبية له عدد مقاعد لمجلس الشعب ولديه القدرة علي أن يلزم الحكومة بتنفيذ مطالبه. وبالتالي فلن نتعامل مع أي جهة ليس من اختصاصها تحريك المطالب. لكن الموقف داخل الائتلاف غير موحد.. فحزب الجبهة مثلا اعلن مقاطعته للانتخابات؟ - كوننا أحزابًا متحالفة لا يعني أن نكون «جبهة واحدة» وإنما «ائتلاف» يسمح بايجاد مساحة للاتفاق أو الاختلاف في الآراء. بينما تظل هناك أرضية مشتركة، هي الاتفاق علي وطن ديمقراطي، وانتخابات شفافة.. فضلا عن أني لا اعتقد أن صوت حزب الجبهة منفردًا أعلي من صوتنا في التأكيد علي هذه المطالب. هل يعني هذا أن دوره داخل الائتلاف غير مؤثرة؟ - أرفض التعليق. وما تعليقك إذن علي مقاطعة رؤساء أحزاب الائتلاف للمؤتمر الأخير الذي عقد بالتجمع؟ - حضر المؤتمر الأخير منير فخري عبد النور سكرتير عام حزب الوفد نيابة عن رئيسه، كما لا يعني عدم حضور الأحزاب احتقار الحزب، فأنا شخصيا لم أذهب لمؤتمر حزب الوفد. وهي أمور كلها تعد تغييرًا للمواقف من شخصيات مهمتها انعقاد أي شيء وهي مثل «الست اللي تقوم بتنقية الأرز لو ملقتش زلط يبقي الأرز فيه حاجة غلط». وهناك أفراد من الغباء بحيث ينتظرون نتيجة الانتخابات، حتي إذا ما حصل التجمع علي مقاعد كافية في البرلمان يقولون إنه عقد صفقة! وإذا لم يحصل يحملون رفعت السعيد مسئولية فشل الحزب وتدميره، لأنهم ينتظرون أي شيء ليبرروا الهجوم علي التجمع.. ولكننا لا نعيرهم اهتمامًا. بالمناسبة.. لماذا توقفت «البرامج النوعية» التي أصدرها التجمع.. هل هذا إعلان مبكر بفشلها؟! - البرامج لم تتوقف ولكننا لن نستمر في عمل البرامج النوعية في الوقت الذي يستعد فيه الحزب للانتخابات.. إذ إننا منشغلون بوضع البرنامج الانتخابي للحزب علي أن تتم مواصلة إصدار برامج أخري بعد انتهاء الانتخابات بعد نجاح برامجه عن التعليم والصحة والإسكان. وماذا عن تواجد الحزب بين الجماهير خلال المعركة الانتخابية؟ - الحزب يسير علي محورين: الأول الحرص علي دعم الجماهير مع محاولة التواجد بينهم والثاني التأكيد علي الضمانات، ونلتزم بموعد الدعاية الذي سيعلن عنه حتي يبدأ الترويج لشعار الحزب الذي وضعنا لافتته داخل المقر حتي لا نكون مخالفين. هل يمكن أن يؤثر موقف عدد من المحافظات التي تصر علي المقاطعة علي قرار الحزب النهائي في خوض الانتخابات من عدمه؟ - لا نطلب منهم تغيير مواقفهم ولديهم الحرية في الاستمرار فيما يرونه صواباً.. ولكن الأمانة العامة هي التي تقرر المشاركة في الانتخابات من عدمه. للتجمع موقفه المعروف من «الوحدة الوطنية»، لكن هناك من القيادات السابقة بالحزب من شكك في هذا الأمر، وأن الحزب لم يعد كما كان في الماضي.. ما موقفك من التصريحات الأخيرة للأنبا بيشوي والدكتور محمد سليم العوا وتأثيرها علي الوحدة الوطنية؟ - أري أن العوا تصرف بطريقة غير صحيحة ووجه اتهامات غير مقبولة للكنيسة حيث قال إن الأديرة تحتوي علي أسلحة وهو أمر أعتبره ادعاء.. والبينة علي من ادعي، ولكن علي من يدعي أن يدرك أن وضع النار إلي جوار البنزين جريمة في حق الوطن. أما فيما يتعلق بتصريحات الأنبا بيشوي فلقد اعتذر عنها البابا شنودة شخصيًا.. فكان بذلك علي مستوي المسئولية الوطنية. وهو أمر كافٍ ومن شأنه غلق هذه الملفات التي تحرص علي تفجيرها قنوات «بير السلم» التي «ينعق فيها بوم لخراب الوطن». وعليهم أن يدركوا أنهم يسيئون للإسلام والمسيحية، إذا يجعلون من الانتماء للإسلام أو المسيحية عيبًا، ولكن في المقابل يجب أن نلم هذه الجراح وليس اشعال النيران كما فعل د. محمد عمارة في تصريحاته الأخيرة التي يتهم فيها البابا بأنه السبب في المشكلات منذ عام 1948 .