مازال الحديث متواصلاً عن هذه النظرية العجيبة التي قال عنها العالم الأمريكي الأشهر رتشارد فينمان إنها النظرية الأساسية التي يستخدمها كل العلماء ولا يفهمها أحد منهم. الحقيقة أنه حتي فينمان نفسه لم يستطع حل لغز هذه النظرية حلاً كاملاً ولكنه كان أقرب الجميع إلي الحل وكان له فضل كبير علي حيث طورت عمله لا أكثر ولا أقل، تكلمنا عن أن نظرية الكم تسمح بإمكانية تواجد جسم أولي صغير جداً مثل الإلكترون أو الفوتون في مكانين مختلفين في نفس الوقت وشرحت ذلك بأن الشكل الهندسي لزمان المكان علي مستوي الأبعاد الصغيرة جداً التي تقارن بحجم الإلكترون هو شكل معقد كثيراً عما نتصوره من حياتنا اليومية وأن هذا الشكل «الفركتالي» له مالا نهاية من الأبعاد الصغيرة جداً التي لا نراها وهي التي تسمح بكل هذه العجائب في دنيا الإلكترونات. ولكن لابد أن نشرح هذه النقطة أكثر من ذلك لنفهم تجربة عملية حيرت العلماء منذ نحو 80 عاما وقد وفقني الله أخيراً إلي حلها عن طريق فهم جديد للطبيعة وهو فهم من منظور الرياضيات البحتة والفلسفة أكثر منه فهما عن الطريق المعتاد في علم الطبيعة الكلاسيكية. لكي نفهم ذلك لابد أن أبدأ من أحد الكتب الفلسفية وأسهل شيء بالنسبة لي أن أبدأ من كتاب قرأته بينما كنت في المدرسة عن ترجمة عربية، الكتاب هو للفيلسوف والكاتب الفنان الكبير جان بول سارتر واسمه «الوجود والعدم» والمترجم كان الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بدوي الفيلسوف الوجودي المصري الكبير. قبل أن أشرح هذه النقطة أذكر إنه من الطريف إنني تحدثت مع أخي وصديقي الحبيب الأديب الكبير جمال الغيطاني والموجود الآن في الولاياتالمتحدة للتعافي من عملية جراحية ناجحة عبر التليفون وسألني جمال ما هو الموضوع الذي أكرم عنه هذه المرة في الصين فقلت إنه موضوع له علاقة وثيقة هذه المرة بموضوع فلسفي وهو الوجود والعدم رد جمال علي فور أنه لا يكاد يصدق نفسه لأن في يده الآن كتاب الوجود والعدم في ترجمة عربية جديدة وهو يحاول التعمق فيها. بإيجاز شديد يجد سارتر أن العدم ليس شيئا مثل الصفر. الصفر هو شيء أما العدم فهو لا شيء بتاتا ولكن هنا نقابل إشكالاً فلسفياً وهو أن العدم لا يمكن أن يوجد بهذه الطريقة في العدم لأنه وكما يقول مارتن هيدجر في كتابه الكينونة والزمن أن العدم يعدم، لذلك لا يمكن للعدم أن يوجد إلا علي خلفية من الوجود. .. ونكمل غداً