مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يوافق على إنشاء مستشفى جديدة بالعبور    بدء المؤتمر الصحفي لإعلان نتائج المرحلة الثانية لانتخابات النواب 2025    أول تعليق من سامح حسين على أنباء تعيينه أستاذًا بجامعة حلوان    الذهب يتراجع اليوم في السوق المحلية.. كم بلغ سعر الجرام؟    وزير الاستثمار: نعمل على رفع حجم التجارة البينية بين دول مجموعة الثماني من نحو 150 مليار دولار إلى 500 مليار دولار بحلول عام 2030    انتعاش في حركة الركاب بمطار القاهرة بأكثر من مليوني راكب    رئيس اقتصادية قناة السويس يلتقي شركات أمريكية كبرى في نيويورك لمد جسور التعاون الصناعي والاستثماري    وزير الخارجية يؤكد على ضرورة بدء عملية سياسية في السودان لا تقصي أحدا    زيلينسكي: وثيقة جنيف للسلام في أوكرانيا تم تطويرها بشكل جيد    مجموعة مصر.. مدرب الأردن: الإمارات خصم قوي وصاحب إمكانيات كبيرة    بابا الفاتيكان: الطريق للسلام فى لبنان يبدأ بتجاوز الخلافات العرقية والسياسية    انيك فيريرا يهدد ميدو بالقضاء ويتحرك رسميًا ضد الزمالك بسبب مستحقاته    طاقم مصري لنهائي كأس ليبيا بين أهلي طرابلس وأهلي بنغازي    موعد مباراة برشلونة وأتلتيكو مدريد والقناة الناقلة    محامي المجني عليه في قضية طفل المنشار: المتهم اعترف تفصيليا بارتكاب الجريمة    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    بدء نوة باقى المكنسة فى الإسكندرية بأمطار غزيرة ورياح شديدة تكنس البحر    طارق العوضي يكشف تفاصيل جديدة في جريمة التحرش بأطفال المدرسة الدولية بالإسكندرية    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    افتتاح معرض صور لمقبرة الملكة نفرتاري بالمتحف المصري بالتحرير    جامعة بنها تنظم قافلة طبية ضمن مبادرة "من أجل قلوب أطفالنا" بكفر شكر    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    بعد التحرك البرلماني.. كيف تحمي طفلك من انتشار الفيروسات في المدارس؟    إسرائيليون يتظاهرون أمام منزل نتنياهو للمطالبة برفض العفو عنه    محافظ المنوفية يطلق إشارة بدء التشغيل التجريبى لمشروع صرف صحى منشأة السادات    وزير العمل يسلّم 25 عقد توظيف في مجال النجارة والحدادة والبناء بالإمارات    الوفد: الإجراءات الانتخابية الجديدة تحفز المواطنين على النزول بكثافة.. فيديو    مصرع شاب غرقا بترعة النعناعية فى المنوفية    سلوت: محمد صلاح سيظل لاعبًا محترفًا من الطراز الرفيع    عم حارث ضيف حلقة فضفضت أوي غدا    لأول مرة في الدراما .. محمد سراج يشارك في مسلسل "لا ترد ولا تستبدل"    محمية رأس محمد تستقبل فتيات الملتقى الثقافي ال22 ضمن مشروع "أهل مصر"    ماسح الأحذية.. قضية إنسانية تفوز بأفضل عرض في مهرجان شرم الشيخ المسرحي    "الأوقاف": حجم مشاركة غير مسبوق في مسابقة القرآن الكريم العالمية    محمود ناجى حكما لنهائى كأس ليبيا بين أهلى طرابلس وبنى غازى غدا    كأس العرب - مؤتمر مدرب العراق: مواجهة البحرين صعبة.. ونستعد بالبطولة للملحق العالمي    ترامب يتدخل فى انتخابات هندوراس بسبب تيتو عصفورة.. اعرف القصة    فوائد تمارين المقاومة، تقوي العظام والعضلات وتعزز صحة القلب    فيتامينات طبيعية تقوى مناعة طفلك بدون أدوية ومكملات    أمين عمر حكما لمباراة الجزائر والسودان في كأس العرب    حوادث المدارس والحافز.. مشاهد تُعجل بنهاية "وزير التعليم" في الوزارة.. دراسة تحليلية.. بقلم:حافظ الشاعر    محافظ المنوفية يتفقد الموقف التنفيذي لعدد من مشروعات الخطة الاستثمارية لعام 2026/2025    وزير الخارجية يؤكد على ضرورة تكاتف أبناء الوطن لدعم الاقتصاد الوطني    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام فولهام.. موقف مرموش    الفيشاوي وجميلة عوض يعودان للرومانسية في فيلمهما الجديد «حين يكتب الحب»    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    راقصا أمام أنصاره.. مادورو يمد غصن زيتون لواشنطن    قوات الاحتلال تنسف منزلي أسيرين فلسطينيين في نابلس وطوباس    وزير الري يشارك في مائدة وزارية بالمغرب لبحث تسريع تحقيق هدف المياه المستدامة    بسبب الشبورة المائية وأعمال الصيانة، ارتفاع تأخيرات القطارات على خط بورسعيد    أسعار اللحوم في أسواق محافظة أسوان — يوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    طقس اليوم: معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 23    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد أشرف البيومي يكتب: فزورة سلاكمان: الموازنة بين الغرب وكراهية إسرائيل

نشر السيد مايكل سلاكمان مراسل النيويورك تايمز في صحيفة الهيرالد تريبيون الدولية في 21 مارس مقالاً بعنوان «حول افتتاح معبد يهودي يكشف النقاب عن لغز» ووصف الحدث بأنه «لحظة فريدة فيهود ومسلمون وإسرائيليون ومصريون يجلسون معا ويحتفلون بتراث مشترك». يشمل هذا المقال قدرا من المغالطات والتحيزات كما أنه يعرض الإشكالية وكأنها فزورة أو لغز.
قال سلاكمان إن افتتاح معبد ابن ميمون بالقاهرة مؤخراً أزال النقاب عن «لغز يتصارع معه المجتمع المصري منذ أن عقدت القيادة المصرية معاهدة السلام مع إسرائيل منذ ثلاثة عقود وهي كيفية الموازنة بين مطالب العواصم الغربية وعملية السلام التي تعتمد علي عمل مصر مع إسرائيل رغم البغض الشعبي لإسرائيل».
هذه الجملة مليئة بالانحياز والمغالطة ولهذا وجب تفنيدها والتعليق عليها وليسمح لي القارئ بتعليق منهجي ضروري: ندرس لطلابنا في مجالات العلوم الأساسية أن فشل نظرية ما في تفسير حقائق معملية أو بروز تناقضات غير مفهومة غالباً ما يكون نذيرًا بأن الافتراضات التي بنيت عليها النظرية خاطئة في بعضها علي الأقل وبالتالي وجب مراجعة النظرية أو حتي التخلي عنها. وهذا ينطبق علي القضايا السياسية مع الأخذ في الاعتبار أنه في الحالات السياسية هناك احتمال قائم بأن بعض الافتراضات متعمدة لخدمة أهداف معينة. وكما قال مؤخراً أحد كتاب الهيرالد تريبيون «إن الانطباعات الغربية السائدة حول العرب تؤكد مفاهيم خاطئة تستخدم في تحليل المنطقة» إضافة إلي ذلك نجد أن المراسلين الغربيين مثل سلاكمان وغيره كثيراً ما يعتمدون علي مجموعة من المثقفين المحليين الذين يدعمون هذه الافتراضات الخاطئة أو لا يصححونها مما يؤدي إلي مزيد من تأكيدها وكأنها حقيقة راسخة.
ففي البداية هذه اللحظة التي وصفها ب «الفريدة» هي ليست كذلك، فهناك ملايين مثلها في تراث العلاقات بين المسلمين واليهود. إن وجود معبد ابن ميمون وغيره من المعابد اليهودية في مصر هو دليل علي علاقات طيبة في السابق قبل الإنشاء القسري لإسرائيل. بالإضافة إلي ذلك، فإن ابن ميمون نفسه ما هو إلا نتاج الحضارة الإسلامية المزدهرة في إسبانيا في جميع فروع العلم والطب والفلسفة وليست في الأندلس وحدها بل في مصر والعراق وأماكن عديدة في العالم العربي. هذا قبل المذابح التي قامت بها الجيوش المسيحية الإسبانية والمدعومة من كنيسة روما ضد المسلمين واليهود معاً مما اضطرهم لتغيير دينهم أو الهجرة من إسبانيا.
ولكن الإعلام الغربي يغفل متعمداً العلاقات الطيبة في عمومها بين المواطنين العرب سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يهودًا، بل إنه يكرر مراراً أكذوبة الكراهية التاريخية بين اليهود والعرب أو المسلمين مما يصب في مصلحة الكيان الصهيوني الذي يسعي دائما إلي تأكيد هذا الاستقطاب المصطنع لتبرير الجرائم البشعة التي يرتكبها ولاستغلال شعور الغرب بالذنب لجرائم العداء للسامية. أما إذا تذكر القارئ الغربي هذه الحقيقة لتبددت أكذوبة كراهية المسلمين لليهود المستمرة عبر قرون طويلة.
ومن العجيب حقاً أن الكراهية والحقد التاريخي لليهود ينطبق علي الغرب المسيحي أثناء محاكم التفتيش الإسبانية وخلال قرون من التاريخ الأوروبي المعاصر بل إن ظاهرة العداء للسامية ما هي إلا ظاهرة غربية. لا يحتاج المرء كثيرا من الذكاء حتي يدرك أن إغفال العلاقة الحضارية بين اليهود والمسلمين يخدم الأهداف الصهيونية التي تسعي دوماً إلي هذا الاستقطاب بين اليهود من ناحية والمسلمين والمسيحيين العرب من ناحية أخري حتي تبرر اغتصاب فلسطين وخلق أعذار واهية لجرائمها الشنيعة ضد هؤلاء «الإرهابيين» من الفلسطينيين والعرب.
ومن الملاحظ أن سلاكمان يتعمد الخلط بين مفهومين مختلفين تماماً أحدهما ديني عندما يتحدث عن «يهود ومسلمين» والآخر يتعلق بالهوية السياسية عندما يتحدث عن «مصريين وإسرائيليين». وهذا الخلط يتيح له أن يختلق لغزاً مصطنعاً وهو علي حد تعبيره «أن المجتمع المصري تصارع (اللغز) منذ أن قامت قيادته بإبرام السلام مع إسرائيل منذ ثلاثة عقود: كيف تتوازن متطلبات العواصم الغربية وعملية السلام التي تعتمد علي عمل مصر مع إسرائيل رغم العداء السائد ضد إسرائيل؟» والكاتب يتجنب تفسير تساؤلات منطقية تطرحها مقولته الغامضة. ماذا يعني بقوله بأن القيادة المصرية أبرمت السلام مع إسرائيل؟ كان من الممكن أن يبدد الغموض بقوله إن السادات وحده هو الذي عقد السلام دون أي مشاركة حتي بالنقاش من قبل الشعب وأن بعض وزراء الخارجية المصريين الذين اختارهم بنفسه استقالوا أثناء المفاوضات. إذن هو سلام مفروض من قبل قيادة غير منتخبة ورغم ذلك اعتبرته الإدارات الأمريكية والأوروبية المتمسكة ب «الديمقراطية» والتي لا تطيق الدكتاتوريات!! بطلاً عظيما في وسائلها الإعلامية. إذا تذكرنا هذه الحقائق سينهار جزء كبير من اللغز الذي صنعه سلاكمان. أما لغز العداء الشعبي المصري والعالمي لإسرائيل فيتبخر أيضا عندما يتذكر أي إنسان مشاهد القتل في غزة والصواريخ وقنابل الفوسفور والدايم وكلها هدايا من الإدارة الأمريكية «المحبة للسلام». بل إن غضب الشعب المصري يشمل حكومته لتواطئها أثناء عملية إسرائيل الأخيرة في غزة والمسماة ب «الرصاص المصبوب». ماذا يقصد الكاتب بمقولة «مطالب العواصم الغربية»؟ وألا يعتبر رضوخ السلطة المصرية لهذه المطالب رغم إرادة شعبها حكومة لا تمثل الشعب؟ إن لغز سلاكمان ينهار تماما إذا أكدنا حقيقة واضحة أن الشعب المصري يعتبر إسرائيل عدوا لدوداً. ولهذا فإن العواصم الغربية في حقيقة الأمر لا تريد ديمقراطية حقيقية في العالم العربي لأن هذا يهدد مصالحها.
ليس هناك أي غموض أو ألغاز في ذهن المصريين وبقية العرب، فغالبيتهم العظمي تؤيد مقاطعة إسرائيل ومقاومة أهدافها وتحرير الأرض المغتصبة مهما كانت الصعوبات والوقت اللازم لتحقيق ذلك ولعل انتصار المقاومة اللبنانية عام 2006 هو فاتحة لذلك. أما استخدام تعبير «التطبيع» الذي صيغ في دوائر الحكم الأمريكية فينم عن عنجهية غربية فائقة. فالمطلوب «من العواصم الغربية» ليس فقط فرض سلام ظالم بل أيضاً فرض علاقات متشعبة مع العدو الإسرائيلي واعتبارها أمرا «طبيعياً». هكذا يصبح الرضوخ للاحتلال الاستيطاني والقبول بالعنصرية والأبارتايد أمرًا محبوبًا و«طبيعيًا» وتصبح مقاومته «إرهاباً».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.