(أنا آسف جداً أنه يحدث جرح لشعور إخواننا المسلمين.. وهذا أمر يؤسفني..) هي عبارة مباشرة لا لبس فيها.. قالها البابا شنودة الثالث في إجابة صريحة علي أحد أسئلة عبد اللطيف المناوي له في برنامج (وجهة نظر) علي تليفزيون الدولة الرسمي. من الواضح في هذا الحوار الذي تم تسجيله وإذاعته أول أمس الأحد وأمس الاثنين.. أن (تعب) السنين قد ظهر علي وجه البابا شنودة الثالث. ولكن (تعب) المقربين أصعب.. فالبابا قد حاول خلال كافة الأجوبة علي أسئلة الحوار أن يؤكد علي مساحات الود المشتركة في الوطن الواحد، ولقد أعجبني كثيراً بعض العبارات التي وردت أثناء الحوار مثلما بدأ كلامه بأن التوتر لا يعالجه توتر.. وهو ما عانينا منه خلال أيام الأسبوع الماضي. قال البابا بوضوح رداً علي ما قاله الأنبا بيشوي بأننا جميعاً ضيوف علي أرض الله؛ بل وقال أنا مستعد أن أقول نحن أي كمسيحيين ضيوف علي إخواننا المسلمين. وإن كنت رفضت ما قاله الأنبا بيشوي.. فأني أختلف مع ما قاله البابا شنودة الثالث لأنه بعيد عن التفسير الإيماني لفكرة الموت؛ فإن قاعدة المواطنة تؤكد علي أن (مصر هبة المصريين جميعاً.. وليست للمسيحيين وحدهم أو للمسلمين وحدهم). أتفق مع ما قاله البابا بوضوح بأن لكل شخص إيمانه الذي يعتز به، ولا يمكن أن نجرح إنسانًا في إيمانه. وهي عبارة تمس الطرفين المسيحي والإسلامي بعد كل تلك التجاوزات وردود الأفعال التي حدثت خلال الأيام القليلة الماضية سواء في المظاهرات أو في بعض المقالات والبيانات أو علي مواقع الإنترنت. بالطبع، الحوار حول العقائد والمسائل العقائدية خط أحمر.. كما قال بيان مجمع البحوث الإسلامية، والذي صدق البابا علي كلامه. هذا البيان الذي أكد علي مكانة الأزهر الشريف في قيادة الرأي العام الإسلامي بدلاً من ترك الساحة لتحتلها الجماعة المحظورة أو الجماعات السلفية. وإن كنت أري في البيان نبرة حادة يمكن أن تفسر بعيداً عن مفهوم المواطنة لكافة المصريين. لقد قال مجمع البحوث الإسلامية كلمته من خلال البيان الذي صدر عنه يوم السبت الماضي، وقال البابا شنودة الثالث رأيه من خلال حواره مع برنامج (وجهة نظر) يومي الأحد والاثنين، وهي مواقف تحمل من الدلالات التي نتج عنها إجابات نهائية وقاطعة للعديد من القضايا والأسئلة المعلقة منذ سنوات. وهو ما يجب أن يحترم من الجميع.. خاصة وسائل الإعلام.. لكي لا نزايد علي بعضنا البعض أو علي مؤسساتنا الدينية. حقاً، فالبعض يدافع عن ما لا يعرفون، والبعض يتهمون بما لا يعرفون. وإذا اعتمدنا مبدأ التشكيك في العلاقات.. فهو المنطق الذي يسود، والشك لا ينتهي. تحية للبابا شنودة الثالث علي هذا الموقف المحترم بتقديم الاعتذار، وتحية للتليفزيون المصري الذي كان له السبق في الحصول علي إجابات حاسمة في قضايا شائكة للمرة الأولي بهذا الشكل المتميز من قيادة الكنيسة القبطية.