لعله "اسخن" عام دراسي في تاريخ التعليم في مصر ، وهو الذي كانت بدايته من ايام قليلة مضت ، فقد استهل ايامه بمعركة عنيفة بين وزارة التربية والتعليم من جانب ، وناشري الكتب الخارجية علي الجانب الآخر ، وصلت المعركة الآن الي ساحة القضاء ليضع فيها الامر الفصل ، ومن الغريب ان معركة طرفي اهل العلم ليست علي المحتوي العلمي ومنهج العرض له ، أو هو خلاف عن طرق تقديمه للتلاميذ الصغار ، لكنها معركة حقوق مادية تتعلق بالارباح المكتسبة من طبع ونشر وتوزيع لكل الكتب الخارجية المنتجة والموزعة في سوق النشر الذي يلبي احتياجات زبائن يقدر عددهم بعشرات الملايين ، وكل من جانبي التخاصم يملك من الحجج والاسانيد والوثائق ما يدعم بها موقفه في الدفاع عن مصالحه نحو الامل في حسم قضية التخاصم لصالحه . وقبل اكثر من عشرين عاماً مضت التقيت بالناشر السيد حمدي مصطفي مالك المؤسسة العربية الحديثة والذي بدأ في طرح كتابه "سلاح التلميذ" قبل اكثر من خمسين عاماً مضت وسألته سؤالاً خطر ببالي عندما بدأت الاستعانة بكتابه للمساعدة في استذكار دروسي في المرحلة الابتدائية بناء علي طلب استاذي في المدرسة وقتئذ .. سألته .. لماذا سميت كتابك بهذا الاسم الصعب الذي يوحي بالحرب ، اجابني .. "انني اعتبر كتابي سلاحاً يمسك به التلميذ ليحارب عدوه الأول والوحيد في حياته ، وما هذا العدو إلا الجهل الذي يقف حائلاً امامه ليعوق من مسيرته نحو التقدم ، وكتابي مكمل للكتاب الوزاري المقرر من وزارة التربية والتعليم وليس منافساً له ، فكل من الكتابين سلاح في يد الطالب يقضي به علي الجهل عدو التلميذ الأول .. وكان هذا هو هدف اصداري لسلسلة الكتب التعليمية" كانت تلك اجابة صاحب اشهر مجموعة كتب تعليمية خارجية في مصر. ولقد تغير الوضع الآن، فقد اصبحت الكتب الخارجية واصحابها مطاردين من قوي الأمن ووصلت الأمور بين وزارة التربية والتعليم واصحاب دور نشر الكتب الخارجية الي حد ساحة القضاء للفصل بين الجانبين، وسؤالي الذي ابحث عن اجابة له الآن .. ما هو موقف جموع التلاميذ الذين اعتادوا - لسنوات طويلة مضت - تلقي العلم من كتب سلاح التلميذ وغيرها بسبب ضعف التناول المنهجي لكتب الوزارة التعليمية التي توزع عليهم بداية كل عام دراسي ؟ كيف سيتم القاء الدروس عليهم من جموع المدرسين الذين يطلبون كتباً خارجية بالاسم قبل البدء في شرح مناهج الدراسة المختلفة ؟ كيف ستكون طريقة شرح المناهج من اساتذة وتلاميذ اعتادوا استخدام الكتاب الخارجي في الشرح والاستذكار ؟ .. ويخطئ من يظن مقالي دفاعاً عن الكتب الخارجية - وأشهرها سلاح التلميذ - او دفاعاً عن منتجيها او عن اعداد غفيرة من العاملين تعمل في تلك الصناعة . انما هو دفاع عن ملايين التلاميذ في مراحل التعليم المختلفة الذين وجدوا انفسهم - فجأة - من اليوم الدراسي الأول وسط دائرة خلاف لا يفقهون عنه شيئاً ، فكل ما يعرفونه هو اختفاء الكتاب الخارجي الذي اعتادوا علي الاستذكار منه طوال سنواتهم الدراسية السابقة ، ان اولئك الملايين من التلاميذ اعتادوا التعامل مع الكتاب الخارجي - اياً كان اسمه - بناء علي توصية وطلب شراء من كل مدرسيهم في المدارس الحكومية والخاصة، فماذا يفعل التلاميذ الآن امام امر مدرسيهم الذي لا يستطيعون تنفيذه هذا العام ؟ ومع كل الاحترام والتأييد لسلاح السيد وزير التربية والتعليم الذي اشهره في وجه عدو العملية التعليمية الأول في مصر وهي حالة التسيب والاهمال والفوضي وعدم الانضباط ، الا يمكن ان يجد حلاً عاجلاً لمشكلة ملايين التلاميذ التي تواجههم لأول مرة هذا العام ، وما هذه المشكلة الا في اختفاء الكتاب الخارجي الذي اعتادوا تلقي العلم منه خلال السنوات الطويلة الماضية ، وحتي يفصل القضاء في امر الخلاف بين جهتي العلم . فان الملايين من طلبة العلم الحائرون ينتظرون حلاً حتي يبدأوا استذكار دروسهم كما اعتادوا .. وتلك هي المشكلة الحقيقية التي اثق ان السيد الوزير سوف يشهر سلاحه لينجح في حلها علي الفور ، كما سبق ونجح في اعادة الانضباط للعملية التعليمية ، ذلك الانضباط الذي كنت اعتقد انه قد مات وتم دفنه الي الابد .. رئيس تحرير مجلة أبطال اليوم الصادرة عن مؤسسة أخبار اليوم