"إكسترا نيوز "تعرض فيديوجراف عن خطة المواطن الاستثمارية في محافظة الفيوم    تعرف على سعر الأرز اليوم الجمعة 17-5-2024 في الأسواق    واشنطن: من حق إسرائيل ملاحقة عناصر حماس دون اجتياح رفح    جيش الاحتلال ينسف مباني سكنية شرق رفح الفلسطينية    مسلحون يقتلون 3 سائحين أجانب في أفغانستان    اختبار صعب لطلعت يوسف، موعد مباراة فيوتشر والزمالك بالدوري المصري    الدوري السعودي، النصر يتفوق علي الهلال في الشوط الأول بهدف    أحمد جلال يروي تفاصيل "علقة حلوة" تعرض لها داخل الزمالك بسبب حبيبته    يسرا تحتفل بميلاد الزعيم عادل إمام وتوجه له هذه الرسالة    بالصور- حمادة فتح الله وسارة مكاتب أول حضور زفاف ريم سامي    استمرار تراجع العملة النيجيرية رغم تدخل البنك المركزي    طلاب جامعة الأقصر يشاركون في ختام البرنامج التدريبي لقادة المستقبل    وزير الاتصالات يبحث مع سفير التشيك تعزيز التعاون بمجالات التحول الرقمي    جداول قطارات المصيف من القاهرة للإسكندرية ومرسى مطروح - 12 صورة بمواعيد الرحلات وأرقام القطارت    إصابة طالبة سقطت من شرفة منزلها في سوهاج    حريق هائل يلتهم محتويات شقة سكنية في إسنا ب الأقصر    ضمن الخطة الاستثمارية للأوقاف .. افتتاح مسجدين بقرى محافظة المنيا    أوكرانيا تسعى جاهدة لوقف التوغل الروسي فى عمق جبهة خاركيف الجديدة    بمناسبة اليوم العالمى للمتاحف.. ننشر قائمة من 31 متحف مفتوح مجانًا للمصريين غدًا    بعد غلق دام عامين.. الحياة تعود من جديد لمتحف كفافيس في الإسكندرية (صور)    طيران الاحتلال يغتال القيادي بحماس في لبنان شرحبيل السيد «أبو عمرو» بقصف مركبة    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    مدير إدارة المستشفيات بالشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى فاقوس    حسام موافي يوضح أعراض الإصابة بانسداد الشريان التاجي    توخيل يؤكد تمسكه بالرحيل عن بايرن ميونخ    "بموافقة السعودية والإمارات".. فيفا قد يتخذ قرارا بتعليق عضوية إسرائيل    بريطانيا تتهم روسيا بتزويد كوريا الشمالية بالنفط مقابل السلاح    4 وحدات للمحطة متوقع تنفيذها في 12 عاما.. انتهاء تركيب المستوى الأول لوعاء الاحتواء الداخلي لمفاعل الوحدة الأولى لمحطة الضبعة النووية    عمر الشناوي حفيد النجم الكبير كمال الشناوي في «واحد من الناس».. الأحد المقبل    عمرو يوسف يحتفل بتحقيق «شقو» 70 مليون جنيه    سوليفان يزور السعودية وإسرائيل بعد تعثر مفاوضات الهدنة في غزة    علماء الأزهر والأوقاف: أعلى الإسلام من شأن النفع العام    تاتيانا بوكان: سعيدة بالتجديد.. وسنقاتل في الموسم المقبل للتتويج بكل البطولات    "بسبب سلوكيات تتعارض مع قيم يوفنتوس".. إقالة أليجري من منصبه    أحمد السقا: أنا هموت قدام الكاميرا.. وابني هيدخل القوات الجوية بسبب «السرب»    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    الوضع الكارثى بكليات الحقوق    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    رئيس جهاز دمياط الجديدة يستقبل لجنة تقييم مسابقة أفضل مدينة بالهيئة للعام الحالي    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    «جمارك القاهرة» تحبط محاولة تهريب 4 آلاف قرص مخدر    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    إعلام فلسطيني: شهيدان ومصاب في قصف إسرائيلي استهدف مواطنين بحي الزهور    فريق قسطرة القلب ب«الإسماعيلية الطبي» يحصد المركز الأول في مؤتمر بألمانيا    «المستشفيات التعليمية» تكرم المتميزين من فرق التمريض.. صور    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يكون التعليم "لعبة" وزراء !
نشر في نهضة مصر يوم 13 - 10 - 2010

إنه لا يقدم المعلومة جاهزة ، حتي يدفع الطالب إلي أن يكون مشاركا في الحصول عليها ، فيكون إيجابيا ويتعود علي القراءة والتفكير ، فيعرض عليه _ مثلا _ صورة ، طالبا منه أن يحدد العلاقات بين عناصرها
لقد كنا حَسَني الظن عندما كنا نستغيث مما يقوم به كل وزير تربية جديد ، بهدم كل أو معظم ما قام به سابقه ،وكأن التاريخ سوف يبدأ فقط بلحظة توليه الوزارة ، ويعتبر ما قبله هو ما يقولون عنه " ما قبل التاريخ " ...
وكثيرا ما كانت أصواتنا ترتفع بالقول أن أولادنا ليسوا فئران تجارب !
إن حسن الظن هنا يتأتي من معرفة أن استخدام فئران للتجارب يعني حدوث عملية علمية تستهدف تغييرا وتطويرا ، حتي ولو كان انقلابا علي تم ،وهو أمر _ مع كل التحفظات التي يمكن أن تساق _ فيه ولو بعض الفائدة ، لكن ما نراه في الشهور الأخيرة يشير إلي تحول في مجري الأمور بحيث يبدو التعليم وكأنه قد تحول إلي لُعبة في يد الوزير ، يلهو بها ، صائحا في كل مكان " أنا شجيع السيما .."!
كان أول مظهر هو الإطاحة بمعظم رجال الوزير السابق ، وإذا كان الكثرة الغالبة من هؤلاء قد أطيح بهم ، فمعني ذلك أنهم كانوا علي درجة من السوء لا تُحتمل ، فهل حُولوا إلي النيابة ؟ وهل تم التحقيق معهم ؟ نحن نطبعا لا نقطع هنا وإنما من حقنا أن نتساءل عما أخطأوا فيه ،ومن حقنا أن يحاسبوا علي هذا ، لأن هناك ملايين ممن أموال هذا الشعب الفقير الذي يتضور عشرون مليونا من أبنائه جوعا لا يجدون الماء الصالح للشرب ،ولا رغيف الخبز ولا المأوي الذي يحميهم .
وفضلا عن ذلك ، فهؤلاء كانوا يصنعون السياسة التعليمية ،وفعلوا كذا وكذا مما جري عبر السنوات القليلة الماضية ، فهل كان وزيرهم " نايم علي ودانه " ؟ وأين الجهات الرقابية ؟ أو لم تكن سياسة التعليم تعرض علي مجلسي الشعب والشوري ؟ وألم تكن تعرض علي مجلس الوزراء ؟
مرة أخري ، إننا لا ندين هؤلاء ، فكلهم نعرفهم معرفة شخصية ،وإنما:
نريد أن نطمئن علي تاريخ هذا البلد المسكين.
ونريد أن نطئن إلي أين ذهبت أموالنا ؟
ونريد أن نطمئن إلي أن ما فعله الوزير هو الإجراء السليم ،ونأمن أن من سوف يجئ بعده لن يهدم المعبد بدوره لنعيد الكَرّة مرة أخري ، ويستمر التعليم علي سوئه .
وآخر حواديت الوزير " هوجة " الكتب الخارجية ..حيث انكشفت القبة عن غير شيخ يرقد تحتها ، كيف ؟
في البداية ، ظننا الرجل ينطلق من مبدأ تربوي علمي يري في وجود كتب خارجية صورة من صور الانحراف التعليمي ،ومن هنا فقد راينا خطوته ، خطوة علي الطريق الصحيح ، وكان نقدنا هو " توقيت " المعركة ،حيث كان يجب أن تكون قبل بدء الدراسة بعدة شهور حتي يمكن لكل أطراف العملية التعليمية أن يتحسب لما يجب أن يفعله ،وكذلك انتقدنا طريقة إدارة هذه المعركة ، إذا صح وصفها بذلك ...فإلي ماذا انتهي إليه الأمر ؟
يبدو _ والله أعلم _ واستنتاجا مما كتبته صحيفة الفجر منذ أسبوعين أن السيد صفوت الشريف طلب من الوزير " ألا يعمل لهم دوشة ،ويحل هذه المشكلة سريعا " ، خاصة وأن موسم انتخابات مجلس الشعب قد أصبحت علي الأبواب ،وهي أهم انتخابات لأنها تؤسس لانتخابات الر ئاسة في العام التالي ،ووجود حالات تذمر من عشرات الألوف من المواطنين ،والتزاحم اليومي علي مكتبات الفجالة أمر يمكن أن يسئ لصورة النظام .
بل لقد بدأ الأمر يدخل في باب تداول التنكيت ، كعادة الشعب المصري المقهور ، عندما يري وضعا لا يعجبه ،ويجد " أن ما باليد حيلة " ، فتنطلق النكات ،ولعل أبرزها هو ما روي من أن فرقة ضبط بوليسية هاجمت مكانا فصاح أصحاب المكان مقسمين أنهم لا يخبئون كتبا خارجية ،وأن الذي يخبئونه هو فقط بعض المخدرات !!
وكان من التداعيات المؤسفة ، أن هناك مدارس لم تصل إليها بعض الكتب الأساسية حتي الآن ، بعد مرور شهر علي بدء الدراسة ..أقول هذا بعدما شكا لي ابني من أن حفيدي في الصف الثالث الإعدادي لم يتسلم بعض الكتب حتي الآن وعندما راحوا يسألون عن كتب خارجية لتنقذ الموقف لم يجدوها بفعل الإرهاب الذي مورس علي الناشرين الخصوصيين ، فكأن الوزارة " لا رحمت ، ولا سابت رحمة ربنا تنزل " ، كما يقولون في الأمثال !
ثم إذا بنا نري أن " مشكلة الكتب الخارجية " لم تعد قائمة ، دون أن نعلم : هل استطاعت الوزارة ، في ظل هذه الأيام القليلة ،ووسط تكاثر مشكلات بداية الدراسة ، أن تنتهي من فحص عشرات الكتب الخارجية ، فتحكم بأنها صالحة للاستعمال ؟ وهل دفع الناشرون بالفعل كل ما طُلب منهم ؟ ولم إذن رفعوا قضية علي الوزارة ؟ أم أن التوجيهات العليا صدرت بضرورة الانتهاء من هذه القضية فورا ؟
لا نملك معلومات ، لأننا تعودنا أننا لسنا من أصحاب البلد ،ومن ثم فلا يهم أن نُعلَن بجملة الحقائق قي مؤتمر عام يذاع علي أجهزة الإعلام كما يحدث في النظم الديمقراطية المحترمة ، وما نشير إليه هو مجرد " احتمالات " لا ترقي إلي مرتبة اليقين ،وإن كانت جريدة الفجر في عدد الأسبوع الحالي قد أشارت إلي أن التقرير الذي كتب في البداية عن مكاسب الناشرين للكتب الخارجية ، مبالغ فيها ، ولا ندري ، هل هذا فقط لحفظ ماء الوجه أم لا ؟ ذلك لأن هذا يمكن أن يحمل مؤشرا خطيرا هو أن " العجلة " ،و" الاندفاع " هما سمتان من السمات التي تميز قيادة التعليم الحالية .
لقد قال البعض _ وهذا صحيح _ إن ظاهرة الكتب الخارجية لا توجد إلا في مصر ، وتخلو منها دول العالم أجمع ..وكان هذا ضمن برنامج تليفزيوني الأسبوع الحالي ، لكن المتحدث المحترم ، إذا كان قد قال حقيقة مؤكدة ، إلا أنه لم يفسر هذه الظاهرة ،وإلا بدونا في مصر " مخترعين " لسوأة " تعليمية تشيننا حضاريا بين شعوب العالم ، مع أننا نرفع صوتنا دائما بأننا أصحاب أعرق حضارة في التاريخ ..
لا يقولون بالتفسير ، لأن في التفسير إدانة لتعليمنا ..حيث يدفع مئات الألوف من أبناء شعب فقير ملايين الجنيهات ثمنا لسلعة المفروض أن تقدمها الدولة من خلال مدارسها " مجانا " ، فماذا يعني هذا ؟ معناه شعور هؤلاء بأن السلعة الرسمية غير صالحة للاستعمال !
كان في البرنامج التليفزيوني أحد قدامي الموجهين ، الذي أخبرنا بأن كتابا في اللغة العربية حُول إليه لفحصه _ في الثمانينيات -فوجد فيه سبعين خطأ ،وأخطر المسئولين بذلك ، لكن الكتاب طُبع كما هو ،وأفتي وكيل وزارة أسبق بأن كتابا يطبع بأخطاء خير من عدم طباعته الكتاب كلية!
وليس معني هذا أن هذا كان قديما فقط ، فبالنسبة لبعض الكتب الجديدة، أشارت صحف متعددة إلي عدد من الأخطاء العلمية واللغوية والطباعية في هذه الكتب ، بعدما تمت طباعتها ،وصُرف عليها عشرات الملايين من الجنيهات !
ومع ذلك ، فإننا نقرر أن الكتب الرسمية تقوم علي أسس علمية تربوية رائعة ، لكن المشكلة التي ننبه إليها عشرات المرات ، أن النسب العلمية للعناصر الغذائية التي يجب أن يتناولها الإنسان ، يمكن أن تكون ضارة إذا كان الجسم غير سليم ،ويعاني من أمراض شتي ،وهذا هو الشأن بالنسبة للكتاب الرسمي .
إنه لا يقدم المعلومة جاهزة ، حتي يدفع الطالب إلي أن يكون مشاركا في الحصول عليها ، فيكون إيجابيا ويتعود علي القراءة والتفكير ، فيعرض عليه _ مثلا _ صورة ، طالبا منه أن يحدد العلاقات بين عناصرها ، أو يسأله عن المعاني التي تتضمنها ،وما ينقصها من معلومات لاستكمالها ..وهكذا
لكن ، هذا لا يفيد أبدا في ظل كثافة فصل تتجاوز أحيانا خمسين تلميذا وعلي يد مدرس ما زال راتبه لا يكفيه حد الكفاف ،وفي ظل مكتبة مدرسية فقيرة ، ضيقة المساحة ،وفي ظل جدول مدرسي لا يسمح بحرية حركة للطلاب كي يقضوا وقتا بالمكتبة ، دون أن يجور ذلك علي حقهم في النشاط واللعب والترفيه وتناول الطعام ..وهكذا.
هنا يجئ الكتاب الخارجي ليقدم الإجابات ، فيسرع إليه الطالب ، لا لأنه سلبي بطبعه ،ويستسهل الحصول علي المعلومة الجاهزة ، فهذا غير سليم من الناحية النفسية العلمية ،وإنما لأن النظام التعليمي بالمدرسة لا يساعد علي ذلك .
بل انظر إلي المجتمع ككل ،وكيف تعودنا ، عبر قرون _ ومازلنا _ علي أننا لا ينبغي أن نشارك في التفكير في القرارات المصيرية ، بل ننتظر كي تهبط علينا من أعلي ،وكل وزير ، يفخر _ علنا _ بأنه لا يعمل إلا بناء علي توجيهات القيادة السياسية ، مع أنه يمثل سقف العمل والتفكير في دائرته ..المناخ المجتمعي ،والثقافي لا ينَشّئ المواطن علي استقلالية التفكير والمشاركة في اتخاذ القرار ، فكيف نطالب تلميذنا صغير السن بذلك ؟
ومرة أخري ، وبعد أن وضعت حرب الكتب الخارجية أوزراها ، نعود للتساؤل : إذا كانت الكتب الخارجية مرضا تعليميا يجب القضاء عليها ، فلم تم التراجع ؟ هل كانت القضية قضية تحصيل أموال من الناشرين ،ولم تكن قضية علم تربوية تري في وجود كتاب خارجي حكما علي الكتاب الرسمي الذي أنفقنا عليه مئات الملايين من الجنيهات بأنه فاشل عمليا ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.