ألقي حكم بطلان عقد مدينتي حجرًا في الماء الراكد فتحركت جميع أجهزة الدولة إما لمراجعة تعاقداتها أو لاتخاذ تدابير من شأنها حماية أراضي الدولة. فيما تحفظت مصادر قضائية بمجلس الدولة علي تصريحات رئيس الوزراء الذي اعتبر فيها الحكم ناتجًا لخطأ إداري، رفعت وزارة الزراعة مذكرة أوصت فيها بفسخ عقد بيع 26 ألف فدان للشركة المصرية الكويتية في العياط لعدم التزامها بغرض التخصيص، وقال رئيس هيئة التعمير ل «روزاليوسف» إن بعض المستثمرين لا يحترمون الحكومة في تعاقداتهم، وقال وزير الزراعة في تصريح خاص إن أرض الوليد بن طلال في توشكي لا تخضع لقانون المزايدات والمناقصات حتي يتم الطعن علي بطلان عقدها وتبدأ هيئة المساحة في إعداد خريطة لحصر أملاك الدولة تغطية إخبارية من مختلف القطاعات. انتقد المستشار عادل فرغلي رئيس محاكم القضاء الاداري السابق تصريحات رئيس الوزراء د.أحمد نظيف الاخيرة الذي اعتبر فيها حكم البطلان أن عقد «مدينتي» خطأ إداري وليس فيه فساد أو اهدار للمال العام، قائلا: إنه ليس غريبا علي الحكومة أن تطلق مثل تلك التصريحات في محاولة للدفاع عن نفسها، لكن الحقيقة إن هناك مخالفة للقانون واضحة ومتكررة ترتب عليها اهدار المال العام وقد تشبثت الهيئة بالعقد رغم أن مجلس الدولة أدلي برأيه بوجود مخالفات كثيرة به وبالتالي فإن الخطأ الذي تم ليس خطأ ادارياً أو عادياً لأنه ترتب عليه اهدار المليارات. وأكد أن الحكم الصادر نهائي وبات ودعوي البطلان التي تعتزم مجموعة طلعت مصطفي اقامتها مصيرها الرفض. وأضاف إن الخطأ الذي حدث خطأ مروع وجسيم يصل لمرتبة الغش والفساد، وحول فتح الباب أمام المساءلة الجنائية مرة أخري قال فرغلي: إن تلك المسألة ترجع للنيابة العامة إذا كانت تري في حكم الادارية العليا واقعة جديدة تستحق فتح باب التحقيق علي أساسها من عدمه. بينما تقدم جمال تاج الدين الأمين العام للجنة الحريات بنقابة المحامين ببلاغ للمستشار عبدالمجيد محمود النائب العام يطالب فيه بإعادة التحقيق في المخالفات المنسوبة إلي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ووزارة الإسكان بشأن عقد مدينتي الذي ثبت بطلانه من خلال حكم قضائي وضح من خلال وجود جرائم لتسهيل الاستيلاء علي أراض الدولة بأبخس الأثمان وأيضا التحقيق في كل العقود الصادرة من الهيئة ووزارة الإسكان خلال العقود الماضية . وأجلت محكمة القاهرةالجديدة للأمور المستعجلة استشكال هيئة المعجتمعات العمرانية ضد حكم القضاء الاداري الأول ببطلان العقد لجلسة 23 أكتوبر. من جانبها، أودعت المحكمة الادارية العليا الدائرة الثالثة أمس حيثيات حكم بطلان عقد «مدينتي». أكدت الحيثيات أن لكل مواطن مصري الحق في أموال الدولة ومن حقه الدفاع عنها، وفق ما يقرره القانون، من وسائل لحماية تلك الاموال ومنها اللجوء للقضاء، ونظرا لأن الدعوي متعلقة ببيع أرض «مدينتي» بمقابل ضئيل، وعدة إجراءات غير صحيحة ولما له من انعكاس علي حقوق المدعين وغيرهم في تراب هذا الوطن فإن لكل مواطن مصري صفة ومصلحة في هذا الطعن علي مثل هذا التصرف دون أن تختلط دعواه بدعوي الحسبة خاصة أن العقد أهدرت فيه قواعد المساواة وتكافؤ الفرص ولا ينال من ذلك القول بأن هذا من شأنه السماح بدعاوي الشهرة والابتزاز ذلك أن قبول الدعاوي في يد القضاء الاداري الذي يستطيع التمييز بين الخبيث أو الطيب من الدعاوي المطروحة عليه. رفضت المحكمة الدفع بمخالفة الحكم لصحيح القانون نظرا لوجود خصومة قضائية بين عضو اليمين المستشار الراحل محمود السقا وعضو اليسار بدائرة القضاء الاداري وبين هيئة المجتمعات العمرانية لأن هذا النزاع لا يشكل خصومة تؤثر علي القاضي في اصداره لحكمه. وأوضحت أن هيئة المجتمعات العمرانية بدت عازفة عن سلوك سبيل الاجراءات التي حددها قانون تنظيم المناقصات والمزايدات وجري العقد وسط من الكتمان مما نجم عنه بيع أراضي الدولة بمقابل ضئيل يتم أداؤه خلال 20 سنة يمكن زيادتها إلي 25 سنة، كما شمل شروطا مجحفة أدت إلي اهتزاز الثقة في السوق العقارية ودخول الشك للناس في أسلوب اخراج المال من ذمة الدولة للغير. وأضافت أن العقد تم ابرامه في خروج سافر واهدار لأحكام قانون المناقصات والمزايدات وما تقتضيه أصول الادارة الرشيدة من أن يجري ابرامه خلال مزايدة علنية يتباري فيها المتنافسون، وأوضحت أن الاستثمار العقاري ينمو ويزدهر في ظل الالتزام بالشرعية وسيادة القانون وتحقيق أعلي درجات الشفافية. وأكدت المحكمة أن ما تبرمه الهيئات العامة من عقود اعتبارا من تاريخ العمل بقانون تنظيم المناقصات والمزايدات يخضع في إجراءاته لأحكام القانون، سواء كانت قوانين هذه الهيئات وردت خالية من الاحكام التي تنظم ابرام تلك العقود أو كانت الاحكام التي تضمنتها في هذا الشأن مخالفة لاحكام هذا القانون. وأشارت إلي أنه تمت عمليات بيع بين الهيئة وآخرين وفقا لقانون المناقصات والمزايدات وتم الالتزام بالشرعية ما أدي إلي زيادة موارد الدولة. كما رفضت المحكمة الدفع بعدم بطلان العقد خاصة أنه دخل حيز التنفيذ موضحة أن البدء في تنتفيذه لا يحول دون الحكم ببطلانه لما شابه من عيب جسيم.. وأكدت أن المركز القانوني للمتعاقدين سواء أكانوا قد تسلموها أو لم يتسلموها لن يضار وعلي الجهة الادارية استعادة الارض محل العقد مع تقييد التصرف فيها باتباع الاجراءات القانونية السليمة وبالمقابل العادل ذلك أنه من المقرر قانونا أن البيع الصادر من غير مالك وإن كان باطلا فإن بطلانه ليس مطلقا وانما بطلان مقرر لمصلحة المشتري وللمالك الحقيقي «هيئة المجتمعات» أن يقر هذا البيع في أي وقت فسيسري عندئذ في حقه وينقلب صحيحا في حق المشتري.