ترجمة هالة عبدالتواب نقلاً عن لوموند الفرنسية قبل 10 سنوات وبعد مباحثات مكثفة بين مسئولين فلسطينيين وإسرائيليين وأمريكان، طلب مني الرئيس بيل كلينتون وقتها المشاركة في إعداد مشروع بيان حول مفاوضات قمة كامب ديفيد. وجاء في البيان، الذي نشر آنذاك، أنه تم إحراز تقدإ ملموس وأن المفاوضات ستستمر، إلا أن الرئيس كلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها إيهود باراك وبعد وقت قصير من انتهاء القمة حملا الفلسطينيين مسئولية «فشل» المفاوضات!! وعندما سألت كلينتون بعد عدة سنوات عن السبب وراء ما قاله أجابني «إنهم قالوا لي إذا لم أفعل ذلك ستكون نهاية معسكر السلام الإسرائيلي». وأدت لعبة إلقاء اللوم التي لعبتها بمهارة إدارة كلينتون والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ ذلك الحين لانهيار عملية السلام، وأظهرت إدارة كلينتون باتباعها لهذه الاستراتيجية عجزها عن فهم أن الفلسطينيين لن يقبلوا أقل من دولة قائمة علي حدود 1967 والقدسالشرقية عاصمة لها. وفيما يتعلق بالقدس، فقد قدم المفاوضون الأمريكان للطرف الفلسطيني نفس المقترحات التي قدمها الوفد الإسرائيلي للرئيس عرفات قبل عدة أسابيع من بدء القمة. وعاني المفاوضون الفلسطينيون كي يشرحوا لنظرائهم الأمريكان الفرق بين أبوديس وكفر عقب (وهي مدن لم تكن جزءًا من القدس قبل أن تضمها إسرائيل بشكل غير شرعي) هذا من ناحية وبين سلوان والشيخ جراح (أحياء مازلت تنتمي للقدس) من ناحية أخري. وبالرغم من ذلك فقد أغفلت المقترحات المقدمة في كامب ديفيد للجانب الفلسطيني من أجل حل مسألة القدس حقيقة أن إسرائيل هي القوة المحتلة وأن المخرج الأساسي لعملية السلام هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967. بالإضافة إلي ذلك، فقد تجاهلت المقترحات المقدمة التنازل التاريخي الذي قدمه الفلسطينين عام 1988 باعترافهم بحق إسرائيل في الوجود علي 78% من أرض فلسطين التاريخية وبقبولهم أن تتحول 88% من بلدية القدسالمحتلة عام 1948 إلي القدسالغربية، وبالرغم من ذلك فقد طلب من الفلسطينيين في كامب ديفيد قبول حلول وسط جديدة حول ال22% المتبقية من فلسطين التاريخية. يجب حل مشكلة القدس علي الفور ففي نظر القانون الدولي لا يوجد فرق بين القدس ورفح وبيت لحم حيث تعتبر هذه المدن الثلاثة جزءًا من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة التي تعاني منذ سنوات من سياسة الاستيطان. وما بين أوسلو وكامب ديفيد (ما بين 1993 و2000) ضاعفت الحكومات الإسرائيلية من عدد المستوطنين علي الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، ومنذ كامب ديفيد زاد عدد هؤلاء المستوطنين ليصل إلي 100 ألف ومثل هذه الممارسات المخزية تؤكد للمجتمع الدولي ضرورة حل هذه القضية بشرف قبل فوات الأوان. إن الموقف الفلسطيني معروف للجميع، نحن ندعو إلي حل الدولتين علي أساس حدود 1967 وإلي حل ملموس لقضية اللاجئين يتفق مع القانون الدولي، ونطالب بأن تبقي القدس مدينة مفتوحة ومشتركة وتكون عاصمة للدولتين بحيث يكون جزؤها الشرقي تحت السيادة الفلسطينية وجزؤها الغربي تحت السيادة الإسرائيلية. في كامب ديفيد عرضوا علينا ما يسمي ب«دولة» ليست لها أي سيطرة علي حدودها ولا علي مجالها الجوي ولا أمنها، هذه «الدولة» المزعومة ستكون مقسمة لأربع مقاطعات من ضمنها القدسالشرقية التي كان من المفترض أن يتولي الفلسطينيون مسئولية كل الخدمات الاجتماعية فيها مع الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية، من يمكن أن يصدق فعلاً أن قبول الاحتلال الإسرائيلي سوف يؤدي إلي حل عادل يمكن الدفاع عنه؟ ومن أحد أكبر الاختلافات بين 2000 و2010 هي أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي الذي أصبح يؤثر علي أحوال ملايين الفلسطينيين وليس هذا فقط بل يلقي بغمامة سوداء فوق المنطقة بأسرها بما في ذلك ال200 ألف جندي أمريكي وحلفاؤهم المنتشرون حاليًا بين بغداد وكابول. وتغيير هذا الوضع المُثقل بالتهديدات يتطلب رغبة في تغيير الطريقة التي تُجري بها حتي الآن عملية السلام التي يجب ألا تنتهي بلعبة إلقاء اللوم المثيرة للسخرية، ولكن تستهدف بإخلاص السلام الإقليمي. إن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بما في ذلك الحكومة الحالية لم تكن قادرة علي اتخاذ قرار استراتيجي بوقف بناء المستوطنات مقابل السلام وقد انتهت المفاوضات ونحن نعرف كل ملامح حل الدولتين. بعد 10 سنوات من كامب ديفيد تعرض 57 دولة عربية وإسلامية علي إسرائيل إقامة علاقات طبيعية مقابل حل دولتين علي حدود 1967، إن الفلسطينيين جاهزون لذلك وقد وضعنا أوراقنا علي الطاولة في انتظار الرد الإسرائيلي.