منذ 25 عامًا بدأ البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فكرة حفلات إفطار الوحدة الوطنية وبادر وقتها بأول حفل في الكاتدرائية بالعباسية لتسير علي دربه باقي الكنائس والأبراشيات بالمحافظات توطيدا لروح المحبة والتآخي بين المصريين. ورغم توقف هذه اللافتة الوطنية لاستثناءات منها سفر البابا للعلاج بالخارج إلا أن بطريرك الأقباط الأرثوذكس حرص علي إرساء مضامين جديدة هذا العام بتنظيم الحفل تحت لافتة أكثر عمقا هي «إفطار العائلة المصرية» لتؤكد للجميع علي أن المسلمين والمسيحيين في مصر عائلة واحدة وسط ترحيب سياسي وديني ومجتمعي بهذه المبادرة.. وأكد علي هذا المعني د.أحمد الطيب شيخ الأزهر مشيرًا إلي أن هناك ارتباطا عضويا بين الإسلام والمسيحية، وأنهما مظهران لدين واحد مصدره واحد في حين شدد البابا شنودة علي ضرورة التصدي لأي محاولات للانقسام ودعاوي إثارة الفتن، مشيرًا إلي أن هذه اللقاءات تصحح الأخطاء التي تحدثها الشائعات. إفطار العائلة المصرية الذي أقامه البابا شنودة مساء أمس الأول بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية وحضره لفيف من رجال الدولة والساسة والبرلمانيين والقيادات النقابية ورموز الفن والمجتمع هو المصطلح الأكثر تعبيرًا عن الواقع المصري.. فالمصريون عائلة واحدة تعيش علي أرض واحدة، ولا يجب أن ينال مثيرو الفتن منها. وأكد الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء علي عمق العلاقة القوية والمحبة المتأصلة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، مضيفًا خلال الحفل: «نحن في هذا الحفل لنؤكد علي المحبة التي تتزايد بين الحين والآخر وهذا دليل علي أن شعب مصر بخير ولا يمكن أن يمسه سوء وكلنا نلتف حول مصلحة الوطن ونعمل من أجل رفعة مصرنا العزيزة. ومن جانبه قال د. أحمد الطيب شيخ الأزهر في حفل الإفطار الأول الذي يحضره بالكاتدرائية عقب توليه مشيخة الأزهر إن «ارتباط الإسلام بالمسيحية ارتباط عضوي لأن الديانتين مظهران لدين واحد في الأصل وهناك وحدة للمنشأ بين الاثنين بما يشبه صلة الرحم وهو ما عبر عنه النبي محمد - صلي الله عليه وسلم - في حديثه «أنا أولي الناس بأخي عيسي» مشيرًا إلي قصة نصاري نجران الذين شكلوا وفدًا من 60 رجلاً للتحاور مع النبي الكريم حتي حان وقت صلاتهم بالكنيسة فطلبوا مكانًا للصلاة فقال لهم النبي «لكم هذا الجزء من المسجد». وقال الطيب إن مصر موطن الأديان وملتقي الأنبياء وسوف تظل مآذن المساجد وأجراس الكنائس ثابتة للأبد، وستكون رائدة في تعانق الأديان، مطالبًا مواجهة كل من يحاول بشكل أو بآخر تعكير صفو العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر. شدد البابا شنودة علي ضرورة مواجهة الشائعات والمحاولات التي من شأنها تعزيز الانقسام بين أبناء الشعب المصري، قائلاً علينا أن نتحد جميعًا من أجل مصر لأن المحبة دائمًا تبني والانقسام دائما يهدم والوحدة الوطنية ليست مجرد كلام نتحدث عنه إنما هي حياة نعيشها». وأشار البابا إلي أن هذه اللقاءات تسمح بتلاقي الأفكار وتصحح الأخطاء التي تخلقها الشائعات وسوء الفهم لافتًا إلي ضرورة مواجهة محاولات قلة قليلة لإحداث شرخ في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين. وأكد د. أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب أن وحدة مصر لا تحتاج إلي تشريعات ولوائح موجهًا حديثه لجميع شعوب العالم «نحن لا نحتاج دروسًا من أحد ولا نحتاج إلي تأكيد وحدتنا ونرفض أي تدخلات أو قرارات أو ضغوط من الخارج، وسوف نتصدي بقوة لعناصر التطرف والتعصب الأعمي حتي لا يصبحوا وقودًا سهل الاشتعال». لفت سرور إلي مسئولية الكنائس والمساجد والأسرة والمدرسة في مواجهة التعصب والتطرف مضيفا: «مسئوليتنا جميعًا في الترابط تنبع من ذاتنا ولا ترتبط بأجندات خارجية ومشاعرنا تؤكدها مبادئ الدولة المدنية، ولن نسمح بغير المواطنة والمساواة التي أرساها الدستور» واختتم حديثه قائلا: لا نريد حديثًا منمقًا بل حوارا صريحا بقيم وأخلاق مصرية. فيما عبر الفنان عادل إمام الذي حرص علي الحضور عن رفضه لمصطلح «عنصري الأمة» مكتفيا بالقول في كلمته «أنا لا أحب كلمة عنصري الأمة بل نحن شعب واحد». ورأي د. أحمد درويش وزير التنمية الإدارية أن مثل هذه اللقاءات تسمح بإدارة حوار صريح حول جميع القضايا في المجتمع. فيما صرح الأنبا يؤانس سكرتير البابا شنودة أن الكنيسة وجهت دعوة إلي جمال مبارك أمين السياسات بالحزب الوطني، لافتا إلي حرصه علي حضور هذا اللقاء غير أنه أرسل اعتذارا للبابا لسفره خارج البلاد. وشهد الحفل حضورًا كثيفًا من كبار رجال الدولة والوزراء والسياسيين والبرلمانيين وقيادات حزبية ونقابية وفنانين ومنهم صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري والأعلي للصحافة ود.مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والبرلمانية ود.طارق كامل وزير الاتصالات والمستشار ممدوح مرعي وزير العدل ود.مشيرة خطاب وزيرة الأسرة والسكان وعائشة عبدالهادي وزير القوي العاملة وأحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم.