لم تصل الإدارة في الدولة الإسلامية إلي تعيين الحدود الفاصلة بين الدواوين بدقة، ومن هذه الدواوين: ديوان، الجيش وديوان النفقات في بغداد وينظر في كل ما ينفق من أموال الدولة. ويظهر أنه كان يتصل ببيت المال وقد انشئ في عهد هشام بن عبدالملك وديوان بيت المال، وهو في بغداد ويشرف علي ما يرد بيت المال من الأمور وما يخرج من وجوه النفقات والإطلاقات، وديوان زمام النفقات ويشبه ديوان المحاسبة اليوم، وديون الأحداث والشرطة وديوان العطاء وديوان الأكرة ويشرف صاحبه علي الترع والجسور وكل ما يتعلق بشئون الري وديوان الزمام أو الأزمة ويقوم صاحبه بجمع ضرائب العراق والأقاليم الأخري والضرائب النوعية المسماة بالمعاون وديوان المصادرين. وديوان الرسائل «وكان يسمي في مصر في عهد الفاطميين ديوان الإنشاء والمراسلات». وديوان البريد، وديوان التوقيع وتقدم إليه رقاع أصحاب الحاجات وديوان الخاتم، وديوان الفض حيث تفض الكتب الواردة من الأمراء والعمال إلي الخليفة وديوان الجهبذة، ويجري فيه من الأموال مال لكسور والكفار والوقاية وما يجري مجري ذلك من توابع أصول الأمور، وديوان الصدقة. وينظر في موارد الزكاة والصدقات وتوزيعها علي مستحقيها علي ما ورد في القرآن الكريم، ومن هذه الدواوين: ديوان المستغلات أو الإيرادات المتنوعة، ولعل صاحبه كان ينظر في أموال الدويلة غير المنقولة من أبنية حوانيت وحمامات وديوان النفقات وينظر صاحبه في كل ما ينفق من أموال الدولة. ويظهر أنه كان يتصل ببيت المال. الإدارة في عهد الفاطميين: وفي عهد الفاطميين بمصر كانت هناك عدة دواوين علي رأس كل منها موظف كبير، ومن هذه الدواوين: ديوان الجيش، وديوان الكسوة، والطراز، وديوان الأحباس ويشبه وزارة الأوقاف اليوم وديوان الرواتب، ويشرف علي ميزانية الدولة ورواتب الموظفين ومن هذه الدواوين ديوان الشام وديوان الحجاز، وكان عدد الفاطميين في أيام الفاطميين كبيرا نذكر منهم صاحب الباب، وحامل مظلة الخليفة وصاحب الرسالة ويحمل كتاب الخليفة إلي الوزير وغيره من كبار الموظفين، وصاحب بيت المال وهو أشبه بوزير المالية الآن، وقاضي القضاة، وينظر في الأحكام الشرعية وعلي دور السكة وضبط عيارها، ويلي قاضي القضاة في الرتبة داعي الدعاة، ويقوم بنشر الدعوة الفاطمية في المساجد ودار العلم. والمحتسب، وله النظر في الأسواق والاشراف علي الموازين والمكاييل واستيفاء الديون والمحافظة علي الآداب والفضيلة والأمانة. ومن كبار الموظفين في العهد الفاطمي وكيل بيت المال، ونائب صاحب الباب ويستقبل سفراء الدول وينزلهم في الأماكن اللائقة بهم، ويرتب القراء الذين يقرءون القرآن بحضرة الخليفة ويعرفون بقراء الحضرة. الشرطة: ذكرنا من قبل أن نظام الشرطة من النظم الإدارية المهمة وأن صاحبها كان يختار من علية القوم ومن أهل العصبية والقوة، وأنه أشبه بالمحافظ ويعتمد الخليفة علي صاحب الشرطة لحفظ النظام والقبض علي الجناة والمفسدين. وقد حدد ابن خلدون المهام التي يضطلع بها صاحب الشرطة في هذه العبارة فقال وكان أصر وضعها في الدولة العباسية لمن يقيم أحكام الجرائم في حال استبرائها أولا، ثم الحدود بعد استيفائها، فإن التهم التي تعرض في الجرائم لا نظر للشرع إلا في استيفاء حدودها، وللسياسة النظر في استيفاء موجباتها بإقرار يكرهه عليه الحاكم إذا احتفظت به القرائن لما توجبه المصلحة العامة في ذلك. فكان الذي يقوم بهذا الاستبراء باستيفاء الحدود بعده إذا تنزه عنه القاضي يسمي صاحب الشرطة. وربما جعلوا إليه النظر في الحدود والدماء باطلاق، وأفردوها من نظر القاضي، ونزهوا هذه المرتبة وقلدوها كبار القواد وعظماء الخاصة من مواليهم ولم تكن عامة التنفيذ من طبقات الناس إنما كان حكمهم علي الدهماء وأهل الرتب والضرب علي أيدي الدعار. والفجرة كانت ولايتها للأكابر من رجالات الدولة ترشيحا للوزارة والحجابة. «للحديث بقية»