لا يخفي علي أحد أن الأوروبيين بصفة عامة والفرنسيين بصفة خاصة يشعرون بالضيق لعدم دعوتهم للمشاركة في احتفالية إطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين بواشنطن وقد عبر عن هذا الضيق وزير الخارجية الفرنسي عن الغياب الأوروبي عن تلك الاحتفالية حينما وصفه بأنه أمر سييء لكنه ليس معروفا لماذا حرمت واشنطن علي حضور الرئيس مبارك والملك عبدالله بينما لم تحرص علي وجود ممثل للاتحاد الأوروبي؟ علي كل حال أيا كانت أسباب الحرص الأمريكي علي حضور بعض القادة وعدم الحرص علي حضور آخرين، فان مصر تري أن مشاركتها في هذه المناسبة أمر ضروري.. فالمناسبة خاصة باطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي تستهدف التوصل الي اتفاق علي انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية المحتلة وآفاق الدولة الفلسطينية المستقلة.. والرئيس مبارك يري ان المفاوضات في ظل الاوضاع العالمية والاقليمية الراهنة هي السبيل لانهاء الاحتلال الاسرائيلي واستعادة الفلسطينيين حقوقهم. أما السبب الآخر الاهم لمشاركة الرئيس مبارك في مناسبة اطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين بواشنطن فهو عدم ترك الرئيس الفلسطيني أبو مازن لكي ينفرد به الاسرائيليون والامريكيون بمفرده.. أبو مازن كان ومازال يحتاج للدعم المصري والعربي لتعزيز مواقفه وتثبيت اقدامه ومساندته في تقديم المطالب الفلسطينية علي مائدة المفاوضات.. انها رسالة للاسرائيليين والأمريكيين بأن أبو مازن ليس بمفرده، وأنه مدعوم مصريا وعربيا، وأن ما يطالب به يشاركه فيه ويؤيده المصريون والعرب. هذا ما سوف يسمعه الرئيس الأمريكي سواء في المباحثات الثنائية أو علي مائدة الافطار التي دعا اليها.. وسوف يسمع ايضا من الرئيس مبارك ان الحل الناجع للصراع العربي الاسرائيلي هو الحل العادل والحل العادل وحده هو الذي يمكن ان يقبله الفلسطينيون وتدعمه مصر ويسانده العرب كلهم.. وهذا الحل العادل لابد ان يستهدف انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية المحتلة لا التحايل لاستمرار هذا الاحتلال بدعوي الامن وضروراته.. وهذا الحل العادل ايضا لابد ان يشمل اقامة دولة فلسطينية حقيقية، مستقلة وقابلة للحياة، وليس دولة مسخ أو دولة كاريكاتورية أرضها مباحة لقوات الاحتلال الاسرائيلي في أي وقت، وتقع تحت حصارها، وتستطيع اسرائيل خنق اقتصادها في أي وقت. إن الاسرائيليين يعتقدون أن الرئيس الفلسطيني في أضعف حالاته الآن.. فهو يخوض صراعا حادا مع حماس التي تسيطر علي قطاع غزة، ويواجه معارضة واسعة داخل ليس فقط منظمة التحرير الفلسطينية، إنما حتي داخل منظمته الأساسية «فتح» التي يرأسها أيضا.. وبالتالي فان الفرصة باتت مواتية للضغط عليه واملاء حل أعرج وغير عادل عليه، أو علي الأقل استمرار اهدار الوقت وفرض أمر واقع يصعب تغييره في الأراضي المحتلة بالمستوطنات التي يتم زرعها ولم تتوقف بعد حتي في ظل التجميد الجزئي الاسرائيلي للاستيطان. هنا كان لابد أن تمتد مصر بطوق النجاة لأبومازن ليس لشخصه، وإنما دفاعا عن حقوق الفلسطينيين التي حملها معه الي واشنطن ليطرحها علي مائدة المفاوضات المباشرة.