هناك مقولة مأثورة تقول (القانون لا يعرف زينب وزينب في تلك العبارة هي لفظ يرتد علي عدم المساواة أمام القانون وبمعني آخر فان العبارة تعني . القانون لا يعرف الفساد). ولكن دائما ما تأتي الرياح بمالا تشتهي المأثورات وبمالا ترغب القواعد والتقاليد والاعراف مهما بدت عادلة ومقبولة. دائما ما ارتاد الشوارع بسيارتي وأحرص تمام الحرص علي الالتزام بالاشارات المرورية والعلامات التحذيرية التي تعج بها الشوارع في القاهرة وفي نهار أحد الأيام الرمضانية وأثناء مروري في أحد شوارع القاهرة الراقية وجدت سيارة مسرعة تأتي في الاتجاه المعاكس ووقفت أمام سيارتي تماما طالبا مني قائدها أن أعود بسيارتي إلي الخلف حتي يتمكن من العبور بسيارته وبالطبع اشتطت غضبا علي الرغم من كم الصبر الرهيب الذي اتحلي به عادة في رمضان ووجهت اليه هتافا يملؤه الانفعال الرحيم عله لا يفهم الأمور بحسن نية ويعتقد أن اتجاه سيره هو الاتجاه السليم وقلت له، سيدي ان الشارع اتجاه واحد وأنت تسير في الاتجاه الخاطئ، نظر الي بلا مبالاة احسده عليها مرددا بتلقائية اتجاه! أي اتجاه؟ زينب تقف علي بداية الشارع ولقد ارضيتها... وهي موافقة علي ان اعبر ،ممكن تسمح لي بالمرور. واستطرد قائلا ولماذا تنهرني يا سيد؟ أن جميع السيارات في الشارع تركن «صف ثان»، وتأتي من بعدي في ذات الاتجاه وقد رأتها زينب أيضا وتراضوا جميعا معها، لم يرحمني الحدث أو تمهلني الظروف فجأة وجدت زينب امامي وتطلب مني ان اركن علي جنب حتي اسمح لهذه السيارات التي سمحت لها بالمرور عكس الاتجاه بالسير ، قلت لها ماذا تفعلين يازينب هذه هي حراستك للقانون وسهرك علي تنفيذه، اي حق يسمح لك بهذا واي سلطة تملكينها لتفرضي الخطأ وتعترضي الصواب؟ قالت بلا اكتراث يا سيد رمضان كريم والعيشة غالية هاعمل إيه وبعدين لا تكثر في الحديث ان حديثك يعطل المرور ووجهت نظرة حادة الي استطردت بعدها انت تستحق غرامة للوقوف في الممنوع وتعطيل المرور واشتاط غضبي أكثر وأنا أحاول أن احلل تلك القدرة العجيبة التي اصبحت لدي زينب في أن تحول الجاني إلي مجني عليه وتذكرت قول صلاح منصور في فيلم الزوجة الثانية (الدفاتر بتاعتنا والسجلات معانا اكتب يا راجل اكتب) قارنت المشهد بالوضع ، وبالفعل فزينب تحتاج الي جهد أكبر من قدرة رجل يقف في وجهها وعشرات السيارات من حوله تريد ان تعبر في الممنوع و يعطلها موقفي النافر من هذا السلوك المهين لسيادة القانون استسلمت لقدري وطلبت منها ان تسمح لي بأن أذهب إلي المحكمة، فردت زينب أنت ذاهب إلي المحكمة سانصحك نصيحة لا انصحها الا لغال أن أخوتي منتشرون في المحكمة تجدهم في غرف الكتبة وأمناء السر والمحضرين يستطيعون ان ينجزوا جميع ما لا تستطيع انجازه، ولو عايز تعطل تنفيذ حكم او ترفع قضية وتحصل علي حكم من غير خصومك ما يعرفوا لو عايز ملف القضية يجي لغاية مكتبك قول بس إنك من طرف زينب وعلي فكرة أنا اخواتي في كل مكان في الأحياء لو عايز رخصة أو حتي عايز تخالف القانون وفي غش الأغذية كل اللي أنت شايفهم بيبيعوا الأغذية في الشارع والمحلات بيقولوا احنا تبع زينب اسأل القذر وعبده هوهو بتوع الكبدة وفي المدرسة اخواتي يحتكرون الدروس الخصوصية يعني العيل من صغره يتعلم قانون زينب واللي مفيش أعمال سنة والواد يسقط آخر السنة. واحسست أنني أسمع كل من حولي يهتفون زينب زينب تحيا زينب يصعقني ترديد ما سمعته من زينب علي قدر ما فجعت من هذا الواقع الذي نحياه والذي اصبح لزينب فيه أذرع في كل مجال وباع في كل عمل من الاعمال فيوفي أن الفساد أصبح ثقافة مجتمعية وقناعة راسخة لدي رجل الشارع يسمي بمسميات مختلفة مرة فهلوة وتارة شطارة ومرة تفتيح مخ والجدع إلي يوصل لزينب. أن حل هذه المشكلة لن يكون من خلال فرض قوانين اضافية أو آليات لمراقبة تنفيذ تلك القوانين أو حتي من خلال اجهزة رقابية فاعلة بقدر ما يعزو إلي إرجاع الامر الي المسئولية المجتمعية لكل فرد كوحدة من كل في جميع الوظائف داخل الدولة فلا تمثيل للمسؤلية الفردية في هذا الصدد فالمسئولية هي مسئولية أفراد ومؤسسات وهيئات ونقابات ونواد ودور عبادة. فإن دور المؤسسات الإعلامية التي تنفق المليارات علي الاعمال الدرامية دون ان تركز علي تقديم معالجات حقيقية لقضايا الفساد تؤثر في المواطنين وتدفعهم إلي لعب أدوار ايجابية في داخل مجتمعاتهم وعلي المؤسسات وتقضي علي ثقافة الفساد وعلي المؤسسات التعليمية أن تشتمل برامجها علي تدريب النشء علي احترام مبدأ المساواة وعدم التمييز وسيادة القانون ولا تسعي لتكريسه.