كان عام 2003 علامة بارزة علي طريق السياحة المصرية ففي هذا العام واجهت مصر كما واجهت كل أسواق العالم السياحية أسوأ ما تعرضت له من أزمات بعد أحداث سبتمبر الشهيرة ووجدت نفسها مهددة بفقدان ما كانت قد حققته بالفعل من حصاد سياحي كبير وكان لابد من استراتيجية متماسكة لتجاوز الأزمة المريرة وبسرعة اهتدت وزارة السياحة آنذاك لمفتاح هذه الاستراتيجية التي مكنت مصر من التعافي أسرع بكثير مما أمكن لأي سوق سياحي ان يفعل وتمثل هذا المفتاح في قاعدة حاكمة هي: ترويج أكثر.. سياح أكثر.. وهكذا خاضت مصر معركة ناجحة أساسها الانتشار الإعلامي في كل ارجاء العالم وسط احداث جسام وعداء غير مسبوق للإسلام وللهوية العربية. هذه الاستراتيجية الإعلامية بلورها وزير السياحة الأسبق د.ممدوح البلتاجي والذي ترك الوزارة والوارد السياحي 1.8 مليون سائح والذي كان يجري علي الأقل مقابلة صحفية يوميا وتسجيلا تليفزيونيا أو مقابلة أحد الصحفيين مهما كان حجمه أو حجم صحيفته.. وكان دائما يؤكد علي أن شرح وضع مصر السياسي واستقرارها الأمني وبعدها عن مناطق التوتر ووجهة نظرها لابد أن تصل الي كل فرد في العالم فالتليفزيون الأمريكي يتساوي مع التليفزيون في بنجلاديش والاثنان يستويان، فالعالم كله يعني من وجهة نظري سواحا أرغب في أن يروا مصر. وما أشبه اليوم بالأمس فنحن اليوم أحوج ما نكون إلي الوصول للعالم لكي يري مصر علي حقيقتها بلدا آمنا متحضرا يرحب بسواحه ويتباهي بأنه يملك كل هذا الثراء من التراث الإنساني الذي خصه به الله من دون العالم أجمع ونحن احوج ما نكون لهذا إلا أن الظروف السيئة لا تزال موجودة بالأمس كان الإرهاب وزاد عليه التوربيني والخلاف الطائفي الذي ترغب طائفة في فرضه علينا تارة بقضية شكلية وهي قضية الحجاب وأخري بمحاولة حث الشباب علي انتهاج نهج الطائفية في فلسطين ولبنان ودفعهم دفعا في مظاهرات الأزهر التي اختلقها دعاة الطائفية في مصر في محاولة منهم لبث الفرقة بين الطلبة وادارة التعليم في الجامعة لكن خاب الظن وجاءت النتائج بمالا تشتهي السفن وهزمت الطائفية بعد ان راهنت علي الجماهير فخذلتها شر الخزي وانصرفت عنها بعد أن فشلت في تحريك باقي الطلاب في جامعة واحدة فما بالك بالشعب كله؟ وبعيدا عن قضية التوربيني وقضية الطائفيين الفاشلة فالسياحة في مصر أمامها تحديات كثيرة ودور خبرائها هو الانفتاح علي العالم اجمع بفكر متحضر وإعلام يستطيع ان يؤثر في المواطن الاوروبي والعالمي بشكل عام فالتمكن من ادوات الاعلام الكاملة هو الطريق الذي يفهمه العالم والإعلام يحتل المرتبة الأولي بجانب التكنولوجيا ولا يمكن ان يستغني أحدهما عن الآخر لذا فأنا أري أن ميزانية الدعاية والتنشيط السياحي ليست كافية وان علينا ان نعيد النظر في المبالغ المرصودة للدعاية وان نحسن التصرف فيها وليس عيبا ان نستعين بالخبراء في هذه المجالات حتي نستطيع ان نصل الي ما نرجو الوصول اليه من الوارد السياحي الذي لا يزال يتعثر منذ عام 2004 حتي الآن ويلعب فقط علي هامش 4% زيادة في ثلاثة سنوات؟!! وإلا بماذا يبررون وصول السياحة المصرية إلي 1.8 مليون سائح قبل 3 سنوات؟ أم انهم لايزالون يؤمنون بأن السياحة قادمة.. قادمة وبدون جهود! ان حضور مصر في جميع المحافل الدولية والأسواق والمعارض هو الذي يمكنها من التعريف بحاضرها وماضيها ومستقبلها وهو الذي يمكنها من التفوق السياحي، ويمكنها أيضا من تحديد الأسواق الأكثر استجابة للتحرك التسويقي وتنفيذ حملات ترويجية. أما الحملات الترويجية في الداخل فهي التي تصنع الوعي بأهمية السياحة والسياح في حياتنا لتزداد حرصا علي تقديم أفضل صورة عنا كشعب وحضارة ونزداد حرصا علي الاحتفاء بالسياح والعناية بهم وخدمتهم واستثمار وجودهم بيننا لزيادة عائداتنا من السياحة التي تقدم لمصر والمصريين الكثير. إن صورة مصر الآن في العالم ليست واضحة فما يظهر منها للعالم هو أطفال الشوارع والتوربيني والمظاهرات الطائفية ومن الضروري تكثيف الدعاية والإعلان وزيادة الحركة الإعلامية في رسالة واضحة يفهمها العالم نوضح فيها جهودنا من أجل توفير حياة آمنة سعيدة للسائح مع شرح وافٍ بهذه الظواهر الغريبة علي مجتمعاتنا والتي هي في الحقيقة ظواهر مرضية يعاني منها أي مجتمع والعالم، لكن العالم يعرف كيف يدافع عن نفسه في مثل هذه القضايا بحيث لا تؤثر في نموه السياحي أما نحن فجريا علي عاداتنا تترك القضايا تحل نفسها بنفسها وغالبا ما تتفاقم وبعدها نلطم الخدود.