في هذه الحلقة سنعرض لمنشأ العرب حيث أشار الكاتب جوستاف لوبون إلي أن العرب واليهود والعبريين والسوريين والفينيقيين من أصل واحد وهي أمم تجانست لغاتها ولهم مثالان أحدهما يتصف بالقامة المعتدلة والوجه الطويل والأنف الضيق والأعين السوداء وهذا واضح في المصريين والسوريين وبني إسرائيل، أما المثال الثاني فيتصف بالقامة الطويلة والوجه العريض ومنهم اليهود وعرب الجنوب في مصر، لذلك نجد أن القرابة بين العرب واليهود وثيقة ولكن قليلة الشبه، وطبقا لما ورد في الكتاب بالحرف الواحد: حيث إن اليهودي الذي عرف منذ قرون بالنفاق والجبن والبخل والطمع وأنه لمن الإهانة للعربي أن يقارن باليهودي فهو من عرق ذليل غير محترم، وتتنوع شعوب العرب ما بين الأبيض والأسود ويتبين ذلك في أهل الحضر عن أهل الجبال بل هناك في بادية الشام أناس شقر زرق العيون كما أن هناك زنوجًا في نجد، والفارق الأساسي بين العرب هو طرق معايشهم وطبائعهم حيث كانوا قديما من قبائل ترتحل طبقا لحالة المراعي في الصحراء، يتميزون بغموض الملامح واعتدال القامة والقوة والخيلاء والذكاء النادر والفروسية ولم يتبدل فيهم شيء منذ ثلاثة آلاف سنة، وسكان البدو ينقسمون إلي قبائل صغيرة لكل منها شيخ أو أمير، دائما في حروب لأتفه الأسباب عملا بمبدأ الثأر القائل بأن العين بالعين والسن بالسن، ويقول هيردر إن العرب ذوو فتوة وهم أحرار كرام يجمعون بين الفضائل والمساوئ ومنها الصبر والاحتمال وحب الحرية مع الشرف وأنهم يجمعون بين الأضداد ما يدعو للمقت وللإعجاب معا. الأعراب يحبون الحرية فهي أغلي شيء لديهم ولم يقدر جميع الفاتحين من السيطرة عليهم بل العكس صحيح لأن الأعراب يفخرون بسلب القوافل وهم محاربون أشداء يستخفون بسلطان الحضارة ويفضلون عليها عيشة البادية، وبالجملة فهم من أفضل أمم الأرض كرما ونبلا، ولقد وصف بلجريف الوهابيين بأنهم أشد العرب مكرا أما عرب سوريا من أهل الحضر فهم يحترمون الضيف كما أن بينهم موارنة ودروزًا ونصاري وبعض الشيعة والأكراد بل سكان المدن في سوريا بينهم بعض اليهود والمصريين وهم يتصفون بالذكاء والمكر، أما عرب مصر فهم نتيجة توالد سكان مصر الأصليين والعرب الفاتحين حتي أن عرب النيل هم الوارثون لتقاطيع قدماء المصريين واحتياجات الفلاح المصري قليلة، وهناك فروق بين أهل الحضر وأعراب مصر لما لهم من طرق معيشة خاصة ولأن الأعراب لا يختلطون بسواهم بينما أهل المدن لا صلة لهم بالبدو كما أن الأقباط المقيمين بمصر يقطنون مصر العليا مثل أسيوط، كما أن الترك في مصر تتألف منهم طبقة ارستقراطية لا تختلط بالسكان، عرب افريقيا أهل بدو وأهل حضر هم مزيج من الرومان والبربر والترك والزنوج بعكس عرب اسبانيا الذين نتج منهم عرق جديد له من الذكاء والفروسية الكثير، أما عرب الصين فينحدرون من أربعة آلاف جندي أمدهم الخليفة أبو جعفر إلي الإمبراطور سوتسونج عام 755م ومن الملاحظات أنهم يتصفون بالصدق والشرف واستطاعوا مواءمة البيئة، ومازال للمقال بقية تتناول ربط حضارة العرب بالمستقبل لأن الحاضر هو عبد الماضي وهو أيضا سيد المستقبل. العرب قبل ظهور محمد ([) كانوا أقدم من العبريين وأنهم بني قحط، في اليمن وبنو إسماعيل في الحجاز ومن أخبارهم أن اليمن كانت مقرا لأقوي دول الأرض نحو ثلاثة آلاف سنة وأن قبائل البدو كانت في حروب تبدأ فجأة ثم يفرون للبادية عند المطاردة، وكان لهم أثر في الحروب بين الفرس والرومان بل كان ملوك الحيرة لديهم القصور الفاخرة لمدة أربعة قرون حتي خضعت للدولة الساسانية إلي أن دالت دولة فارس عند ظهور الإسلام رغم أن الأحباش استولوا علي اليمن لفترة.